كاتب فلسطيني : من الصمود السوري إلى الصمود اليمني.. أسطورة المقاومة .
إب نيوز ١٦ يونيو
تتوالى فصول المؤامرات التي تُحاك في أقبية أجهزة الاستخبارات الدولية و الإقليمية تُجاه منطقة الشرق الأوسط، فالواضح أن واشنطن و بيادقها الإقليمية تسعى بشتى الوسائل إلى العبث بخارطة المنطقة السياسية و العسكرية، لا سيما أن سوريا و اليمن تتمتعان بموقع جغرافي يحظى بأهمية استراتيجية استثنائية، و عليه سعت الإدارة الأمريكية و عبر وكلائها في المنطقة، إلى الدفع باتجاه استمرار التوتر، و بقاء منطقة الشرق الأوسط ترزح تحت نير الحروب و الدماء، لكن ما تم التخطيط له أمريكياً و نُفذ إقليمياً، اصطدم بجدار صلب في اليمن و سوريا، و رغم المحاولات الكثيرة التي حاولت واشنطن من خلالها خرق هذه الجدار، و تغير الوقائع و هندسة المعطيات، لكن الفشل كان من نصيب الجولات الأمريكية المتعاقبة، و بالتالي فإن ما تم تحقيقه في اليمن و سوريا، جاء مخالفاً بالكليّة عن التوقعات الامريكية الخليجية الاسرائيلية، فالصمود الممتد من اليمن إلى سوريا، أسس لنظام إقليمي سيكون له تداعيات مباشرة على النظام الدولي الجديد، فالصخور الراسخة التي لا تُزيلها العواصف الإرهابية، ستكون بلا ريب معادلة جديدة تؤسس لنهج مقاوم، و سيكون بالتالي على واشنطن و أدواتها الإقليمية البحث عن خُطط جديدة، هي خطط ليست للمواجهة المباشرة مع أساطير الصمود في اليمن و سوريا، بل هي خطط للملمة انكساراتها و خيباتها المتتالة، و صبغها بطعم الانتصار الوهمي.
حرب اليمن المستمرة من سنوات طويلة، لم تُفلح قوى العدوان على اليمن و اليمنين من كسر معادلة الصمود، حيث أن اليمنين يواصلون ترسيخ معادلات جديدة، ضاربين بعرض الحائط القوة العسكرية لـ واشنطن و الرياض و أبو ظبي، حتى أن صواريخ الباتريوت الأمريكية اضحت عاجزة عن التصدي لصواريخ المقاومة اليمنية، كل هذا و لم ينتظر الشعب اليمني وقوف الأمم المتحدة إلى جانبهم، و استنكار العدوان الذي يطالهم، بل على العكس كانت الأمم المتحدة تنتفض بهيئاتها لاستنكار أي هجوم يمني على مواقع عسكرية سعودية أو إماراتية، بالتزامن مع صمت مطبق من هذه الهيئات الدولية لجرائم العدوان التي طالت مجالس العزاء في اليمن، و كذلك المدارس أو مراكز الإيواء و حتى المستشفيات اليمنية أو تلك التابعة للأمم المتحدة لم تسلم من جرائم العدوان، و على الرغم من الجرائم المتواصلة بحق اليمن و اليمنيين، إلا أن صمود الشعب اليمني ازداد تماسكاً و قوة، بدليل تلك الاستهدافات النوعية التي قامت بها القوات اليمنية، و التي طالت مراكز حساسة في العمق السعودي و الإماراتي، في رسالة واضحة مفادها، أن المعادلات تغيرت و قوة الردع اليمني لن و لم تتغير.
الصمود اليمني الممتد من مطار عبد العزيز الدولي إلى مطار أبو ظبي و ما بينهما، يُجسد حقيقة واحدة على دول العدوان الاعتراف بها، حيث أن كل المعادلات و الاحتمالات و أوراق القوة باتت بيد القوات اليمنية، وبالتالي لا نستبعد في الأيام القادمة اتساع دائرة الردع لمعادلة المطار بالمطار، الأمر الذي سيجبر دول العدوان على وقف حصارها لمطار صنعاء، وإلا فإن هذا الحصار سيطول الكثير من المطارات السعودية والإماراتيّة.
أما سوريا، فالحرب التي شُنت عليها كانت تهدف أولاً و أخيراً لإخراجها من دورها المحوري في الشرق الأوسط، و لإجبار الدولة السورية على الانصياع للرغبات الأمريكية، لكن الحرب التي شُنت على سوريا و على مدار تسع سنوات، لم تنجح بكسر الصمود السوري، بل على العكس، حيث أن الالتفاف الشعبي حول القيادتين السياسية و العسكرية، أثمر معادلات ردع و صمود، و عليه كان صمود الحكومة السورية و تمكن الجيش السوري من تحقيق الانتصارات المتتالية، ليس في مواجهة الفصائل الإرهابية فحسب، و أنما في مواجهة محور العدوان كاملا على سوريا، وذلك بفضل الصمود والإيمان العقائدي لجنود الجيش السوري، والعون العسكري المقدَّم لهم من الدول الحليفة، وفي مقدمتهم إيران.
الصمود السوري أثمر انتهاء حلم تركيا وأمريكا و”اسرائيل” بتقسيم سوريا، واستقطاع أراضٍ منها تحت حجج ومسميات واهية، إلّا أنه لا يمكننا أن نغلق أعيننا وألّا نقرأ التجاوزات والاعتداءات التي ستجهد بها واشنطن و أدواتها الإقليمية، في محاولات مستمرة لقلب الوقائع و المعطيات التي تحققت خلال السنوات الماضية من عمر الحرب على سوريا، لكن و بكل تأكيد فإن هناك مفاجئات من الصعب توقعها أو التنبؤ بها تحمل في طياتها أسراراً سورية، ستُدهش واشنطن و أدواتها الإقليمية.
بين الصمود اليمني و الصمود السوري تكمن معادلة اسطورة المقاومة، فالعدو واحد و الهدف واحد، و يمكننا القول بأن ثمار الصمود و تلك المنجزات التي تحققت في سوريا و اليمن، و على الرغم من سوداوية المشهد في البلدين، إلا أن النصر بات قريباً، و سنشهد في القادم من الأيام معادلات ردع جديدة تمتد من صنعاء إلى دمشق.
*كاتب فلسطيني
الدكتور حسن مرهج*