بلومبيرغ: لماذا زادت السعودية شراء سندات الخزانة الأمريكية؟
إب نيوز ١ يوليو
نشر موقع “بلومبيرغ” تقريرا للكاتبة ليز ماكورميك، تتحدث فيه عن زيادة معدلات شراء السعودية لأذونات وسندات الخزانة الأمريكية منذ انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويشير التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، إلى أن ترامب يواصل الدفاع عن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي يعيش في ورطة، فالسعودية لديها الكثير مما تكسبه من خلال التصرف بطريقة جيدةمعه.
وتقول ماكورميك إن “العلاقة العاطفية بين ترامب ومحمد بن سلمان أصبحت موثقة من خلال الصور، وصفقات السلاح الأمريكية بمليارات الدولارات، وطبعا الاستعداد لتجاهل الأدلة التي تشير إلى تورط ولي العهد في جريمة مقتل الصحافي جمال خاشقجي”.
ويستدرك الموقع بأن الشيء الذي لم تتم ملاحظته هو الحماس والسرعة اللتان تشتري فيهما المملكة الديون الأمريكية، فبعد أن خفضت السعودية من امتلاكها للدين الأمريكي طوال عام 2016، إلا أنها عادت وراكمت استثماراتها في سندات الخزانة الأمريكية، وبشكل أكبر بعد انتخاب الرئيس دونالد ترامب في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016.
ويكشف التقرير عن أنه بحسب الأرقام الأخيرة التي تم الكشف عنها، فقد وصل حجم استثمارات السعودية في سندات الخزانة الأمريكية إلى 177 مليار دولار، مشيرا إلى أنه لا توجد دولة أجنبية أقرضت الولايات المتحدة بهذه السرعة.
وتتساءل الكاتبة عما إذا كان الأمر مصادفة، وتجيب قائلة: “يمكن للشخص أن يقدم عددا من التفسيرات لهذا التوقيت للدولة المصدرة للنفط دون أن تكون هناك منفعة سياسية، فربما ارتبط بزيادة موارد النفط، أو تجنب المخاطر، أو تحول من الصكوك ذات العائد السلبي، ومع ذلك فإن المبلغ الذي نتحدث عنه لا يؤثر ولا قيد أنملة على الاحتياجات المالية الأمريكية، في ظل زيادة العجز في الميزانية بسبب التخفيضات الضريبية التي أقرها ترامب”.
ويجد الموقع أنه “مهما كان السبب فإن ما هو واضح هو أن الرئيس ترامب يواصل دفاعه عن محمد بن سلمان في وجه النقد الموجه له بسبب الحرب في اليمن، ودوره في جريمة القتل الشنيعة لجمال خاشقجي، وعليه فإن المملكة لديها الكثير مما ستكسبه من خلال الظهور بمظهر من يقدم الدعم المالي لحليفها الأهم، حتى ولو لم يكن في نيتها هذا الأمر، وهذا الوضع صحيح بعدما ظهرت تقارير في شهر أيار/ مايو، تشير إلى أن الصين تفكر في بيع سنداتها لمعاقبة ترامب على الحرب التجارية، مع أن البلدين توصلا لهدنة في قمة العشرين في أوساكا”.
وينقل التقرير عن مارتن أنديك من مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، قوله إن “هذه علاقات تقوم فيها يد بغسل اليد الأخرى” مشيرا إلى أن “شراء السندات قد يكون تعبيرا عن قوة العلاقات”، ويضيف أنديك أن لا معرفة قوية لديه بالوضع، وأن سندات الخزانة تجذب بشكل طبيعي البترودولارات السعودية، لكنه قدم تفسيرا مفاده بأن ترامب يريد من السعودية ضخ كميات جديدة من النفط مع تصاعد التوتر مع إيران للحفاظ على أسعار النفط، وزيادة في الإنتاج تعني زيادة في البترودلاور التي يمكن إدارتها مرة ثانية في سندات الخزانة.
وتلفت ماكورميك إلى أن الأرقام تشير إلى الزيادة، فمنذ تشرين الأول/ أكتوبر 2016 وقبل شهر من انتخاب ترامب وخلال شهر نيسان/ أبريل هذا العام زادت السعودية من ملكيتها لسندات الخزانة الأمريكية من 97 مليار دولار إلى 177 مليارا، وهي زيادة بنسبة 83%، وهي أعلى نسبة بين الدول الأجنبية.
