الرواية الكاملة لذبح اليمن في كواليس الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي “ترجمة”
دور اللوبي السعودي داخل الأمم المتحدة لإسكات الأصوات المنتقدة لحربها الوحشية وعرقلة إجراءات الأمم المتحدة لكبح سلوكها العسكري في اليمن
كشفت مجلة فورين بوليسي الأمريكية الشهيرة، في تقرير نشرته (الاثنين 25 أبريل/نيسان 2016)، كواليس دور السعودية وأصدقائها في الأمم المتحدة.. وعرقلة القرارات وشلّ تحقيقات حقوق الإنسان في اليمن.
وقالت: على الرغم من أن المملكة العربية السعودية وحلفاءها ذات الأغلبية السنية في “الخليج الفارسي” لا يملكون مقعداً واحداً في مجلس الأمن الدولي. ولكن إليك ما تفعله السعودية وراء الكواليس: على مدى العام الماضي، مارست السعودية نفوذها الدبلوماسية وكأنها قوة كبرى، شكلت استراتيجية دبلوماسية مع المجلس المؤلف من 15 دولة لأجل قمع فعالية التحقيق التابعة للأمم المتحدة في حربها على مدى 13 شهراً في اليمن.
الولايات المتحدة وبريطانيا، وهما من القوى الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، فوضتا إلى حد كبير إدارة الأزمة اليمنية إلى مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية. ولكن في الأشهر الأخيرة زاد القلق إلى حد كبير لدى تلك الدولتين من أن الجيوش العربية انتهجت حرباً طائشة ساهمت في تدمير واسع النطاق لأفقر دولة في منطقة الشرق الأوسط وزرعت المزيد من بذور التطرف.
وعملت السعودية من خلال حلفائها العسكريين – على رأسهم الولايات المتحدة وبريطانيا ومصر، ونجحت المملكة العربية السعودية في عرقلة إجراءات الأمم المتحدة لكبح سلوكها العسكري وتسليط الضوء على التكاليف الإنسانية للصراع الذي تسببته في اليمن.
وقال أكشاي كومار، نائب مدير شؤون الأمم المتحدة في هيومن رايتس ووتش: “إن السعوديين يستطيعون تشكيل أي جلسة مناقشة بشأن اليمن واللعب عليها حتى عندما لا يكونون متواجدين في غرف الأمم المتحدة”. كما أنهم استطاعوا معالجة الوضع اليمني في مجلس الأمن بما يخدمهم، وخاصة فيما يتعلق بانتهاكاتها التي جعلت مجلس الأمن صامتاً تجاهها.
وترى المجلة أن التعامل مع الملف اليمني في مجلس الأمن يتناقض تناقضاً حاداً مع الملف السوري، حيث الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون والعرب أصدروا ورعوا قرارات تطالب الحكومة السورية والمعارضة المسلحة بتوفير طرق للعاملين في مجال الإغاثة للوصول إلى المناطق المتأثرة. كما دفعت واشنطن وحلفاؤها أيضاً مجلس الأمن لفتح تحقيقات في المحكمة الجنائية الدولية في الفظائع السورية.
ولكن على العكس تماماً، عندما حثت نيوزيلندا مجلس الأمن هذا العام اعتماد قرار يطالب بتوفر طرق للعاملين في مجال الإغاثة للوصول إلى المناطق المتأثرة في اليمن، واجهت مقاومة شديدة. ورفض سفير المملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة عبدالله المعلمي، المقترحات علناً باعتبارها غير ضرورية.
وكشفت المجلة أن مصر وراء الأبواب المغلقة، عرقلت المبادرة التي قدمتها نيوزيلندا عن طريق حث مجلس الأمن على منع إصدار أي قرار من شأنه يطالب السعودية بتوفير طرق للعاملين في مجال الإغاثة للوصول إلى المناطق المتأثرة في اليمن، حتى يتم التشاور مع المملكة العربية السعودية.
وعلى الرغم من أن بريطانيا كانت دعمت المبادرة التي قدمتها نيوزيلاندا في البداية، إلا أنها انقلبت بعد ذلك وعملت على تجميدها. كما استطاعت لندن إقناع نيوزيلاندا بتأجيل ذلك، معتبرة أن مثل هذا القرار سيعمل على عرقلة المحادثات السرية التي جرت بين السعودية والحوثيين هذا العام، وأخيراً وضع القرار على رف مجلس الأمن.
وفرضت قوات التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية قيوداً على استيراد الوقود والغذاء والإمدادات الأخرى التي يعتمد عليها اليمنيون بشكل أساس، مما أدت إلى زيادة الفقر، أضف إلى ذلك قتل أكثر من 10 آلاف طفل تحت سن 5 سنوات من أمراض يمكن الوقاية منها، وفقاً لتقديرات اليونيسيف.
