عبد الباري عطوان : هل يكسر الرئيس السيسي “المحظور” ويرسل قوات “علنيا” الى ليبيا لمساعدة صديقه المشير حفتر ؟
إب نيوز ١٤ ابريل
عبد الباري عطوان :
هل يكسر الرئيس السيسي “المحظور” ويرسل قوات “علنيا” الى ليبيا لمساعدة صديقه المشير حفتر على حسم الحرب في طرابلس؟ وهل ستوفر الامارات المزيد من الغطاء الجوي؟ وكيف سيكون رد تركيا وقطر وإيطاليا؟ ولمن الفوز في أي مواجهة عسكرية إقليمية ودولية “موسعة” وشيكة؟
كان من المفترض ان تبدأ اليوم الاحد في واحة غدامس، جنوب ليبيا، جلسات ملتقى الحوار الوطني الليبي الذي ترعاه الأمم المتحدة، ويهدف الى التوصل الى حل سياسي بين مختلف القوى المتصارعة، وبما يمهد لانتخابات تشريعية عامة قبل نهاية العام، ولكن الهجوم الذي شنه الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر على العاصمة طرابلس نسف هذا الملتقى، ووضع البلاد امام عدة خيارات، فإما ان يسيطر المشير حفتر وجيشه على العاصمة ويوحد كل الأراضي الليبية تحت سيطرته، وينصب نفسه رئيسا للبلاد، او يواجه هزيمة ثقيلة ترده على اعقابه، وربما تؤدي الى اضعافه، وخسارته للمناطق التي اخضعها لحكمه في جنوب البلاد ووسطها وشرقها.
هناك قوتان تنخرطان في معركة طرابلس الحاسمة حاليا، وكل منهما تدعي الفوز، الأولى بقيادة المشير حفتر الذي يحظى بدعم سعودي اماراتي مصري فرنسي، والثانية حكومة الوفاق الوطني المعترف بها امميا، وتحظى بدعم قطر وتركيا وإيطاليا، الى جانب فصائل إسلامية ليبية وعلى رأسها قوات مصراته القوية والمنظمة.
***
من الواضح ان قوات الجيش الوطني القادمة من الشرق تواجه صعوبة في تحقيق أهدافها في السيطرة بالسرعة المتوقعة على العاصمة طرابلس، رغم التقدم الذي حققته في منطقة غريان الجبلية الوعرة جنوب العاصمة، ووصولها الى أطرافها، أي العاصمة، واحكام السيطرة على مطار طرابلس الدولي المغلق، وتعطيل الملاحة الجوية في مطار معيتيقة الذي كان خاضعا لحكومة الوفاق، فالقوات التابعة “لميليشيا” مصراته ذات الطابع الإسلامي، والمدعومة من قطر وتركيا وحركة “الاخوان المسلمين”، أرسلت عدة وحدات الى العاصمة لتعزيز دفاعاتها في وجه المشير حفتر، وأخرى لشن هجوم مضاد لاستعادة المناطق التي سيطرت عليها قواته.
المشير حفتر الذي اعلن المتحدث باسمه اللواء احمد المسماري، ان قواته تسيطر على 95 بالمئة من حقول وموانئ النفط في ليبيا كان من الممكن ان يشارك في مؤتمر غدامس من موقع قوة بحكم سيطرته على معظم الأراضي الليبية ايضا، ولكنه اختار الحسم العسكري، معتقدا ان اهل طرابلس الذين يعانون من فوضى الميليشيات الدموية سيرحبون به وقواته على غرار اهل الجنوب الليبي حيث دخل فزان دون ان يخسر جنديا واحدا، ولكن فزان شيء وطرابلس شيء آخر.
المشير حفتر يريد ان يحقق حلمه التاريخي في ان يكون رئيسا لليبيا ولو ليوم واحد، وينتقم من خصومه الإسلاميين وداعميهم، لان كل العروض المقدمة اليه في إطار التسويات السياسية تحرمه من تحقيق هذا الحلم، وتحصر مستقبله في وظيفة قائد للجيش او وزير للدفاع، وهذا ما يرفضه، وسيظل يرفضه في المستقبل المنظور.
التطور الأهم في المشهد الليبي هو طيران المشير حفتر المفاجئ الى القاهرة، ولقاؤه اليوم مع “المشير” عبد الفتاح السيسي، رئيس مصر، وداعمه الأكبر، وعدو الاخوان المسلمين والإسلام السياسي الأبرز، في قصر الاتحادية في القاهرة.
لا نعرف ماذا جرى في هذه “القمة” المفاجئة من اتفاقات، ولكننا لا نستبعد ان يكون المشير حفتر قد طلب من صديقه السيسي دعما عسكريا مباشرا لإنهاء حالة الجمود الحالية في طرابلس وتسريع الوصول للحسم العسكري.
الرئيس السيسي الذي رفض التجاوب مع طلب سعودي اماراتي بإرسال قوات مصرية للمشاركة في حرب اليمن، ربما يتردد في التعاطي إيجابيا مع طلب مماثل لحفتر، ولكن ليبيا المجاورة لمصر ليست اليمن البعيد الذي يذكّر بأكبر نزيف عسكري في تاريخ مصر، أدى الى هزيمتها عام 1967، وكانت ليبيا، وستظل العمود الأبرز في أي استراتيجيات لمصر لحفظ امنها واستقرارها.
نتجنب اجراء مقارنة او مقاربة، بين التدخل السعودي الاماراتي في اليمن، والتدخل العسكري المصري “غير المستبعد” في ليبيا، لان الوضعين مختلفين، ولان المتدخلين في الحرب الليبية يتراوحون بين قوى دولية وأخرى إقليمية وسط تناقض واضح في مصالحهم، فاذا طالت حرب اليمن اربع سنوات، وتدخل عامها الخامس دون أي مؤشر على قرب انتهائها، فكم ستطول نظيرتها في ليبيا؟
***
الامر الوحيد الواضح، الذي لا يمكن تجاهله، ان من يدعمون “الشرعية” ورئيسها عبد ربه منصور هادي، ويخوضون حرب اليمن تحت شعار عودته، هم الذين يدعمون المشير حفتر، ويوفرون له كل متطلبات القوة من مال ومعدات عسكرية وغطاء جوي، أي السعودية والامارات ومصر، ولم يكن مفاجئا ان يحظى المشير الليبي باستقبال “الزعماء” من قبل العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز ونجله ولي العهد، عندما حط الرحال في الرياض الشهر الماضي، ويعود منها مسلحا بمباركتهما لخطواته بإقتحام طرابلس.
هي سيكسر الرئيس السيسي القاعدة المحظورة ويرسل قوات الى ليبيا لحسم الامر عسكريا لصالح حليفه المشير حفتر، وهل ستقدم الامارات الغطاء الجوي؟ او المزيد منه؟ وهل ستزيد فرنسا اعداد قواتها الخاصة المتواجدة حاليا في طبرق، وتلقي بثقلها خلف المشير الليبي؟ وكيف سيكون رد المعسكر الآخر المقابل، أي قطر وتركيا وإيطاليا القريبة؟
على ضوء الإجابات على هذه الأسئلة، او بعضها، سيتقرر مصير ليس العاصمة طرابلس فقط، وانما المشهد الليبي بأكمله.. وما علينا الا الانتظار حتى يهدأ غبار المعارك والمواقف قليلا، لنتعرف أكثر على الوقائع على الأرض.. والله اعلم.