هل ينجح المبعوث الدولي إلى اليمن في فرصته الأخيرة لحلحلة الأزمة في اليمن؟
إب نيوز ٩ يونيو
يبدو المبعوث الأممي مارتن غريفيث في دائرة ضيقة خاصة مع تزايد انتقادات حكومة هادي لأدائه وتحركاته دون القدرة على انتزاع أي تنازل من الحوثيين حيث ترى حكومة هادي أن جهود الأمم المتحدة تم إفراغها من محتواها من خلال التصريحات والمواقف التي لم تعد محلّ ثقتها.
إلى ذلك أعلنت الأمم المتحدة الجمعة أنّ مساعدة أمينها العام للشؤون السياسية روزماري ديكارلو ستتوجه إلى الرياض الإثنين والثلاثاء المقبلين للبحث خصوصاً في الوضع في اليمن في زيارة تأتي بعد الانتقادات الحادّة التي وجّهها هادي إلى المبعوث الأممي إلى بلاده. وقالت الأمم المتحدة إنّ ديكارلو ستلتقي خلال زيارتها إلى الرياض “مسؤولين سعوديين ويمنيين لمناقشة قضايا السلام والأمن الإقليميين بما في ذلك الوضع في اليمن”.
وتأتي زيارة ديكارلو إلى الرياض بعد ثلاثة أسابيع من اتّهام مبعوث المنظمة الدولية مارتن غريفيث وذلك في رسالة أرسلها إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. وقال هادي في رسالة أرسلها لغوتيريش في 22 مايو إنّ غريفيث “عمل على توفير الضمانات للميليشيات الحوثية للبقاء في الحديدة وموانئها تحت مظلّة الأمم المتحدة”.
إلى ذلك يجري عدد من مندوبي الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن لقاءات مكثفة لصياغة مشروع قرار دولي جديد بشأن محافظة الحديدة ويهدف مشروع القرار المرتقب طرحه في منتصف يونيو الجاري إلى نشر قوات دولية مسلحة بدلا عن البعثة الحالية والتي تنتهي مهمتها هذا الشهر.
ونقلت وسائل إعلام غربية عن مصادر في مجلس الأمن أن المشروع الجديد سيطرح خلال جلسة استماع لتقرير المبعوث الدولي إلى اليمن مارتن غريفيث، في السابع عشر من يونيو.
ومن المتوقع أن يقدّم مندوبو الدول الكبرى كالولايات المتحدة وبريطانيا المشروع الجديد والذي يحشد له حالياً دعم بقية الأعضاء لتمريره وذكرت المصادر بأن البعثة الجديدة ستكون من قوات حفظ السلام الدولية وسيتم تفويضها في فرض وقف إطلاق النار بالقوة. كما سيتم نشرها في خطوط التماس مما قد يؤدي إلى تقسيم أهم محافظة ساحلية في اليمن إلى 3 مناطق إحداها خاضعة للأمم المتحدة وتشمل الموانئ الثلاثة، والمنطقة الثانية لقوات صنعاء المسيطرة على المدينة إلى جانب منطقة ثالثة على الأطراف وتخضع لقوات هادي.
ومن شأن هذا المشروع الذي تتبناه بريطانيا أن يضع اليمن تحت الوصاية الدولية الكاملة في حال تم إقراره وسيصب في اتجاه تكريس الوضع الحالي في ميناء الحديدة ولم تعلق الأطراف اليمنية على المشروع الجديد الذي يحظى بدعم التحالف، لكنه قد يواجه بالرفض خصوصاً من صنعاء التي أعلنت سابقا رفضها نشر مثل هذه القوات التي تعد وجودها انتهاكا للسيادة ناهيك عن حكومة هادي التي تطالب بتسلّم المدينة.
وكانت الحديدة التي تعد أهم مفصل في الأزمة كما وصفها الأمين العام للأمم المتحدة في وقت سابق شهدت خلال الأيام الماضية تصعيداً عسكرياً بين الأطراف المحلية وسط تصلب في المسار السياسي الذي فشل في تحريك مياه السلام الراكدة.
ويحاول غريفيث تعبيد الطريق للمرحلة الثانية من عملية إعادة الانتشار في المدينة بعد نجاحه ولو جزئيا بفرض المرحلة الأولى والمتمثلة بإعادة انتشار قوات صنعاء وإعادة تشغيل مطاحن البحر الأحمر لكن المرحلة الثانية تعد الأكثر تعقيدا نظراً لتضمنها بنود مختلف عليها لدى الأطراف المحلية وتتعلق بالسلطة التي ستدير المحافظة عقب عملية إعادة الانتشار وهو ما دفع المجتمع الدولي للبحث عن سلطة ثالثة دولية وفقا لما يراه مراقبون.