وتقول المجلة، إنه بعد فترة وجيزة من دخول السعودية الحرب، سمحت الولايات المتحدة وبريطانيا للرياض بأخذ زمام المبادرة اليمنية في مجلس الأمن، على أن تدعم السعودية المفاوضات النووية التاريخية مع إيران. استفادت الرياض وحلفاؤها الخليجيون من ذلك مما أتاح لهم استصدار قرار في مجلس الأمن لتعزيز مطالبهم بتسليم الحوثيين أسلحتهم والاعتراف بحكومة هادي المدعوم من السعودية.
وأكدت المجلة، أن مشروع القرار الأولي الذي كتبه سعوديون ودبلوماسيون آخرون في الخليج وقُدِّم إلى المجلس عن طريق الأردن، وهو عضو في التحالف، كما أنه البلد العربي الوحيد الذي يمتلك مقعداً في مجلس الأمن.
مضيفةً، أن عمّان قدمت الجولة الأولى من المفاوضات، وحثت ـ بقوة ـ الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بتبني المشروع الذي كتبه السعوديون ودبلوماسيون آخرون في الخليج. ولكن عندما وصل المفاوضون إلى طريق مسدود مع روسيا، تفاوض سفير المملكة العربية السعودية، المعلمي، مباشرةً مع مبعوث روسيا في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين.
وأشارت أن النقاد داخل وخارج مجلس الأمن كانوا يعتقدون أن ذلك القرار يصب بقوة في صالح حكومة هادي المدعومة من السعودية، كما اعتقد النقاد أن القرار الذي قدمته السعودية وحلفاؤها عن طريق الأردن شكل عثرة رئيسة في المحادثات السياسية السلمية.
وأسفرت المحادثات السعودية الأخيرة مع الحوثيين عن وقف النار في 10 أبريل في اليمن، ومهدت الطريق للمفاوضات السياسية الجارية حالياً في الكويت.
كما كشفت المجلة، أيضاً، في تقريرها، أن الرياض عملت، بقوة، على عرقلة أي قرار جديد يركز على الإغاثة الإنسانية – مثل المبادرة المقترحة من قبل نيوزيلندا – مدعية أن ذلك يشجع الحوثيين على تجاهل التزاماتهم بوضع أسلحتهم، كما هو مطلوب في اقتراح سابق من الأردن والمملكة العربية السعودية.
وأدرك، أخيراً، اللاعبون الرئيسيون داخل أروقة مجلس الأمن، أن القاعدة يزداد نمواً وتوسعاً، ففي حين كانت الرياض تصب جل اهتمامها على رفع الحصار عن تعز، لم تُلق أي اهتمام على توسع القاعدة وخصوصاً في المكلا اليمنية.
وتشير المجلة أن المملكة العربية السعودية، نجحت أيضاً، في كبح جهود الأمم المتحدة في أي حل للصراع، وفتح تحقيق في الانتهاكات التي ارتكبها جميع الأطراف. في سبتمبر الماضي، المملكة العربية السعودية والبحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة، عرقلوا بشكل فعال مبادرة قدمتها هولندا لتشكيل لجنة تحقيق في مجلس حقوق الإنسان الدولى في انتهاكات القانون الإنساني الدولي التي ارتكبها طرفا الصراع في اليمن.
في البداية سفير بريطانيا في جنيف أيد تلك المبادرة. لكن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أقنعتا، في وقت لاحق، هولندا على تشكيل لجنة تحقيق داخلية من قبل هادي وداعميه في الخليج، وأخيراً تم تلك المبادرة جانباً.
ونقلت المجلة عن دبلوماسي رفيع في مجلس الأمن – تحدث شريطة عدم الكشف عن اسمه لحساسية الأمر – قوله إن الولايات المتحدة والأردن عرقلتا محاولة لإرسال مبعوث مجلس الأمن للاجتماع مع ممثلي الأطراف المتحاربة في اليمن. تلك المبادرة، التي كانت في أكتوبر 2015، من أجل حث المقاتلين على الوفاء بالتزاماتها واحترام وتعزيز القانون الإنساني الدولي والتعاون مع لجنة من خبراء الأمم المتحدة.
وأكد دبلوماسيون آخرون، أيضاً للمجلة، أن تلك المبادرة حصلت على تأييد واسع في المجلس المؤلف من 15 دولة، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا، وكذلك روسيا والصين، لكن الولايات المتحدة والأردن سجلتا تحفظات، ومنعت رسمياً الأردن تلك المبادرة كونها كانت رئيسة المجلس في تلك الدورة.
