“فورين بوليسي” ما هو دور التحالف السعودي الإماراتي بانقلاب السودان؟
إب نيوز ٦ يونيو
نشرت مجلة “فورين بوليسي” تقريرا أعده كل من وروبي جرامر، يتحدثان فيه عن دور دول الخليج ومصر في إثارة الفوضى في السودان وسط غياب أمريكي.
ويشير التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، إلى أن مسؤولين أمريكيين عبروا عن عدم رضاهم عن الدور الذي تؤديه السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر في السودان، مشيرين إلى أن أيديهم مقيدة ولا يستطيعون التحرك.
ويقول الكاتبان إن الفوضى التي شهدها السودان في الأيام الماضية كانت بسبب الدور الذي تؤديه دول في المنطقة، سارعت لملء الفراغ الذي شغر برحيل عمر البشير في شهر نيسان/ أبريل، مشيرين إلى أنه قتل في المجزرة التي ارتكبتها قوات الأمن ضد المدنيين المعتصمين أمام مقر القيادة العامة 100 شخص.
وتذكر المجلة أن أشرطة الفيديو كشفت عن أن مدنيين تعرضوا لضرب من الجنود، فيما انتشلت أربعين جثة من نهر النيل، بحسب ما كشفت اللجنة المركزية للأطباء السودانيين، بعد تقارير عن قيام مسلحين تابعين لقوات الدعم السريع برميها فيه، وكشف شريط فيديو عن وجود جثث ربطت بحجارة كبيرة لإغراقها في المياه، مشيرة إلى أنه تم قطع خدمات الإنترنت لليوم الثالث عن الخرطوم.
ويجد التقرير أنه “بعد أسابيع من الأمل المطلق الذي نشأ بعد الإطاحة بعمر البشير في نيسان/ أبريل، فإن السودان يقف اليوم على حافة الانهيار”.
ويؤكد الكاتبان أنه تم تحديد دور النفوذ السعودي والمصري والإماراتي بشكل لا لبس فيه، فقد تعرف مراسل صحيفة “نيويورك تايمز” على عربات مصفحة إماراتية الصنع في شوارع الخرطوم، بالإضافة إلى أن السعودية والإمارات تعهدتا بدفع ثلاثة مليارات دولار دعما للمجلس العسكري، مع أن مسؤولا في المصرف المركزي السوداني قال إن تعهد الإمارات المبدئي بـ 250 مليون دولار لم يصل بعد، لافتين إلى أن قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ورئيس المجلس العسكري الانتقالي عبد الفتاح البرهان زارا دول الخليج.
وتنقل المجلة عن مدير المخابرات السوداني السابق صلاح قوش، قوله: “زاد دور الإمارات بعد تنحية البشير”، مشيرة إلى أنه بحسب مسؤولين أمريكيين فإنه تم تعيين قوش مديرا للمخابرات السودانية بدعم من السعودية والإمارات، وظل في الحكومة السودانية حتى تقديم استقالته بعد أيام من تنحية البشير، وعندما سئل عن الكيفية التي حدث فيها الانقلاب أكد أن “مصر والسعودية لم تشاركا فيه”، فيما “دفعت الإمارات للانقلاب لكنها لم تكن اللاعب الرئيسي”، ولم يقدم قوش تفاصيل أخرى غير القول في رسالة عبر “واتساب”: “حصلت خطوات وحوادث عدة”.
ويلفت التقرير إلى أن دبلوماسيا سودانيا، لم يكشف عن اسمه، خالف قوش في روايته عن مشاركة الإمارات في الانقلاب، وأكد أن الدول الثلاث أدت دورا فيه، مشيرا إلى قول قوش إن لا دور له في الوضع السياسي والعسكري في السودان، لكنه قدم تحذيرا قائلا: “لا أعتقد أن الوضع سيكون مثلما حدث في دارفور، لكن ستكون هناك خسائر”، ويتهم قوش بتنظيم عدد من هذه الخسائر عندما كان مسؤولا أمنيا في حملة القمع على دارفور، التي مات فيها ما يقدر عددهم بـ300 ألف نسمة.
