كاتب تونسي : هل يُجبر الحوثيون السعودية والإمارات على وقف الحرب في اليمن .
؟
إب نيوز ١٥ يونيو
لم تستطع المملكة العربية السعودية إجبار الحوثيين على الاستسلام في حربها على اليمن، رغم السنوات الأربع الماضية التي شهدت أعنف الهجمات على الحوثيين واليمنيين، وباستخدام أسلحة متطوّرة ومتعدِّدة ومتنوِّعة، ورغم القصف المتواصل والحصار الجائِر والاستفزاز المستمر، ورغم زيادة عدد الضحايا من المدنيين العُزَّل من النساء والأطفال والشيوخ، ورغم الدّمار الذي ألحقه التحالف السعودي الإماراتي باليمن منذ أن بدأت هذه الحرب القذرة التي لا فائدة من ورائها إلا الدمار والخراب والموت.
بينما صاروخ هنا وهناك يطلقه الحوثيون على الأراضي السعودية أو الأراضي الإماراتية يؤلِم الحكومتين بشكل كبير ويزعجهما إلى حدّ يمكن من خلاله أن يعلن السعوديون والإماراتيون وقف الحرب نهائياً، فبعد أن أدرك الحوثيون أن الضربات التي يقومون بها على الحدود مع السعودية في جازان ونجران لم تؤتِ أكلها بشكلٍ جيّد، ولا تؤلمُ السعودية بشكلٍ مباشر، غيّروا التكتيك الحربي وبحثوا في خياراتٍ يمكن أن تهزّ المملكة من الداخل وتجعلها تتألّم وتفكّر بشكل جدّي في خيارات أخرى ، منها وقف الحرب على اليمن نهائياً وعقد صلح مع الحوثيين، خاصة بعد تزوّد الحوثيين بصواريخ باليستية تصل إلى عُمق الأراضي السعودية والإماراتية كما حدث في مطار أبها أخيراً.
ولا شك أن الحكومة السعودية بدأت تفكّر جدياً في خطورة الصواريخ الحوثية التي بدأت تقضّ مضجعها، وتصيب المنشآت الحيوية في السعودية والإمارات كالمطارات والمنشآت النفطية، وهي ضربات جاءت تحديداً كردّ فعلٍ طبيعي على ما تقوم به قوات التحالف من انتهاك واضح لليمن طوال السنوات الماضية، وخاصة بعد إغلاق مطار صنعاء ومحاولة اقتحام العاصمة مرات ومرات، وتقسيم اليمن والاعتداء على الأبرياء في مواقع متعدّدة من البلاد، ما جعل الحوثيين يستنفرون قواهم للتصدّي للعدوان السعودي والإماراتي عبر ضربات موجِعة ومؤلِمة، يمكن من خلالها إجبار الحكومة السعودية والحكومة الإماراتية على وقف الحرب فوراً وعقد صلح طويل المدى مع الحوثيين الذين يعدّونهم إرهابيين.
وليست المرة الأولى التي يعقد فيها الحلفاء صُلحاً مع ما يُسمّونهم إرهابيين أو خارجين أو مارقين، فقد عقد الاتحاد السوفياتي صلحاَ مع المجاهدين الأفغان يوماً، وعقدت الولايات المتحدة الأميركية اتفاقاً مع طالبان ذات يوم، وها هي اليوم تفاوضهم في الدوحة لإقامة صلح سياسي طويل المدى، وغيرها من العقود التي تمّت وستتم كل مرة لأن الثوري عادة يفرض نفسه في مثل هذه المواقف، وأن المحتل من الخارج هو الذي يستسلم في النهاية لطاولة المفاوضات رغم ما يمتلكه من قوّةٍ وعتاد، غير أن الضربات الانتقائية الموجِعة والمؤلِمة التي لا يتوقّعها الطرف الآخر الأقوى هي التي تقصم ظهره وتجعله يستجيب لمطالب الثوار في النهاية والتاريخ شاهِد على ذلك.
ولن يستسلم الحوثيون للسعودية مهما فعلت ولو أبادتهم جميعاً لأنهم أصحاب قضية وأصحاب البلد الذي يعيشون فيه وترعرعوا في جنباته، فكيف بمحتلٍ أياً كان هدفه أن يقضي على هذه الروح الثورية القوية، فلا يمكن أبداً حسب النظريات الأيديولوجية والمنطقية والسيكولوجية. وبالتالي قد تكون هذه الضربات الانتقائية والموجِعة والمؤلِمة في السعودية سبباً مباشراً إما لوقف الحرب نهائياً أو الجلوس وجهاً لوجه مع الحوثيين لتوقيع عقد صلح حقيقي بينهما يكون حدّاً فاصلاً بين الطرفين تحت إشراف الأمم المتحدة، بل قد تنضم إليهما الحكومة اليمنية المُعتمَدة دولياً وبالتالي قد نشهد انفراجاً في القضية اليمنية.
وإذا لم تستجب السعودية لهذا المطلب الإنساني والعقلاني، فإن الحوثيين هدّدوها سابقاً مع حليفتها الإمارات باستهداف 300 نقطة مهمة وخدميّة في عمليات مباشرة ، وهم جادّون في ذلك قد تصبح السعودية والإمارات في حَرَجٍ شديدٍ مع مواطنيهما ومقيميهما وأمام المجتمع الدولي الذي بدأ يتقزّز من الحرب على اليمن ، ويستعد لإسقاط عقود سلاح بينه وبين الدولتين، بل إن منظمات حقوقية قد ترفع قضايا ضد السعودية والإمارات لمحاكمتهما على ارتكاب جرائم حرب في اليمن، فهل ستستسلم السعودية والإمارات للحوثيين؟.
*فوزي بن حديد
كاتب تونسي