وعملت السعودية، من خلال لوبيات قوية داخل أروقة مجلس الأمن، على الضغط على المحققين الدوليين للتغاضي عن جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.
وكشفت المجلة أيضاً، أنه في عام 2014، دفعت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها الخليجيون مجلس الأمن لفرض عقوبات على الزعيم اليمني السابق علي عبدالله صالح، وحلفائه الحوثيين. ونتيجة الضغط السعودي، أنشأ مجلس الأمن لجنة من الخبراء لمراقبة تنفيذ العقوبات التي شملت تجميد الأصول وحظر السفر وتتبع الأموال. في ذلك الوقت، وجهت تحقيقات الخبراء على أعداء المملكة العربية السعودية في اليمن.
ولكن على مدى العام الماضي، سعى فريق الأمم المتحدة لدراسة الانتهاكات التي ترتكبها قوات التحالف التي تقودها السعودية في اليمن، وهذا الموقف أثار غضب دول الخليج.
تباعاً لذلك، في يناير، عقد الدبلوماسيون الخليجيون اجتماعاً مغلقاً للعمل على كبح تحركات فريق الأمم المتحدة.
وأصدرت الرياض وحلفاؤها الخليجيون قائمة بتظلماتهم، وانتقدوا الأمم المتحدة لعدم تسليطها الضوء على هجمات الحوثيين وحلفائهم عبر الحدود اليمنية – السعودية. كما عملت مصر في جلسة مشاورات مغلقة في مجلس الأمن على تعزيز موقف التحالف تجاه عدم إصدار قرارات بشأن الانتهاكات التي ارتكبتها قوات التحالف.
وفي مارس، اختارت الأمم المتحدة الجزائري سعيد بومدوحة، وهو نائب مدير في منظمة العفو الدولية وخبير في الشأن اليمني، عضواً في لجنة حقوق الإنسان ليحل محل واحد من الخبراء المنتهية ولايته في اللجنة. ولكن تحرك القاهرة، التي مضى على عضويتها في مجلس الأمن أربعة أشهر من أصل عامين، حال دون ذلك. وفي المدة التي قضتها مصر في مجلس الأمن، تمكنت من تعطيل إجراءات الأمم المتحدة الهادفة لوقف انتهاكات حقوق الإنسان على مستوى العالم، وخصوصاً اليمن.
وهذا العام كما تؤكد الصحيفة، استقالت فرجينيا هيل ولوسي ماثيسون من الخبراء المتخصصين المستقلين في مجلس الأمن الدولي، بسبب أنهم مقيدون بقوة من إصدار تقارير بفظائع التحالف الذي تقوده السعودية.
وفي العام الماضي، تلقى فريق الخبراء في الأمم المتحدة وثائق موسعة لاستخدام التحالف الذخائر العنقودية الأمريكية والبرازيلية الصنع وقد وثق مكتب الأمم المتحدة أيضاً استخدام قوات التحالف للذخائر العنقودية في محافظة حجة اليمنية.
ولكن، في يناير، لم يذكر تقرير لجنة الخبراء من 51 صفحة سوى فقرة واحدة فقط بشأن الذخائر العنقودية، التي حظرتها 118 دولة لأنها تضر بالمدنيين بشكل غير متناسب. على الرغم من أعضاء اللجنة المشكلة حديثاً قالوا لزملائهم إنهم ينوون مواصلة التحقيق في القنابل العنقودية من قبل التحالف في اليمن.
وبسبب عجز خبراء التحقيق عن تحديد نوعية الأسلحة التي استخدمتها قوات التحالف التي تقودها السعودية، ساعد السعودية وحلفاءها في نفي استخدام القنابل العنقودية في اليمن، والذي جاء عن طريق السفير عبدالله المعلمي الشهر الماضي. كما دفعت المملكة المتحدة، مرة أخرى، على عرقلة النتائج التي توصل إليها فريق الخبراء.
ومنذ المراحل الأولى من الحرب، منع السعوديون وحلفاؤهم بعض السفن التجارية من دخول الموانئ اليمنية، مما أدى إلى نقص هائل في المواد الغذائية والوقود.
وتختتم المجلة تقريرها، بأن المملكة العربية السعودية، ادعت، على مدى العام الماضي، أنها منعت دخول السفن بسبب أن الحوثيين يستلمون أسلحة عن طريقها. وهذا العام، طعن دبلوماسيون بريطانيون قرار لجنة الخبراء في نيويورك على تقييد التحالف الذي تقوده السعودية على السفن التجارية في الموانئ اليمنية بأنه حصار بحري. ولاتزال بريطانيا متمسكة بهذا الرأي