رمضان شهر الإحسان ودفع العدوان
إب نيوز ٢٩ مايو
بقلم علي عبدالله صومل
قال الله تعالى
‘يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٨٣)’ [سورة البقرة]
لقدختمت الآية الكريمة بيان الصوم بقوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون}َللإيحاء بأن التقوى هي غاية للصوم أو نتيجة له ويسرنا هنا أن نتحدث عن بعض مصاديق التقوى وعن أبرز صفات المتقين في كتاب الله تعالى وقد أخترت موضوعي عن :
1-الإنفاق وإطعام الطعام
2-كظم الغيظ والعفوعن الناس ودفع العدوان في وقفات قصيرة مع بعض الآيات الكريمة والعفو إن كان ثمة قصور وخلل
لقد وصف الله المتقين بأنهم
‘الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣)’ [سورة البقرة]
‘الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣٤)’ [سورة آل عمران]
ونستفيدمن هاتين الآية:
أولا- أن عمل الإنفاق لدى أهل التقوى والإحسان ليس حالة طارئة تتحرك في حالات اليسر والرخاء فقط بل هو حالة أصيلة تحرك الإنسان نحو العطاء حتى في أشدحالات الضيق والضر
ثانيا-أن فضيلتي كظم الغيظ والعفو عن الناس دعامة مكينة في خلق العبدالصائم وصبغة ثابتة في سلوكه ومن أبرز الأدلة على مقبولية صومه وأن الصيام يترك أثره الكبير في نفسه وتتجسدالغاية من تشريعه (الغايةمن الصوم وهي التقوى) في أخلاقه وسلوكه ومن ثم نستطيع أن نحكم على من تقسو طباعهم في شهرالرحمة وقد يعتدون على زوجاتهم أوأولادهم بالإهانة والضرب بأنهم لايعرفون حقيقةالغايةللصوم وأن ليس لهم من صيامهم إلاالجوع والظمأ
وفي آية البر التي أخرجت البر من معناه الشكلي الضيق إلى معناه العملي الواسع يقول الله تعالى{ ‘لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (١٧٧)’ [سورة البقرة] ويجب أن يكون أولئك هم الصائمون
1-ليؤتوا المال على حبه -أي المال -ذوي القربى واليتامى… ف{‘لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (٩٢)’ [سورة آل عمران]
فإياكم ثم إياكم أن تكونوامن ‘{الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ۗ… }
و2 ليسحقوا بالصبر همومهم في البأساء والضراء وخصومهم حين البأس ولتتعلموا من مدرسة الصيام قوة الإرادةوالعزم وترويض النفس على حمل الأثقال وتجاوز الصعاب إنني وعندما أقرأ هذه الآية التي تأمرنا بالصبر في البأساء والضراء وحين البأس أشعر وكأنها نزلت اليوم لتأمر شعبنا اليمني الحر أن يتسلح بالعزيمة ويتدرع بالصبر ليواصل مسيرته الثورية ومعركته التحررية ضدأشداء الباطل من عتاولة الشر وفراعنة العصر
‘يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢٠٠)’ [سورة آل عمران]
إن النعيم المقيم الذي أعده الله لعباده المتقين يحتاج إلى طاعة وخصوع وسجودوركوع وبذل وعطاء بكل جودوسخاء
يقول تعالى
‘إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ‘آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَٰلِكَ مُحْسِنِينَ
‘كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُون ‘وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ‘وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ
هذه هي الوظائف العبادية لعبادالله المتقين وهكذا فليستغل الصائمون لياليهم المباركة وأوقاتهم الثمينة في هذا الكريم بدلامن الوقوف طوال الليل أمام شاشة التلفاز والعكوف على متابعة الفيسبوك والواتس آب هذا إذا كان كل ماهناك مباح وحلال أماإذا كان ثمة فسق وحرام فإن هذا والعياذ بالله لدليل على تجذر الفسوق والعصيان في نفسية الإنسان نعوذبالله من الضلال والخذلان
ونعود إلى موضوعناحديثنافي هذه المقالة فنقول :
إن في قوله تعالى وفي أموالهم -أي المتقين- حق للسائل والمحروم مايشير إلاأن مايدفعه المتقون من أموالهم للسائل والمحروم حق مفروض لاتفضل فيه فإلى متى أيها المتظاهرون بلباس التقوى.سيستمر اغتصابكم لحق السائل والمحروم في أموالكم ؟
*وقفة تأمل في بعض معاني التقوى
يقول الله تعالى
وتعاونوا على البروالتقوى ولاتعاونوا على الإثم والعدوان تأملوا كيف جعل البرفي مقابل الإثم والتقوى في مقابل العدوان الذي يظهر لي أن التقوى هنا معناها كف الأذى عن الناس المسالمين من جهة وردعدوان المعتدين من جهة أخرى ويشهدلهذا قوله تعالى في آية أخرى
‘الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ ۚ فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (١٩٤)’ [سورة البقرة]
فهل سيشهد شهرالتقوى ياترى تعاونايمانيا كبيراوفاعلامن قبل المؤمنين الصائمين على البر والتقوى (التي من معانيهاهنا صدالعدوان)كمايحدث التعاون من قبل المجرمين الظالمين في مملكة قرن الشيطان على الإثم والعدوان ؟
وختاما نذكر الصائمين المؤمنين بعطاءأهل البيت عليهم السلام الذي تصدقوا بطعام إفطارهم في قصة معروفة على المسكين واليتيم والأسير فإذا كان أهل البيت ع لايبخلون بطعامهم على الأسير المشرك فمابال بعض شيعتهم اليوم يبخلون بفضل طعامهم وليس بطعامهم على الفقير المسلم والمجاهدالمؤمن ؟
لقدخلد الله كرم آل محمد في كتابه الكريم ليكون منهجا وسلوكا للمتقين إلى يوم الدين فقال تعالى {‘… وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ‘إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا…ويُفهم من جوالآيات أن ظروف المرحلةالتي كانت تعيشها الأمة إبان حدوث القصة ونزول هذه الآيات كانت ظروف حرب قائمة وأزمات خانقة تشبه إلى حد كبير وضعيتنا الراهنة
ونختم كلامنا بهذه المقطوعة الابتهالية من دعاء الإمام السجادعليه السلام الذي كان يوعوبه إذا رمضان ومن أرادأن يعرف يستقبل شهررمضان وكيف يعيش أوجواءه الإيمانية وشعائره الروحانية فعليه بهذا الدعاء العظيم لزين العابدين ع وهوضمن أدعيته ع في الصحيفة السجادية
مماجاء في دعائه المبارك هذا
وَوَفِّقْنَا فِيهِ لاِنْ نَصِلَ أَرْحَامَنَا بِالبِرِّ وَالصِّلَةِ وَأَنْ نَتَعَاهَدَ جِيرَانَنَا بِالاِفْضَالِ وَالْعَطِيَّةِ وَأَنْ نُخَلِّصَ أَمْوَالَنَا مِنَ التَّبِعَاتِ،
وَأَنْ نُطَهِّرَهَا بِإخْرَاجِ الزَّكَوَاتِ،
وَأَنْ نُرَاجِعَ مَنْ هَاجَرَنَـا وَأَنْ نُنْصِفَ مَنْ ظَلَمَنَا وَأَنْ نُسَـالِمَ مَنْ عَادَانَا حَاشَا مَنْ عُودِيَ فِيْكَ وَلَكَ،
فَإنَّهُ الْعَدُوُّ الَّذِي لاَ نُوالِيهِ،
وَالحِزْبُ الَّذِي لاَ نُصَافِيهِ.
وصلى الله على محمدوآله