قمم مكة الطارئة ..والعجوز المريض !!
إب نيوز ٧ يونيو
كتب محمد ناس
شهدت مكة المكرمة الاسبوع الماضي قمتين طارئتين عربية وخليجية وقمة اسلامية عادية، وكان المحور الرئيسي للقمتين هو التصدي للتهديد الايراني حسب ما أعلنه القائمون عليهما.
وبحسب البيان أن سبب وراء الدعوة لعقد القمتين الخليجية والعربية الطارئتين تأتي بعد الهجوم على سفن تجارية قرب المياه الإقليمية لدولة الإمارات وكذلك الهجوم الذي نفذته حركة أنصار الله اليمنية بطائرات مسيرة ضد محطتي ضخ النفط قرب العاصمة السعودية الرياض.
ورغم البالون الاعلامي الذي أطلقته وسائل الاعلام حول القمم الثلاث غير أن الواقع يشير الى ان مكة المكرمة شهدت حدثا واحدا ليس أكثر وهو القمة الاسلامية العادية، لأن كل الذين شاركوا في القمتين الخليجية والعربية كانوا مدعوين للقمة الاسلامية العادية سوى انهم جاؤوا قبل انعقاد القمة الاسلامية بيوم ليقولوا انهم عقدوا قمتين طارئين.
ولو تماشينا مع ما اعلنوه وهو انهم عقدوا ثلاثة قمم فيا ترى ما الذي تمخض عنها؟ الحقيقة ان هذه القمم كغيرها من القمم الخليجية والعربية والاسلامية الطارئة والعادية التي سبقتها لم تعالج القضايا والمشاكل التي تعاني منها المنطقة ولم تنه الحروب والأزمات والصراعات ولم تحشد الأمة العربية والإسلامية لنصرة فلسطين وتحرير القدس، وركز البيان الختامي لقمم مكة على الهواجس السعودية النفسية وإدانة المعتدى عليه، وغير ذلك من المواقف المخزية؛ بل حتى البيان الختامي فقد ثبت انه كان قد أعد وكتب سلفا وقد شكل الموقف العراقي منه فضيحة كبيرة عندما أعلن الوفد العراقي تحفظه على البيان لانه لم يشضارك في صياغته واعداده، مما مايؤكد أن القمم الثلاث كانت شكلية وغير حقيقية ولم يجر العمل فيها وفق الإجراءات المعهودة.
أما الفضيحة الثانية التي طالت قمم مكة فهي الموقف القطري الذي اعترض بدوره على البيان الختامي، مما يشير الى أن الخلافات العربية بشكل عام والخليجية بشكل خاص أعمق من المحاولة السعودية التي سعت الايحاء للعالم بان مواقفها واحدة، خاصة وأن الدوحة ادانت سلوك التحالف السعودي تجاه اليمن وقتل اليمنيين العزل وأكدت أن حل الأزمة سياسي ودعت إلى الجلوس على طاولة المفاوضات.
والى جانب العراقي والقطري فان الرد السوري على البيان الختامي كان صارما، ومما جاء في الرد: ان مزاعم تدخل ايران في سورية يمثل بعينه تدخلا غير مقبول في الشؤون الداخلية السورية كون الوجود الإيراني فيها مشروع لانه جاء بطلب من الحكومة السورية وساهم بدعم جهود سورية في مكافحة الإرهاب.
وفي الوقت نفسه تجاهلت هذه القمم المحاولات الترامبية الصريحة لتصفية القضية الفلسطينية وشرعنة الاحتلال الصهيوني بمساعدة دول خليجية وعربية وقد عدّ البعض موقف القمم من القضية الفلسطينية رخصة عربية وإسلامية لتصفية هذه القضية.
في مقابل الاحباط الذي مُني به الشارع الخليجي والعربي والاسلامي من قمم مكة المكرمة كانت الاشادات والترحيبات الاميركية وبالذات البيت الأبيض الأميركي قد بلغت ذروتها بل أن موقف مهندس الحروب الترامبية القادمة “جون بولتون” كان مميزا خاصة عندما قام بتوجيه الاتهامات الفارغة لطهران وقال انها تقف وراء الهجوم على السفن الأربع في ميناء الفجيرة واتهمها أيضا بضرب المنشات النفطية السعودية والمنطقة الخضراء ببغداد.. كل هذه الإتهامات كانت هي بمثابة سكب الزيت على النار وتوتير وتأزيم الأوضاع في المنطقة.
