( نص) المحاضرة الرمضانية السابعة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 1440هـ .
إب نيوز ١٢ مايو
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله خاتم النبيين.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد.
وارض اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين وعن سائر عبادك الصالحين.
أيها الإخوة والأخوات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال اللهم اهدنا وتقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
في محاضرة الأمس كان الحديث على ضوء بعض الآيات القرآنية المباركة التي يتبين من خلالها الخسارة الرهيبة والفادحة لكل المعرضين عن نهج الله والذين لم يستجيبوا لله سبحانه وتعالى.
نحن كمسلمين نحضي بهذه النعمة العظيمة التي تهيئ لنا الفرصة للتمسك بالقرآن الكريم والاقتداء بالرسول صلوات الله عليه وعلى آله والالتزام العملي على أساس ذلك وضبط مسيرة حياتنا على أساس ذلك وهذا فيه الخير والفلاح لنا في الدنيا والآخرة والفلاح والخير في ذلك والسعادة في ذلك تبدأ من هنا في الدنيا جزء من وعد الله سبحانه وتعالى بالخير والبركة والفلاح والعزة والنصر للذين يستجيبون له ويهتدون بهديه ويطيعونه جزء من هذا الوعد الإلهي هنا في الدنيا، والفوز العظيم في الآخرة الجنة التي عرضها السماوات والأرض والسلامة من عذاب الله والسلامة من الشقاء الأبدي والخسارة الرهيبة التي تحدثنا بالأمس على ضوء بعض من الآيات القرآنية المباركة التي قدمت وصفا شاملا ومتنوعا لكثير من الأحوال التي يعيشها الإنسان الخاسر والخائب والهالك في عذاب الله والعياذ بالله.
طريق الله سبحانه وتعالى التي يدعونا إليها هي طريقٌ لمصلحتنا نحن، أما هو فهو غني عنا غني عن طاعتنا غني عن أعمالنا، نحن الفقراء إلى الله والذي نحتاج إلى رحمته إلى فضله إلى كرمه وهذا لا يتحقق إلا بالاستجابة له سبحانه وتعالى، لا يمكن أن نعرض عن نهجه وأن نرفض دعوته وأن نعصيه وأن نتبع عدونا الشيطان الرجيم ثم تكون المسالة طبيعية ونفلح ونفوز في الدنيا والآخرة لا يمكن، وطريق الجنة هي أيسر من طريق النار، الإنسان في هذه الحياة سيواجه الصعوبات ويواجه التحديات على كل حال (يَا أَيُّهَا الإِنسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلىٰ رَبِّكَ كَدحًا فَمُلاقيهِ) هذه الحياة هي ميدان اختبار وميدان مسؤولية وعلينا أن نرسخ هذه المسألة في أذهاننا ووجداننا والراحة التي فيها السلامة من كل المنغصات ليست إلا في عالم الآخرة في الجنة ولكن هناك امتياز لطريق الحق لطريق الله سبحانه وتعالى امتياز كبير جدا في هذه الحياة الإنسان من خلال إيمانه وتقواه يحضى برعاية إلهية في هذه الحياة اطمئنان نفسي طاقة معنوية هائلة تيسير في الأمور(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجعَل لَهُ مَخرَجًا * وَيَرزُقهُ مِن حَيثُ لا يَحتَسِبُ) (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجعَل لَهُ مِن أَمرِهِ يُسرًا) وعود إلهية كثيرة وعود من الله سبحانه وتعالى بالخير والبركات باليسر والفرج وعود من الله بالنصر والعزة وعود كثيرة تأتي هنا في الدنيا وفي الآخرة الجنة ولذلك فنحن بالعودة إلى القرآن الكريم يتبين لنا أن الفوز والمصلحة للإنسان وأن الخير للإنسان كل ذلك هو بالاستجابة لله سبحانه وتعالى بالطاعة بالتوجه العملي والالتزام بأمر الله سبحانه وتعالى والوقوف عند نهجه جل شأنه.
