النص كاملا للمحاضرة الرمضانية التاسعة عشرة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 1440هـ.
إب نيوز ٢٤ مايو
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله خاتم النبيين.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد.
وارض اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين وعن سائر عبادك الصالحين.
أيها الإخوة والأخوات،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال، اللهم اهدنا وتقبل منّا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
في الحديث عن الفريضة الإلهية المهمة التي هي الجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى يتضح لنا من خلال الواقع ومن خلال العودة إلى القرآن الكريم ومعرفة السنن الإلهية والتأمل في توجيهات الله سبحانه وتعالى أن الله وهو الذي في كل ما شرعه لنا وأمرنا به إنما يأمرنا بما هو خير لنا وأنه جل شأنه يوجهنا إلى ما فيه الرشاد والفلاح والفوز لنا لأنه غني عنا وعن أعمالنا عن طاعتنا لا تنفعه طاعتنا ولا تضره معصيتنا.
فعندما أمرنا بالجهاد في سبيله قال جل شأنه {وَمَن جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفسِهِ} [العنكبوت: 6] قال جل شأنه {ذٰلِكُم خَيرٌ لَكُم إِن كُنتُم تَعلَمونَ} [التوبة: 41] الله سبحانه وتعالى جعل من أعظم ما يرعى به عباده وأعظم نعمة وأجل نعمة أنعم بها عليهم نعمة الدين، الدين الإلهي الذي نتحرك فيه وننظم مسيرة حياتنا على أساسه بالالتزام بتلك التعليمات والتوجيهات التي مصدرها الله سبحانه وتعالى وهي من منطلق رحمته وهو أرحم الرحمين، ومن منطلق حكمته وهو أحكم الحاكمين، وتوجيهات تصلنا بتدبيره وهو الذي يدبر شؤون السماوات والأرض وهو ملك السماوات والأرض، وهو الذي بيده الموت والحياة ويذل من يشاء ويعز من يشاء وإليه المصير، وهو الذي يحاسب وهو الذي يجازي، فتوجيهاته وأوامره ودينه الذي ندين به في هذه الحياة هو مهم بالنسبة لنا لأن مصيرنا في الحياة الدنيا في تدبير الله وفيما يكتبه لنا أو علينا ومصيرنا في الآخرة سيكون بناء على مدى التزامنا بهذا الدين أو موقفنا منه.
فالدين في أساسه هو نظمٌ لحياة البشر على أساسٍ من هدي الله وتوجيهاته والله رحيم بعباده، ما كان ليهملهم في مجالات مهمة وجوانب أساسية إن لم يقدم لهم فيها الهداية والتوجيه يمكن أن يترتب على ذلك الضرر الكبير عليهم في واقع حياتهم، الله رحيم بعباده هو القائل جل شأنه {وَمَا اللَّهُ يُريدُ ظُلمًا لِلعِبادِ} [غافر: 31] وقال جل شأنه {وما الله يريد ظلما للعالمين}، وهكذا يريد {وَما رَبُّكَ بِظَلّامٍ لِلعَبيدِ} [فصلت: 46] لا هو يظلم ولا هو يريد لهم أن يُظلَموا.
من أكبر ما نعاني منه في واقع الحياة وفي المقدمة المسلمون، المعاناة من الظلم نحن أمة مظلومة نحن أمة تتجه الكثير من الأمم من مختلف الديانات والأقوام بالعداء لنا والتسلط علينا والطمع فينا وفي أرضنا وفي مقدراتنا وتتوجه للاستحواذ علينا والسيطرة علينا والتحكم بنا وهذا ما حدث على مر التاريخ كم هجمات عانت منها الأمة من خارج الأمة، التتار في هجمتهم المدمرة على العالم الإسلامي الصليبيون في حملاتهم المدمرة التي فتكوا فيها بالمسلمين وقتلوا وهتكوا العرض وسبوا النساء، سبوا الآلاف المؤلفة من نساء الأمة الإسلامية وأخذوا البعض منهن إلى أوروبا واحتلوا أجزاء واسعة من بلاد الأمة الإسلامية وفيما بعد ذلك الاستعمار البريطاني، الهجمات التي أتت من دول غربية كثيرة، الاستعمار الفرنسي، الاستعمار الإيطالي، الاستعمار، الألماني لبعض الدول العربية كذلك والإسلامية، ما قبل ذلك الهجمات من البرتغاليين، كم عانت الأمة في تاريخها من حالة الاستعمار وكم عانت من حالة الاستهداف، واليوم نعاني من الاستهداف الأمريكي والاستهداف الإسرائيلي والاستهداف من دول أخرى والاستعمار والهيمنة والسيطرة والتحكم بالأمة في قراراتها وتوجهاتها وفي مواقفها والاستئثار بخيراتها والنهب لمقدراتها، لماذا لماذا كل هذه المعاناة؟ لماذا هذا الاستهداف؟ لماذا هذا الواقع الذي تعيش فيه الأمة مطمعا لغيرها ؟ ويرى فيها الآخرون فريسة سهلة يتنافسون عليها