عطوان : ماذا يعني القرار الإيراني بوضع القوات الامريكية في آسيا والشرق الأوسط والقرن الأمريكي على قائمة الارهاب؟
إب نيوز ٩ ابريل
عبد الباري عطوان :
ماذا يعني القرار الإيراني بوضع القوات الامريكية في آسيا والشرق الأوسط والقرن الأمريكي على قائمة الارهاب؟ هل هو ضوء اخضر لمهاجمة هذه القوات؟ وكيف حول نتنياهو صديقة “ترامب” رئيسا لحملته الانتخابية؟ ولماذا نتوقع نتائج كارثية على بلديهما وحلفائهما في المنطقة العربية؟
لا يمكن النظر الى القرار الأمريكي بإدراج الحرس الثوري الإيراني على لائحة الإرهاب بعيدا عن التصعيد الأمريكي على كافة الصعد ضد ايران، مع اقتراب موعد تطبيق المرحلة الثانية من العقوبات الامريكية مطلع شهر آيار (مايو) المقبل لمنع أي صادرات نفطية إيرانية الى الخارج، ولا نستبعد ان تكون الخطوة الاستفزازية هذه احد فصول الخطة الامريكية الإسرائيلية وشيكة التنفيذ بعد هذا التاريخ.
ان هذا القرار ليس أمريكيا وانما هو قرار إسرائيلي بالدرجة الأولى فضحه بكل وضوع بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، عندما وجه الشكر لـ”صديقه” ترامب الذي استجاب لطلبه في هذا الخصوص.
الرد الإيراني جاء سريعا وعلى اعلى المستويات ابتداء من السيد علي خامنئي، المرشد الأعلى، مرورا بوزير الخارجية المعتدل، محمد جواد ظريف، وانتهاء بالرئيس حسن روحاني، وتمثل في تصنيف جميع القوات الامريكية العاملة في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والقرن الافريقي على قائمة الجماعات الإرهابية.
الحرس الثوري الإيراني لن يتأثر بالقرار الأمريكي، ولكن القوات الامريكية هي التي قد تدفع ثمنه دما فيما هو قادم من أيام، لانها قد تكون هدفا لهجمات من اذرع ايران الضاربة في لبنان وسورية والعراق وباكستان ودول أخرى.
***
منع عناصر الحرس الثوري الذي يعتبر رسميا احد الوية الجيش الإيراني من دخول الولايات المتحدة لن يكون له أي قيمة على ارض الواقع، فهؤلاء لا يقفون في طوابير طويلة امام القنصليات الامريكية للحصول على تأشيرة دخول لقضاء اجازاتهم للتسوق من اسواق ومحلات الموضة فيها، او في كاليفورنيا لقضاء إجازة في منتجعاتها.
الرئيس روحاني كان محقا في اتهامه للولايات المتحدة بأنها زعيمة الإرهاب الدولي داعما هذا الاتهام بالتذكير بأسقاط صاروخ امريكي لطائرة مدنية إيرانية فوق الخليج عام 1998 وقتل 290 من ركابها، ونضيف من عندنا لائحة طويلة من المجازر التي ارتكبها الجيش الأمريكي قبل وبعد احتلال العراق، وفاق عدد ضحاياها المليونين.
الأمير محمد بن سلمان اعترف بالصوت والصورة في احد مقابلاته التلفزيونية ان الولايات المتحدة هي التي طلبت من بلاده نشر المذهب الوهابي، ودعم العديد من المنظمات الإسلامية المتشددة لقتال الشيوعية، وقوات الاتحاد السوفييتي، ليس في أفغانستان فقط، وانما في مختلف انحاء العالم، اما الشيخ حمد بن جاسم، رئيس الوزراء القطري الأسبق، فأكد ان بلاده لم تدفع دولارا واحدا للجماعات “الإرهابية” في سورية دون تنسيق مع الولايات المتحدة وأجهزة مخابراتها، وعلى رأسها “سي أي ايه”.
الرئيس ترامب وهو يغرد بهذا القرار الخطير نسي ان هناك اكثر من 5500 جندي امريكي يتواجدون في قواعد عسكرية في العراق، وان الفتوى التي أصدرها السيد خامنئي قبل بضعة أيام اثناء لقائه مع السيد عادل عبد المهدي طالبت بإخراج هذه القوات بأسرع وقت ممكن، وهذا يعني استهدافها بهجمات انتحارية على غرار ما حدث لقوات المارينز في بيروت عام 1983، وادت الى مقتل 299 جنديا أمريكيا وفرنسيا، ولا نعتقد ان ترامب الذي بات “العوبة” بين يدي صديقه نتنياهو يعرف هذه الحقائق.
في العراق هناك فصائل الحشد الشعبي التي تضم اكثر من الف مقاتل، الى جانب امتدادات لها في سورية ولبنان ودول عربية وإسلامية أخرى، ولا نعتقد ان هؤلاء سيترددون لحظة في تنفيذ أي أوامر تصدر لهم بمهاجمة القوات الامريكية، والإشارة للقرن الافريقي في البيان الصادر عن مجلس الامن الإيراني الأعلى لا نعتقد انها وردت بمحض الصدفة، انما في اطار خطة مدروسة، وربما للتذكير بإسقاط طائرة أمريكية في الصومال عام 1993 ومقتل معظم الذين كانوا على متنها، الامر الذي دفع الإدارة الامريكية في حينها الى الهروب في أيام معدودة من المنطقة بأسرها خوفا ورعبا.
الرئيس ترامب بات مهندس الحملة الانتخابية لنتنياهو ومنفذ اجنداتها، ومجندا الناخبين الإسرائيليين في خدمتها، فبعد نقل السفارة الامريكية الى القدس المحتلة، وضم هضبة الجولان، اسقاط صفة الاحتلال عن الضفة والقطاع، ها هو يضع الحرس الثوري الإيراني على قائمة الإرهاب.
***
هذه “الصداقة” بين ترامب ونتنياهو ستقود العالم الى اتون حروب قد تحصد أرواح مئات الآلاف من الأبرياء، ان لم يكن اكثر، ومن العرب والمسلمين خاصة، ولكن هذا لا يعني ان إسرائيل ستكون في مأمن، وقد تخرج من هذه الحروب الخاسر الأكبر، هذا اذا بقيت فوق الأرض.
فاذا كان السيد يحيى السنوار، قائد “حماس” في قطاع غزة، قد هدد بإزالة المدن والمستوطنات الإسرائيلية مثل اسدود وعسقلان وحتى وتل ابيب من الوجود، فماذا سيقول السيد حسن نصر الله الذي يملك 150 الف صاروخ، واللواء قاسم سليماني، رئيس فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، ونحن هنا لا نتحدث عن سورية والعراق اللذين انضما بقوة الى محور المقاومة.
نتنياهو يلعب بالنار، ويريد توريط صديقه ترامب “المضبوع” بسحره واكاذيبه، ونجزم بأن هذه النار لن تحرق اصابعهما فقط، وانما معظم، ان لم يكن كل الإسرائيليين وحلفائهم العرب الذين رحبوا بالقرار الأمريكي المذكور خاصة، وهللوا له.. والأيام بيننا.