ويرى الموقع أن هذه الزيادة مهمة في الطريقة التي قللت فيها السعودية ملكيتها لسندات الخزانة في الأشهر التي قادت إلى انتخاب ترامب، حيث قللتها بنسبة 30%، والسبب مرتبط بالعجز في الميزانية السعودية الذي يعد الأكبر منذ ربع قرن، لكن هناك دوافع سياسية.
وينوه التقرير إلى أن صحيفة “نيويورك تايمز” نشرت في نيسان/ أبريل العام الماضي تقريرا، قالت فيه إن السعودية هددت إدارة باراك أوباما ببيع سنداتها وأصولها المالية في الولايات المتحدة، المقدرة بحوالي 270 مليار دولار، لو صوت الكونغرس لصالح قانون العدالة ضد الإرهاب (جاستا)، الذي يسمح لعائلات الضحايا بتقديم الحكومة أو أي مسؤول سعودي للمحاكم الأمريكية بتهمة دعم هجمات 11/ 9، مشيرا إلى أن هذا جاء أيضا بعد اتخاذ الإدارة الأمريكية خطوات حذرة للتقارب مع عدوة السعودية إيران، وتوقيع اتفاقية نووية خرج منها ترامب العام الماضي.
وتبين الكاتبة أن المملكة لديها حافز لتتصرف بطريقة جيدة مع ترامب، فبالإضافة إلى خرقه تقاليد الرئاسة الأمريكية بأن تكون أول زيارة خارجية للرئيس الجديد إلى دول الجوار، اختار ترامب السعودية لتكون محطته الأولى، فيما أقام صهر الرئيس جارد كوشنر علاقة صداقة مع ولي العهد، وفي يوم السبت دعا الرئيس ولي العهد لإفطار أثناء قمة العشرين، وكال المديح له للعمل “الرائع” الذي يقوم به، وأثنى على الصداقة القوية بينهما.
ويفيد الموقع بأن الرئيس قلل من دور ابن سلمان في جريمة قتل خاشقجي، رغم تقييم “سي آي إيه”، وتصويت المشرعين في الكونغرس، على تحمل الأمير دورا في الجريمة، مشيرا إلى أن ترامب تجاوز في أيار/ مايو الكونغرس، وصادق على صفقة أسلحة بقيمة ملياري دولار إلى السعودية، التي صوت الكونغرس لمنعها.
ويورد التقرير نقلا عن النقاد، قولهم إن تعامل ترامب مع السعودية رغم الشكوك حولها قدم غطاء لمحمد بن سلمان، الذي استقبله الغرب على أنه مصلح، ليقوم بعمليات قمع ضد نقاده في البلاد، وشنه حربا في اليمن مات فيها، بحسب الأمم المتحدة، حوالي 200 ألف شخص.
وتذكر ماكورميك أنه في حال لم تكن هناك دوافع سياسية وراء زيادة استثمار السعودية في سندات الخزانة الأمريكية، فإن البعض يرى أنها تقوم بالتحول عن الصكوك الأوروبية التي لا تقدم إلا الربح القليل، و”ربما كان السعوديون يريدون في هذا التحول إلى سندات الخزانة تحوطا من نمو عالمي ضعيف”.
وينقل الموقع عن مارك تشاندلر من مؤسسة “بانونكبيرن غلوبال فوركس”، قوله: “أشك في أن يكون هذا أمر يتعلق بإدارة الدين” وليس مدفوعا بالسياسة، “خاصة أنه لم تحصل زيادة في الاحتياطي الأجنبي السعودي”.
وتقول الكاتبة: “ربما كانت السعودية تضخ مالا أكثر من أجل وقف العجز، خاصة أنها تزيد من نفقاتها، لكن احتياطات السعودية في أمريكا ظلت مرتبطة بحسابات سياسية، التي ظلت لأربعة عقود سرا، وبصفتها جزءا من اتفاق استراتيجي مع إدارة نيكسون”.
ويختم “بلومبيرغ” تقريره بالإشارة إلى أن الاتفاق ربط بين بلدين لا يشتركان إلا في القليل من القيم، وشكل العلاقات بينهما لعقود، ولم تبدأ الولايات المتحدة بالكشف عن حجم الأموال السعودية إلا في أيار/ مايو 2016؛ بسبب قانون حرية المعلومات.