عبدالباري عطوان :رفض ترامب لتقرير الأمم المتحدة المطالب بتحقيق دولي في جريمة قتل الخاشقجي يدينه
Share
إب نيوز ٢٤ يونيو
عبدالباري عطوان :رفض ترامب لتقرير الأمم المتحدة المطالب بتحقيق دولي في جريمة قتل الخاشقجي يدينه بالجشع والابتزاز وتقديم الصفقات على كل قيم العدالة والأخلاق.. ولماذا لا تكون السعودية اول المرحبين بهذا التحقيق اذا كانت واثقة من صدقية روايتها؟
ليس الغريب والخارج عن القيم، والأعراف، ان يرفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طلب السيدة اغنيس كالامارد، المقررة الخاصة للأمم المتحدة اجراء تحقيق دولي في جريمة اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وتكليف مكتب التحقيق الفيدرالي الأمريكي (FBI) بملاحقة الجناة داخل الولايات المتحدة المتورطين في الجريمة، وانما أيضا التبريرات التي ساقها في هذا المضمار، وبما يشكل نسفا لكل الادعاءات حول الحريات والعدالة والقضاء المستقل التي تشكل ابرز مواد الدستور الأمريكي.
تقرير السيدة كالامارد، الذي استغرق اعداده ستة اشهر وشارك فيه محققون دوليون من المعروفين على المستوى الدولي بنزاهتهم ومهنيتهم العالية، وجه أصابع الاتهام الى الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي باعتباره المسؤول الأول عن هذه الجريمة، وطالب بتجميد أمواله واصوله المادية حتى يقدم الأدلة حول براءته، وقالت صاحبة التقرير انها استمعت الى اشرطة صوتيه مرعبة حول كيفية خنق الضحية وتقطيعها بالمنشار.
السلطات السعودية اعترفت بمسؤوليتها عن هذه الجريمة البشعة، ولكنها اكدت في ردها على هذا التقرير الذي رفضته عدم وجود أي دور لقيادة المملكة في قتل الخاشقجي وانها تحاكم 11 شخصا بالتورط فيها، يواجه خمسة منهم عقوبة الإعدام.
الرئيس ترامب قال بكل وقاحة، وبلغة السماسرة وتجار العقار، في لقاء له مع برنامج “لقاء الصحافة” على شاشة محطة “ان بي سي” انه تم التحقيق بشكل كاف ومكثف في هذه الجريمة، وان السعوديين يشترون صفقات أسلحة بقيمة 150 دولارا، واذا لم يشتروها منا، فانهم سيشترونها من روسيا والصين”.
انها عقيلة الابتزاز والتربح بكل الطرق والوسائل، وبغض النظر عن أي اعتبارات قيمية او أخلاقية أخرى، ومن قبل رجل من المفترض انه يترأس دولة تدعي انها زعيمة العالم الحر، وتتباهى بدستورها، وتمثال الحرية على ارضها.
اجراء تحقيق دولي محايد في جريمة كهذه هزت العالم بأسره لبشاعتها واعترفت المملكة العربية السعودية رسميا ودون لف او دوران بأن 11 شخصا تورطوا في تنفيذها واستخدموا المنشار في تقطيع الجثة وتسليمها الى متعاون محلي، خطوة يجب ان تحظى بدعم الجميع وعلى راسهم الرئيس ترامب، وكل المسؤولين السعوديين انفسهم، وهم الذين ايدوا ومولوا المحكمة الدولية لكشف الحقائق حول مقتل الراحل رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان، وتقديم كل المشاركين فيها الى العدالة.
وجود رئيس مثل ترامب في البيت الأبيض، وصمه عار لامريكا ولكل اللذين انتخبوه، خاصة انه يهدد امن العالم واستقراره بحروبه الاقتصادية والعسكرية في سورية وليبيا وأفغانستان وربما قريبا جدا ضد ايران.
لا نستبعد ان يكون ترامب الذي يضع الجشع المالي على قمة أولوياته ارسل وزير خارجيته مايك بومبيو امس الى الرياض وأبو ظبي من اجل ابتزاز حكومتيها ماليا، ونهب ما تبقى من مليارات في خزائنهما لتغطية نفقات حروبه القادمة التي قد تصل الى عشرة تريليونات اذا ما اشتعل فتيلها، ورهن احتياطات الدولتين النفطية لعقود قادمة.
في ظل هذه الشراهة والجشع للمال لدى الرئيس ترامب، علينا ان نتخيل لو استخدمت القيادة السعودية أموالها وصفقات أسلحتها هذه لتطبيق مبادرتها للسلام لحل الصراع العربي الإسرائيلي، وتحرير المقدسات العربية والإسلامية في الأراضي المحتلة، وخدمة القضايا العربية الأخرى العادلة، او في مشاريع تنمية توفر فرص العمل لعشرات الملايين من الشباب العربي العاطل، بدلا من الرهان على رئيس لا يوجد مكان للقيم والأخلاق في قاموسه، ولا يكن الا العداء للعرب والمسلمين من منطلقات عنصرية وعقائدية.