وينوه الكاتبان إلى التظاهرات التي بدأت نهاية العام الماضي احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية الفقيرة، التي تطورت إلى حركة احتجاج واسعة طالبت برحيل البشير الذي خرج من السلطة، لكن نظامه لا يزال قائما، مشيرين إلى أن العسكر قد تعهدوا في البداية بنقل السلطة للمدنيين، لكنهم تراجعوا عن موقفهم بعد ذلك، في وقت حاولت فيه ظلت قوات حميدتي تستهدف المعتصمين حتى تفريقهم يوم الاثنين، حيث أصبحت معظم مناطق العاصمة تحت سيطرة قواته التي تجول في الشوارع.
وتورد المجلة نقلا عن النقاد، قولهم إن النشاط الكبير الذي أبدته دول الخليج يتناقض مع الموقف الأمريكي، وتنقل عن مسؤولين أمريكيين، لم يكشفوا عن هويتهم، شكواهم من غياب الاستراتيجية الواضحة تجاه السودان غير البيانات شديدة اللهجة الصادرة من إدارة دونالد ترامب، وقالوا إن واشنطن لم تقم بعقد اللقاءات الكافية لتنسيق عمل وكالات الحكومة، من الخارجية إلى مجلس الأمن القومي ووكالة التنمية الدولية الأمريكية.
وبحسب التقرير، فإنه لا توجد معلومات استخباراتية كافية عن الوضع في السودان، حيث قال البعض إن الولايات المتحدة ليست لديها خطة لما سيحدث في نهاية حزيران/ يونيو، وهو الموعد الذي وضعه الاتحاد الأفريقي ليسلم الجيش السلطة.
وينقل الكاتبان عن مسؤول أمريكي، قوله إنه في ظل غياب الولايات المتحدة فإن دول الخليج ملأت الفراغ، وأضاف: “إنها تقوم بإدارة العرض بشكل كامل”.
وتورد المجلة نقلا عن المسؤول السابق الذي عمل مساعدا لوزير الخارجية جوني غارسون، قوله إن “قادة وحكومات السعودية والإمارات ومصر لا يشتركون معنا في القيم الديمقراطية، وتتباين مواقفهم بشأن ما يجب أن يحدث في السودان مع تلك التي تريدها الولايات المتحدة”.
ويشير التقرير إلى أن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية قال في رد له إن “الولايات المتحدة كانت واضحة في رغبتها في رؤية عملية انتقال إلى حكم بقيادة المدنيين في السودان لتحقق الاستقرار فيه، وتشرف على فترة من الإصلاحات وتحضر للانتخابات”.
ويلفت الكاتبان إلى أن المتحدث أكد أن الولايات المتحدة تحدثت علنا وفي السر في أثناء النقاشات الدبلوماسية، للتأكد من تنسيق اللاعبين الدوليين، بمن فيهم الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، لعملية التحول السياسي”.
وتورد المجلة نقلا عن الخبراء، قولهم إن مصر معنية بمنع صعود الإسلام السياسي والديمقراطية في السودان؛ لأنهما يمثلان تهديدا عليها، وتريد السعودية والإمارات الحفاظ على الشراكة العسكرية والمالية مع قوات الدعم السريع، التي وفرت تحت قيادة حميدتي مقاتلين سودانيين في الحرب التي يخوضها البلدان في اليمن.
وينقل التقرير عن عائلات المقاتلين، قولها للمجلة إنها تحصل شهريا على آلاف الدولارات ليقاتل أبناءها هناك، مشيرا إلى أن صحيفة “نيويورك التايمز” قدرت عدد المقاتلين السودانيين في اليمن بما بين 8 آلاف– 14 ألف مقاتل.
ويقول الكاتبان إن علاقة السعودية بالسودان قوية لدرجة أن المدير السابق لمكتب البشير، طه عثمان حسين أصبح مستشار المملكة للشؤون الأفريقية، لافتين إلى أن حسين هرب بعد الكشف عن علاقته مع السعودية.
وتختم “فورين بوليسي” تقريرها بالإشارة إلى أن المجلة قد نشرت أن الإماراتيين وزعوا الحلوى والمال على السودانيين في أثناء شهر رمضان.