عبدالباري عطوان : نصيحتنا لوزير خارجية البحرين الذي بات رأس حربة التطبيع والصديق الحميم للإسرائيليين ان يتريث ويراجع حساباته جيدا..
إب نيوز ٢٧ يونيو
عبدالباري عطوان
نصيحتنا لوزير خارجية البحرين الذي بات رأس حربة التطبيع والصديق الحميم للإسرائيليين ان يتريث ويراجع حساباته جيدا.. ومؤتمر كوشنر لتصفية القضية الفلسطينية ليس “كامب ديفيد” آخر ولن يكون.. وهذه هي اسبابنا

يرتكب الشيخ خالد بن احمد آل خليفة، وزير خارجية مملكة البحرين، خطيئة كبرى عندما يتحول بشكل متسارع الى المتحدث الرسمي الخليجي باسم التطبيع، ورأس حربته، ويخرج عن كل ثوابت الامتين العربية والإسلامية في هذا الوقت الحرج والحساس الذي تقف فيه المنطقة على حافة حرب مدمرة ربما تكون مملكته من ابرز ضحاياها.
في احاديثه المتعددة للصحافة ومحطات التلفزة الإسرائيلية بالغ وزير خارجية البحرين في التقرب الى الاسرائيليين، والتعاطي معهم كحمل وديع، وخرق كل الخطوط الحمراء عندما اكد على حق إسرائيل في الوجود، وقال انها وجدت لتبقى، وان مملكته تريد إقامة علاقات افضل معها، ولم يوجه أي كلمة نقد واحدة للاحتلال الإسرائيلي ومجازره التي ارتكبها في حق الفلسطينيين، وتهويده للمقدسات العربية والإسلامية، وممارساتها لأبشع أنواع التمييز العنصري ضد اهل الأرض واصحابها الحقيقيين.
ربما يفيد تذكير الشيخ خالد بأن أمريكا التي يراهن عليها، ويراهن على حمايتها لمملكته واسرته الحاكمة، يتراجع نفوذها في المنطقة، وباتت الأكثر كراهية في العالم بأسره، ويكفي الإشارة الى جاريد كوشنر، الذي فرشت مملكته البحرين له السجاد الاحمر لم ينجح الا في جلب ثلاثة وزراء مالية عرب الى مؤتمره هذا كانوا يخفون وجوههم خجلا لشعورهم بالعار والخيانة، مثلما هربوا من الصومال والعراق، ويستعدون للهرب من افغانستان، سيفعلون الشيء نفسه من منطقة الخليج.
عندما دعت أمريكا لعقد مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 كانت هناك وفود من معظم الدول العربية، وممثلين عن القوى العظمى مثل الصين وروسيا، وآخرين من دول القارات الخمس، والسبب ان الحل المطروح مناقشته كان يرتكز الى قرارات الشرعية الدولية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة التي تجاهلها كليا مؤتمر البحرين، ولم يجرؤ أي من المشاركين العرب على التلفظ بها في كلماتهم خوفا وربما من السيد الأمريكي، بما في ذلك الشيخ خالد آل خليفة، الذي بات يستحق لقب المحامي المدافع عن الوجود الإسرائيلي.
ورشة البحرين ليست كامب ديفيد ولن تكون، لان صيغة هذا المؤتمر الذي فرّق الامة واخرج مصر من الصراع عام 1978 لن يتكرر، ويكفي التذكير بأن الجولة الثانية منه التي انعقدت عام 2000 بدعوة من الرئيس بيل كلينتون فشلت في انتزاع تنازل فلسطيني واحد، وجاء الرد عليه بإشعال فتيل الانتفاضة الفلسطينية الثانية المسلحة في الأراضي المحتلة.
لا نعرف ما اذا كان الشيخ خالد بن احمد يذكر هذه الوقائع التاريخية جيدا ويضعها في اعتباره وهو يحتفي بالمسؤولين والإعلاميين الإسرائيليين بطريقة جرحت مشاعرنا والملايين غيرنا في العالمين العربي والإسلامي، ولكن لا نجد بدا من تذكيره بها في هذه العجالة.
نتمنى على وزير خارجية البحرين وكل من يعتقد من زملائه في منطقة الخليج ان الامة العربية انهارت وتخلت عن حقوقها الثابتة في فلسطين المحتلة ان يتريثوا قليلا وان يراجعوا حساباتهم بسرعة، وقبل فوات الأوان، مستندين في تحذيرنا هذا الى هذه الصحوة الشعبية العربية، والالتفاف المشرف حول القضية الفلسطينية ومحور المقاومة.
مواقف الغالبية الساحقة من أبناء الشعب البحريني هي الرد الأبلغ على مواقف حكومته التطبيعية، واستخدامها ككبش فداء من قبل آخرين استغلالا لوضعها الاقتصادي وازماتها الداخلية المتفاقمة، فعندما تتحول البحرين الى غابة تتعانق فيها الاعلام البحرينية مع شقيقتها الفلسطينية فهذا هو الرد الحقيقي القوي والبليغ على استضافة مؤتمر بيع فلسطين هذا، وعلى الشيخ خالد بن احمد، وكل المطبعين العرب، وورشة المنامة بالطبع.
صفقة القرن لن تمر، ومشاريع الاذلال الامريكية التي تصب في مصلحة جرائم الاحتلال العنصري الإسرائيلي وكل من يشارك في تسويقها مصيرها الفشل والدليل الأبرز هو عودة كوشنر عراب صفقة القرن مكتئبا وخالي الوفاض الى واشنطن تماما مثل مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، عراب مؤتمر وارسو.
كلمة أخيرة للشيخ خالد بن احمد آل خليفة، وكل نظرائه في الخليج، الذين يسيرون على نهجه، ملخصها ان إسرائيل لن تحميكم لأنها هي التي باتت تحتاج الى الحماية في وقت تتغير فيه المعادلات السياسية والعسكرية بشكل متسارع، وان زمن الاملاءات الإسرائيلية والأمريكية قد ولىّ الى غير رجعة، والأيام القادمة حافلة بالمفاجآت التي ستؤكد ما تقول.
“راي اليوم”