عبدالباري عطوان: تغييراتٌ غامِضَةٌ في المشهد السودانيّ: لماذا استَقال الجنرال بن عوف “فجأةً”
إب نيوز ١٣ ابريل
عبدالباري عطوان:
تغييراتٌ غامِضَةٌ في المشهد السودانيّ: لماذا استَقال الجنرال بن عوف “فجأةً” وحلّ محلّه الجِنرال برهان بعد 24 ساعة فقط؟ وما علاقة العُقوبات الأمريكيّة وحرب اليمن في هذا التّغيير؟ ولماذا أيّد حزب المهدي الجِنرال الثّاني؟
حتّى كتابة هذه السطور يبدو أنّه من الصُعب على المُتابع لتطوّرات الأحداث المُتسارعة في السودان معرفة الأسباب التي أدّت إلى استقالة الفريق الأوّل عوض بن عوف بعد يومٍ واحدٍ من تولّيه رئاسة المجلس العسكري، أو تنازله للفريق أوّل أيضًا عبد الفتاح برهان، وقبل اكتِمال 24 ساعة من تولّيه هذا المنصب.
لا نُجادل مُطلقًا في أنُ الإطاحة بالرئيس عمر البشير كان استجابةً للحِراك الشعبيّ، وليس تفضّلًا من المؤسسة العسكريّة، ولكن لماذا هذا التّغيير المُفاجِئ الذي أدّى إلى الإطاحة بالفريق بن عوف والإتيان بنائبه برهان، فهل يعود ذلك إلى أنّ الأوّل، أيّ بن عوف، كان وما يزال مُدرجًا على لائحة العُقوبات الأمريكيّة، وتولّى وزارة الدفاع، وكان نائبًا للرئيس البشير، أم أنّ هُناك أسبابًا أُخرى يبدو أنّها من أهم ألغاز المشهد السودانيّ الحاليّ، ونتمنّى التعرّف عليها.
سُؤال آخر لا يُمكننا تجنّبه وهو عن ترحيب حزب الأمة المُعارض الذي يتزعّمه السيد الصادق المهدي بالتّعاون مع الفريق برهان ومجلسه العسكريّ الذي قرّر تشكيل حكومة مدنيّة، واختصار المرحلة الانتقاليّة في أربعة أشهر فقط، وأبعد رئيس جهاز المُخابرات من السّلطة؟
لا نملُك معلومات مُوثّقة، ولكن من خِلال قراءة لما بين السّطور، يُمكِن القول بأنّنا نشُم رائحة تدخُلًا أمريكيًّا والحُلفاء الخليجيين في الأزَمَة السودانيّة، وخاصّةً المملكة العربية السعوديّة من خلف سِتار.
نشرح أكثر ونقول أنّ الفريق أوّل برهان كان قائدًا للقوّات البريّة، ومن أكثر الجنرالات قُربًا من الرئيس البشير، وتأييدًا لإرساله قوّات سودانيّة للقِتال في الحرب اليمنيّة بقيادة التحالف السعوديّ الإماراتيّ وإدارته.
التّأييد الأمريكيّ للمجلس العسكريّ انتقل من مرحلة التردّد إلى التّأييد الواضح بعد الإقالة “الغامِضة” للجنرال بن عوف واستبداله بالفريق أوّل عبد الفتاح برهان، فهل هذا يعني أنّ السودان القادم سينال الرّضا والمُباركة الأمريكيّة، ويخرُج من دائرة العُقوبات في الأيّام القليلة المُقبلة؟ وهل سينضم إلى حِلف “النّاتو العربي” الذي هو في طَور التّشكيل؟
تجمّع المهنيين طالب باستمرار الاحتجاجات حتى يتم تسليم السلطة إلى حُكومة مدنيّة وعودة العسكر إلى الثّكنات، وأكّد “أنّ الانقلابيين ليسوا أهلًا للتّغيير”، وهو موقف مسؤول يعكس تخوّفًا من وجود أجندات غير معروفة لقيادة المؤسسة العسكريّة حتى الآن.
موقف القائد الجديد للمجلس العسكري، الفريق أوّل ركن عبد الفتاح البرهان من حرب اليمن ومُشاركة قوات سودانيّة فيها، سلبًا أو إيجابيّةً، هو الذي سيُجيب عن كُل التكهّنات والأسئلة التي طرحناها في بداية هذه الافتتاحيّة، وسيُسلّط الأضواء على الهُويّة السياسيّة والأيديولوجيّة للمجلس العسكريّ الجديد.. واللُه أعلم.
“رأي اليوم”