غير أن نائب القائد العام لحرس الثورة الاسلامية العميد علي فدوي، رد على مزاعم بولتون والسعودية بما تعلنه دائما طهران وهو أن الانجازات التي يحققها اليمنيون توصلوا اليها بالاعتماد على أنفسهم وان ايران غير قادرة على مساعدتهم نتيجة الحصار الذي تفرضه القوات الاميركية والسعودية على مياههم وأجوائهم الى جانب محاصرتهم بريا، وأكد فدوي ان ايران لو كانت تساعد اليمنيين لوصلوا اليوم الى الرياض.
وبغض النظر عما تمخضت عنه قمم مكة فانها كشفت عن هواجس سعودية حقيقية ومن بين هذه الهواجس:
ا- قوة ايران واستقلال قرارها السيادي والوطني
ففي الوقت الذي تمتثل فيه السعودية لكل الاملاءات الاميركية فان ايران تتخذ قراراتها بشكل مستقل وهذا يعني ان موقف طهران وسياستها تجاه المنطقة بما في ذلك السعودية لا يخضع لاملاءات أو حتى ضغوط أو تهديدات غربية أو اية دولة أخرى، ولعل موقفها من القضية الفلسطينية أكبر دليل على ذلك، والعالم شهد مسيرات يوم القدس العالمي الذي دعت اليه طهران، بينما كانت السعودية تحشد الخليجيين والعرب والمسلمين ضد ايران.
ب- قوة حركة أنصار الله
فقد سعت الرياض من خلال القمم الثلاث الايحاء للجميع بأنها مضطرة الى العدوان على اليمن وبذلك تبرربربريتها وهمجيتها على هذا البلد، وتجاهلت القمم أكبر مأساة انسانية يشهدها العالم وهي مأساة الشعب اليمني بالاضافة إلى مماطلة قادة الحرب في تنفيذ مخرجات السويد وعرقلتهم للعملية السياسية وبقية الجبهات.
وبرهن اسراع السعودية في الدعوة لقمتين طارئتين على عجزها في الدفاع عن نفسها تجاه القدرات العسكرية اليمنية وقد تجلت بشكل واضح في الهجوم النوعي الذي نفذه الطيران اليمني المسير على الأهداف الحيوية والعسكرية في السعودية.
ورغم ان الغطرسة السعودية ترتكز بشكل أساسي على دعم الرئيس الاميركي ولكن لايبدو أن الأخير قادر على القيام بالمعاجز في هذا الصدد، بل أن منافسيه طالما عرقلوا اجراءاته وخطواته، وبالتالي فان موقفه لا يحسد عليه، فضلا على أن اليمنيين يقفون للرياض بالمرصاد.
وهنا لا بد من الاشارة إلى مقالة للكاتب “كونور فريديرز دورف” التي نشرها في أحدى الصحف الأمريكية تحت عنوان “السعودية أولا”، ويقول فيها، إن دعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسعودية التي سماها بالمملكة القمعية في حرب اليمن هو تحد علني للكونغرس، وهذا يستحق البدء في إجراءات إقالته.
وقال الكاتب، بينما يركز منتقدو الرئيس حاليا على ما إذا كان عرقل سير العدالة عبر اساليب تعاطيه مع المحقق الخاص روبرت مولر؛ فإن انتهاكا أكثر وضوحا للسلطة الرئاسية يجري أمام أعين الجميع، وذلك بانحيازه إلى السعودية في حربها باليمن الأمر الذي يتعارض وإرادة الكونغرس، الذي يعتبر الجهة المخولة باتخاذ القرارات تجاه الحروب.
وأضاف، أن الكونغرس أصدر قرارات رسمية تدعو ترامب إلى وقف المشاركة الأميركية في الحرب التي يرفضها الشعب الأميركي أيضا، ومع ذلك تحدى ترمب كل ذلك، وهذا بحد ذاته يجب أن يعتبر انتهاكا للدستور وممهدا لبدء إجراءات الإقالة.