لا انسحاب إماراتياً من اليمن: تعزيزات إلى الغرب والجنوب.. و«الباتريوت» خارج مأرب ..
على رغم سريان أنباء،خلال الأيام الماضية، عن تقليص الإمارات وجودها العسكري في اليمن، إلا أن المعطيات الميدانية تفيد بخلاف ذلك؛ إذ لا يزال الأمر مقتصراً على سحب معدّات وتوقيف إمدادات في ما يبدو متصلاً بالصراع مع فريق «الشرعية»، في وقت يتواصل فيه استقدام التعزيزات إلى الساحل الغربي، حيث يتوقع انهيار الهدنة
بعدما دفعت بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى جنوب اليمن، وعملت على إعادة انتشار الميليشيات الموالية لها في الساحل الغربي ومحافظتَي عدن وشبوة، وعززت وجودها في جزيرة سقطرى، تحاول الإمارات إيهام العالم بتقليص وجودها العسكري في المحافظات الجنوبية والشرقية، وهو ما لا يطابق حقيقة الواقع. إذ، وفقاً لمصدر عسكري في صنعاء، فإنه لا صحة لتلك الأنباء، التي تستهدف من ورائها أبو ظبي «التضليل». ويلفت المصدر إلى أن هذه التسريبات تزامنت مع عمليات تحشيد عسكري إماراتية في الجنوب وفي جبهات الساحل الغربي، وأخرى في محافظة الجوف، كاشفاً أن «قائد قوات الغزو والاحتلال، العميد الإماراتي المدعو راشد الغفلي، زار أخيراً عدداً من معسكرات المرتزقة في عدة محافظات جنوبية، في إطار تحضيرات لتصعيد عسكري في مختلف جبهات القتال»، مؤكداً أن «قوات الجيش واللجان ترصد تلك الاستعدادات والتحركات الإماراتية بدقة»، وأن «الرد سيكون قاسياً جداً على أي تصعيد عسكري جديد».
على جبهة الحديدة، تشهد المدينة «حالة حرب مفتوحة» منذ عدة أيام، وفق ما تفيد به مصادر محلية «الأخبار»، مؤكدة أن الهدنة الأخيرة هناك «في طريقها إلى الانهيار». وتلفت المصادر إلى «وقوع مواجهات عسكرية عنيفة بين قوات الجيش واللجان الشعبية، وبين الميليشيات الموالية للإمارات، باتجاه شارع الخمسين، وفي محيط معسكر الدفاع الساحلي شرق الحديدة»، مضيفة إن تلك الميليشيات «كثّفت خلال الأيام الماضية هجومها المدفعي على عدد من الأحياء السكنية في مدينة الحديدة، ما أدى إلى وقوع إصابات في صفوف المدنيين، وتضرّر منازلهم وممتلكاتهم». وعلى مستوى المحافظة، شنت الميليشيات الموالية للإمارات عملية عسكرية من مسارين جنوب الجبلية، تصدّت لها قوات الجيش واللجان، فيما تعرضت منطقة الجاح ومناطق واقعة في جنوب مدينة التحيتا وشرقها لقصف مدفعي عنيف خلال الأيام الماضية.
تشهد مدينة الحديدة «حالة حرب مفتوحة» منذ عدة أيام
وجاء هذا التصعيد في وقت استأنف فيه المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، مشاوراته للشروع في متابعة تنفيذ اتفاق الحديدة، وسط أنباء عن عودة رئيس «لجنة تنسيق إعادة الانتشار» المعنية بتنفيذ هذا الاتفاق، مايكل لوليسغارد، إلى الاجتماع بممثلي «أنصار الله» وحكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، بهدف استكمال خطوة إعادة الانتشار قبل الانتقال إلى الخطوات الأخرى. وفي هذا الإطار، يقول مصدر سياسي مقرّب من «أنصار الله»، في حديث إلى «الأخبار»، إن «ارتفاع وتيرة خروقات وقف إطلاق النار في الحديدة يأتي في ظلّ رفض الطرف الآخر خطوة إعادة الانتشار التي نُفذت من قِبَل الجيش واللجان في موانئ الحديدة الثلاثة، وتمهيداً لعملية عسكرية واسعة قد يشنّها التحالف خلال الأيام المقبلة». وتحدث المصدر عن «معلومات شبه مؤكدة تشير إلى أن أميركا، ومعها بعض الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، أعطت الإمارات وأدواتها من المرتزقة مهلة شهرين ابتداءً من الأسبوع الجاري، كفرصة جديدة لحسم المعركة في الساحل الغربي، تحت طائلة العودة إلى بنود اتفاق السويد». كذلك، ترافق تصاعد الأعمال العسكرية المضادة لاتفاق السويد مع إقرار حكومة هادي، الأربعاء الماضي، وقف استيراد المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة بشكل نهائي، ومنح تاجر النفط المقرب من هادي، أحمد العيسي، حق احتكار استيراد المشتقات النفطية عبر مصافي عدن، وإلزام التجار بالشراء من هناك.
