عبدالباري عطوان: ماذا يعني اسقاط صاروخ ارض جو يمني طائرة أمريكية مسيرة فوق الحديدة؟ وما هي المفاجآت التي يتوقع حدوثها وزير دفاع حكومة صنعاء في الأيام القليلة القادمة؟
إب نيوز ١٧ يونيو
عبدالباري عطوان:
ماذا يعني اسقاط صاروخ ارض جو يمني طائرة أمريكية مسيرة فوق الحديدة؟ وما هي المفاجآت التي يتوقع حدوثها وزير دفاع حكومة صنعاء في الأيام القليلة القادمة؟ وهل “الأهداف الحساسة” تعني منشآت حيوية اكثر خطورة من المطارات؟ محطات الماء والكهرباء مثلا؟
مع تكثيف هجماتها العسكرية التي تستهدف مطارات ومنشآت نفطية في الداخل السعودي في الأسابيع الأخيرة، باتت حركة انصار الله الحوثية وحلفاؤها تشكل ذراعا قويا في محور المقاومة الذي تتزعمه ايران ينافس “حزب الله” اللبناني في الأهمية، رغم ان المسؤولين في الحركة يصرون في جميع تصريحاتهم على انهم ليسوا ذراعا عسكريا تابعا لإيران، ولكنهم في الوقت نفسه لا ينكرون دعمها العسكري لهم وبما يؤهلهم للدفاع عن انفسهم في مواجهة ما يصفونه بالعدوان السعودي الاماراتي.
اذا كان أسما كل من اللواء احمد عسيري، وخلفه العميد ركن تركي المالكي، قد احتلا شهرة واسعة كمتحدثين باسم قوات التحالف السعودي الاماراتي طوال الأعوام الأربعة الأولى من الحرب، فأن اسم العميد يحيى السريع، الناطق باسم القوات المسلحة لحكومة صنعاء بدأ يلفت اهتمام وسائل الاعلام العربية والغربية، الى جانب المراقبين العسكريين، بما يلدي به من معلومات “مهمة” حول التطورات العسكرية من وجهة نظر الطرف اليمني المقابل.
قليلون الذين يعرفون اسم ضيف الله الشامي ايضا (في الصورة)، وزير الدفاع في حكومة صنعاء خارج اليمن، ولكن اذا استمرت الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة المفخخة على اهداف سعودية واماراتية، فإن هذا الاسم لن يظل غير معروف مثلما هو الحال في السنوات الماضية.
بالأمس صرح الجنرال الشامي بأن سلاح الجو المسيّر هاجم مطار ابها في محافظة عسير للمرة الرابعة خلال اقل من أسبوع، واكد “ان ضرب الأهداف العسكرية سيستمر وسيتوسع اذا لم يتوقف العدوان ودون المس بالمدنيين”، وهذه تهديدات يجب ان تؤخذ بكل الجدية والاهتمام.
كان لافتا ان الجنرال الشامي وجه تهديدا واضحا لدولة الامارات هذه المرة عندما قال “ان الامارات مشمولة في بنك الاهداف وهي الآن تتحسس رأسها” في مقابلة مع “الميادين”، فهل هذا يعني انها ستكون مستهدفة في الأيام والاسابيع المقبلة، ام ان هذه رسالة تحذير مثل سابقاتها؟
هذه التطورات تعكس توجها للقيادة في حكومة صنعاء بالانتقال من استراتيجية دفاعية الى استراتيجية هجومية، واستخدام أسلحة جوية وارضية على درجة عالية من الكفاءة والدقة في الوقت نفسه، فاطلاق صاروخ كروز مجنح على مطار ابها الدولي، واختراقه كل الدفاعات الأرضية السعودية ووصوله الى هدفه، وقبلها وصول سبع طائرات مسيرة ملغمة الى غرب الرياض (13 آيار مايو الماضي) وضرب منشآت نفطية هي احد الأدلة في هذا المضمار.
ولعل اسقاط طائرة أمريكية مسيرة بصاروخ ارض جو فوق ميناء الحديدة على الساحل الغربي، واعتراف القيادة العسكرية الامريكية بذلك وللمرة الأولى منذ بدء الحرب يقدم دليلا إضافيا ليس على تطور هذه القدرات، وانما تدخل الولايات المتحدة في هذه الحرب أيضا.
“تبريد” جبهة جنوب لبنان، و”تسخين” جبهة اليمن، يمكن النظر اليهما من زاوية تبادل الأدوار في حرب استنزاف يمارسها محور المقاومة بشكل مدروس ضد الولايات المتحدة وحلفائها، ربما تكون نموذجا مصغرا للحرب الكبرى التي يمكن ان تشتعل في المنطقة اذا ما تعذر جلوس الطرفين الأمريكي والإيراني على مائدة الحوار للتوصل الى حل سياسي يحول دون المواجهة العسكرية.
لا نعتقد في هذه الصحيفة “راي اليوم” ان فرص الحل السياسي باتت ممكنة بعد فشل الوساطة التي قام بها قبل بضعة أيام رئيس وزراء اليابان، شينزو آبي، الى القيادة الإيرانية اثناء زيارته لطهران، لان المرشد الأعلى السيد علي خامنئي، رفض الرد على الرسالة التي حملها من الرئيس دونالد ترامب، وتقدم عرضا بتجميد العقوبات طوال فترة المفاوضات، وهو موقف يشكل صفعة مهينة للرئيس الأمريكي.
الجنرال الشامي والعميد سريع، الناطق باسم وزارته، تحدثا عن مفاجآت في الأيام القليلة القادمة، واستخدام أسلحة جديدة، واهداف جديدة، يتم انتقاؤها من بنك يضم 300 هدف، ولكنهما لم يفصحا عن أنواع الأسلحة، ولا طبيعة الأهداف المقصودة، وهذا امر مفهوم، وليس امامنا، وغيرنا، أي خيار آخر غير الانتظار، رغم اننا نفضل الحوار والحل السياسي لوضع حد لهذا النزيف الدموي الذي طال امده.
“راي اليوم”