وفي 14 مايو أعلنت الأمم المتحدة أنّ الحوثيين انسحبوا من موانئ الحُديدة والصليف ورأس عيسى تنفيذاً للخطوة الأولى في اتفاقات ستوكهولم التي شكّلت اختراقاً في الجهود الأممية الرامية لإنهاء الحرب في اليمن لكنّ حكومة هادي قالت إنّ ما جرى “خدعة” وإنّ الحوثيين ما زالوا يسيطرون على الموانئ لأنّهم سلّموها لخفر السواحل الموالين لهم.
وأضاف هادي في رسالته “سنعطي فرصة أخيرة ونهائية للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة مارتن غريفيث لتأكيد التزامه الحرفي بالمرجعيات الثلاث في كل جهوده وإنفاذ اتفاق ستوكهولم على ضوئها”.
ونصّت اتفاقات السويد على وقف لاطلاق النار في محافظة الحديدة وسحب جميع المقاتلين من ميناء مدينة الحديدة والميناءين الآخرين في شمال المحافظة ثم انسحاب الحوثيين والقوات الحكومية من كامل مدينة الحديدة مركز المحافظة التي تحمل الاسم ذاته.
وتابع هادي مخاطباً غوتيريش “أودّ التأكيد أيضاً أنّه لا يمكن أن أقبل باستمرار التجاوزات التي يقْدم عليها مبعوثكم الخاص والتي تهدّد بانهيار فرص الحل الذي يتطلّع له أبناء الشعب”. وفي اليوم التالي في 23 مايو أرسل غوتيريش رسالة جوابية إلى هادي قال فيها إنّ المنظمة الدولية لن تدّخر جهداً للحفاظ على اتفاقات السويد “نصاً وروحاً”. وأضاف غوتيريش “بوسعي أن أؤكد لكم أيضاً أنّه ليس لدى الأمم المتحدة أي نيّة لإقامة إدارة دولية في الحديدة”.
وفي وقت سابق كشفت صحيفة ديلي تلغراف البريطانية بأن المبعوث الأممي لليمن يقوم بمشاورات مكثفة مع أطراف النزاع ومنها جماعة الحوثيين وقيادات جنوبية ومن ضمنها قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي وأن هناك مبادرة جديدة للتفاوض على إنهاء الحرب برعاية الأمم المتحدة …
وأكدت الصحيفة بان سوف يتم استبعاد حكومة هادي من المفاوضات وعدم الاعتراف بشرعية هادي كونه لا يحظى بقبول شعبي باليمن شمالاً وجنوباً…
إلى ذلك قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنه يثق في مبعوثه الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث وعمله وذلك رداً على رسالة وجهها الرئيس المستقيل والفار هادي تحمل انتقاداً لسياسته. ووفقاً لموقع الأمم المتحدة قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك في مؤتمر صحفي إن “الأمين العام أكد لهادي أن المبعوث الخاص سيضاعف جهوده لدعم الطرفين للوفاء بالتزاماتهما التي أعلناها في ستوكهولم وأنه سيفعل ذلك بشكل متوازن يدعم التوصل إلى حل سياسي دائم للصراع“.
وأضاف دوجاريك أن “الأمين العام قال في رده على الخطاب الذي بعثه هادي إن التزام الأمم المتحدة تجاه اتفاق ستوكهولم ينبع أولا وقبل كل شيء من رغبة عميقة لتخفيف معاناة الشعب اليمني والمساعدة في معالجة الأزمة الإنسانية“.
وفي سياق متصل قال وزير التنمية الدولية والمحافظ البريطاني أندرو ميتشل إنه في “قضية اليمن فقدت بريطانيا بوصلة أخلاقية”وأضاف ميتشل ” الأمر مخز وفشل أخلاقي عميق بأن المملكة المتحدة لم تتمكن من إقناع الحلفاء السعوديين والإماراتيين بإنهاء قصف المدنيين اليمنيين الأبرياء “.
مبينا أن الدبلوماسية الهادئة مع السعوديين هي النهج المفضل للحكومة البريطانية ولكن القصف المستمر للمناطق المدنية يدل على أن هذا النهج لا يعمل ببساطة في تقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية يوم الخميس بشأن تفاوض بريطانيا بشأن ثغرة في حظر الصادرات السعودية لبيع الطائرات للاستخدام في الحرب على اليمن.