على مستوى الصراع مع حكومة هادي، التي تواجه موجة استقطاب إماراتي لكبار مسؤوليها في ظلّ وجود الرئيس المنتهية ولايته في الولايات المتحدة للعلاج، لا يبدو أن تسريب أنباء تقليص الوجود الإماراتي في اليمن منفصل عن هذا السياق، وخصوصاً أن عمليات الانسحاب المحدودة الفعلية سُجّلت في محافظة مأرب، حيث التوتر على أشده مع حزب «التجمع اليمني للإصلاح» (إخوان مسلمون). وبحسب مصادر محلية في المحافظة تحدثت إلى «الأخبار»، فقد عمدت الإمارات الى سحب «بطارية باتريوت» تابعة لها وقطع ومعدات عسكرية أخرى من جبهة صرواح غربي مأرب المُجمّدة منذ عامين، إلى معسكر صحن الجن في المحافظة نفسها، تمهيداً لإعادتها إلى أبو ظبي، على أن تحلّ محلّها «بطارية باتريوت» سعودية. كذلك، تفيد المصادر بمغادرة قائد القوات الإماراتية في مأرب، ومعه قيادة عناصر الاستخبارات والاستطلاع والسيطرة والمراقبة الجوية والمراقبة الإلكترونية، الأسبوع الماضي، ليلحق بهم بعض الجنود أول من أمس على متن طائرة عمودية سعودية. وتضيف إن القيادات الإماراتية لم تترك أي خط للتواصل معها في ما يتصل بدعم الجبهات في المنطقة العسكرية الثالثة الموالية لهادي، كما أوقفت إمداداتها من الغذاء والسلاح لتلك الجبهات بشكل كامل.
ويأتي الحديث الإماراتي عن الانسحاب، أيضاً، في وقت تخيّم فيه التوترات بين التشكيلات الموالية لأبو ظبي وبين القوات الموالية لهادي على غير محافظة في الجنوب والشرق، على رأسها محافظة شبوة النفطية (شرق)، التي اندلعت فيها مواجهات عنيفة بين الطرفين الأسبوع الماضي. وعلى رغم تدخل وساطات قبلية لتهدئة الأوضاع، إلا أن نائب الرئيس المستقيل، الجنرال علي محسن الأحمر، تعهّد بطرد التشكيلات التابعة للإمارات، وهو ما قوبل من «المجلس الانتقالي الجنوبي» المدعوم إماراتياً بتحريك ورقة الشارع، والتحريض على طرد «القوات الشمالية» كافة من شبوة والجنوب، والتهديد بفرض أمر واقع «انفصالي». وعلى الصفيح الساخن نفسه، تعيش جزيرة سقطرى، التي يحتدم فيها النزاع بين الطرفين على خلفية مطالبة الفريق الإماراتي بإطاحة محافظ المحافظة، رمزي محفوظ، وطرد وزير الثروة السمكية في حكومة هادي، فهد كفاين، من الجزيرة. وعلى ضوء المعطيات المتقدمة، رأى نشطاء مقربون من حكومة هادي أن حديث الانسحاب الإماراتي ربما يستهدف إخلاء أبو ظبي مسبقاً من المسؤولية عن أي تفجر في الأوضاع، فيما قد يكون الأمر في حقيقته استجابة لرغبة سعودية بهدف نزع فتيل التوتر، أقلّه مؤقتاً.
الهجوم الـ11 على أبها
مرة جديدة، يتعرض مطار أبها السعودي لهجوم بطائرات مسيّرة تابعة للقوات اليمنية. الهجوم الذي وقع في وقت باكر من يوم أمس، جاء ضمن سلسلة عمليات ضد أهداف سعودية في الشهرين الأخيرين. وأفاد بيان صادر عن «التحالف» بأن «هجوماً بطائرة مسيّرة تتبع الحوثيين (استهدف) مطار أبها في وقت مبكر اليوم (أمس) الثلاثاء، وخلّف تسعة جرحى»، فيما أعلن المتحدث باسم قوات صنعاء «تنفيذ سلاح الجو المسيّر عمليات واسعة استهدفت مرابض الطائرات الحربية في مطار أبها الدولي»، مؤكداً أن العمليات «أدت إلى تعطل في حركة الملاحة باتجاه المطار». وبيّن العميد يحيى سريع، في مؤتمر صحافي أمس، أنه نُفِّذ 21 هجوماً بالطائرات المسيّرة على أهداف عسكرية سعودية خلال الشهرين الأخيرين، توزّعت كالآتي: «10 على مطار أبها، و7 على مطار جيزان، و3 على مطار نجران، وواحد على قاعدة خميس مشيط». وكشف عن منظومة صاروخية جديدة دخلت الخدمة، ستُعلَن خلال افتتاح معرض الرئيس الشهيد صالح الصماد للصناعات العسكرية. وأكد أن «بنك أهداف قواتنا يشمل أهدافاً حيوية قد تتفوق من حيث الأهمية الاستراتيجية لدى العدو على المنشآت وأنابيب النفط»، مضيفاً أن «قواتنا قادرة على استهداف عدد من الأهداف في وقت واحد وبأسلحة مختلفة». من جهته، علّق الناطق باسم «أنصار الله»، رئيس وفدها التفاوضي، محمد عبد السلام، على هجوم أبها بالقول إن «القوات المسلحة اليمنية تشهد تطوراً نوعياً وتقدماً ملحوظاً في سبيل مواجهة العدوان على البلاد»، لافتاً إلى أن ثمة «تقدماً ملحوظاً في خضمّ المنازلة التاريخية مع المعتدي الغاشم، الذي لا يفهم غير لغة الردع والرد».
*الأخبار| رشيد الحداد