الطريق إلى النار تجر إليه الشهوات والأهواء ولكن ليست لمصلحة الإنسان حتى لو لبى الإنسان شهوة من شهواته أو رغبة من رغباته فالتبعات كبيرة في الدنيا وفي الآخرة دين الله الحق وتعليماته وتوجيهاته هي مطابقة لفطرة الإنسان يرتاح بها الإنسان إذا بنى حياته عليها والله سبحانه وتعالى جعل دينه رحمة، رحمة في الدنيا أحل الطيبات وحرم الخبائث وجهنا إلى ما فيه الخير ونهانا عما فيه الشر والسوء علينا نحن كبشر، ولذلك لا مبرر للإنسان عندما يورط نفسه وراء الشهوات والأهواء بما يوصله إلى جهنم بما يعبده للشيطان بما يخسر به خير الدنيا والفوز العظيم في الآخرة.
يتبين لنا أيضا من خلال العودة إلى القرآن الكريم أن مجرد الانتماء الإيماني لا يكفي ومجرد العمل ببعض من توجيهات الله سبحانه وتعالى وأوامره مع العصيان لله سبحانه وتعالى في أوامر أخرى لا يكفي ويتبين أن من أعظم الناس عذابا في النار فئتان ينتميان للإسلام:
الفئة الأولى: هم المنافقون الذين قال الله عنهم (إِنَّ المُنافِقينَ فِي الدَّركِ الأَسفَلِ مِنَ النّارِ) والعياذ بالله (فِي الدَّركِ الأَسفَلِ مِنَ النّارِ) ولا شك أن الدرك الأسفل من النار هو الأشد عذابا فيها الأشد عذابا في جهنم والمنافقون ينتمون للإسلام وهم أصناف، منهم فئة تُظهر التدين ولها مساجد الضرار وتحدث القرآن عنهم حديثا واسعا في فئاتهم المتعددة ودوافعهم المتنوعة والمختلفة ولكن ما هو قاسم مشترك فيما بينهم هو الخذلان للحق والتثبيط للأمة عن نصرة الحق والميل لأعداء الله ليس لهم موقف من أعداء الله هم ما بين مؤيد ومناصر للعدو لعدو المسلمين وما بين مثبط ومخذل عن النهوض بالمسؤولية في التصدي لهذا العدو وللخطر عن الأمة هذا القاسم المشترك والعنوان العام، تختلف الدوافع وتختلف السلوكيات فيما بينهم من يتطبع منهم بطابع التدين من يتحرك منهم تحت عنوان إيماني (مَن يَقولُ آمَنّا بِاللَّهِ وَبِاليَومِ الآخِرِ) إلى آخره، من له اتجاه آخر من هو في مستوى الريبة والشك في الدين من هو لا يعيش هذه الحالة ولكنه في الواقع العملي خضع لأهوائه ورغباته ولم يحقق الثقة بالله سبحانه وتعالى التي تساعده على تبني الموقف الصحيح الذي يرضي الله جل شأنه فهذه فئة.
الفئة الثانية: الذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، الذين ينهجون في هذه الحياة نهجا تجزيئيا للدين الإلهي يعني يقبلون ببعض من تعليمات الله وأوامره فيما يطابق أهواءهم أو لا يرون فيه أنه يشكل خطورة عليهم وليس فيه صعوبة عليهم ويردون جزءا آخرا من الدين ويرفضونه ولا يقبلون به هذه الحالة تسمى في القرآن الكريم إيمان ببعض الكتاب وكفر ببعضه (أَفَتُؤمِنونَ بِبَعضِ الكِتابِ وَتَكفُرونَ بِبَعضٍ ۚ فَما جَزاءُ مَن يَفعَلُ ذٰلِكَ مِنكُم إِلّا خِزيٌ فِي الحَياةِ الدُّنيا ۖ وَيَومَ القِيامَةِ يُرَدّونَ إِلىٰ أَشَدِّ العَذابِ) لاحظوا يوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وأشد العذاب في جهنم هو التي تعذب فيه الشياطين ويعذب فيه أسوء المجرمين بما في ذلك فرعون وقومه بأشد العذاب وهذه المزاجية في التعامل مع الدين غير مقبولة عند الله سبحانه وتعالى غير مقبولة نهائيا أن تأتي أنت لتقبل من القرآن بعضا وترد ا