الشرعجيون والهروبُ نحو المجهول
إب نيوز ١٥ يوليو
عبدالملك العجري
يقابلُ الشرعجيون كُــلَّ دعوات السلام بالتشكيك ويمارسون الإرهابَ ضد كُــلّ من يرفعُ صوتَ السلام أَو التقارُبِ مع أنصارِ الله، وينظرون لأية تسوية سياسية بمثابة مكافئة لأنصار الله والقوى الانقلابية على حَــدِّهم، ورغم أن الحربَ أثبتت فشلَها بإجماع العالم لا يزال هؤلاء ينظرون للحرب مشروعَهم الرابحَ ويسوّقون لها من خلال اتّباع عدد من الاستراتيجيات لإعاقة وعرقلة أية خطوة نحو السلام ومنها على سبيل المثال:
أولاً: التشكيك في السلام
من خلال تبنّي خطاب إقصائي يشيطنُ أنصارَ الله جماعةً ويقدمهم بصورة فلكلورية مؤسطرة تسلبهم هُوِيَّتهم الآدمية بل واليمنية، وإطلاق جملة من النعوت والسمات لتكريس صورة فنتازية تلحِقُ أنصار الله بعالم الظلام وتنسبُها لمحور الشر برئاسة “يزدان” الإله الشرير في العقيدة الثنوية لزرادشت، (متوحش فوضوي رجعي كهنوتية متعالي عنصري إيراني فارسي غازي مستبد ثيوقراطي)، إلى آخر تلك الصفات التي تصورهم خطراً ومؤامرةً على الجهورية ونقيضاً للدولة غير مهيئين بطبعهم للقبول بقيم التعايش. ومثلُ هذا الخطاب يرتبطُ بفكرة المكافحة وتطوير موقفٍ سلبي عدائي؛ بقصد التسويق للحرب وإثبات استحالة المصالحة والتعايش مع هذه الجماعة.
ثانياً: مقابلةُ كُــلّ معطيات فشل الخيار العسكريّ بالإنكار، والإصرار على أن خيار الحرب ممكنٌ بل والخيار الوحيد وتختلف تبريراتهم لتأخر الحسم فمِن قائل إنه بسبب تخاذل التحالف في نُصرة الشرعية وتقديم الدعم الكافي، ومنهم مَن يحمّل اتّفاق السويد المسؤوليةَ، وآخرُ يحمّلُ الإماراتِ وتآمرها على الإخوان ورابعٌ يعيده إلى تواطؤ المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوث، ومجلس الأمن وأمريكا وبريطانيا وفرنسا والاتّحاد الأوروبي مع الحوثيين، وحراكُ الإمارات يحمّل الإصلاحَ وهادي وحكومته المسؤولية.. وهكذا يختلفون في كُــلّ شيء إلّا في تبرئة الحرب من الفشل.
ثالثاً: اتّهامُ كُــلّ من ينادون بالسلام لاعتبارات إنْسَــانية بالانتهازية وأن استخدامَ الأزمة الإنْسَــانية ودماء الضحايا المدنيين للمطالبة بإيقاف الحرب في اليمن، مجرد ابتزاز -كما قال أحدهم- فكلفة الحرب لا تعني بالنسبة لهم شيئاً سواء من ناحية طول فترة الحرب على خلاف كُــلّ التقديرات أَو كلفتها الإنْسَــانية الباهظة والجرائم التي يرتكبها العدوان وتداعيات الحصار الاقتصادية والإنْسَــانية، هذه كلها لا تعني لهم شيئاً ولا توجبُ التفكيرَ في السلام خَاصَّــة أنهم وعوائلهم يعيشون في الخارج ولا يشعرون بما يعانيه المواطن العادي.
رابعاً: أزمة الثقة وانعدام الضمانات..
من التبريرات التي يسوّقون لها باستمرار لإثبات صوابة موقفهم من التسوية السياسية زعمُهم أن أنصارَ الله والقوى الانقلابية. على حدِّهم، لا يلتزمون بالاتّفاقيات ويستقوون عليهم بالسلاح… إلخ تلك التي المزاعم التي يسوقونها وتعكس رغبتَهم بإعاقة أي تقدم باتّجاه الحَــلّ، وأن أزمة الثقة التي يعانونها أنهم لا يثقون بأنفسهم، وإدراكهم لهشاشة وضعهم السياسي، وَافتقارهم لمصادر القوة والإمداد الذاتية الشعبيّة والوطنية غير ما تمدهم به العاصفة، ويتخوفون أن وقفَ الحرب يمثل انكشافاً سياسياً وشعبياً وعسكريّاً، إن في الشمال أَو في الجنوب، أما استمرارُها فيتقاطع بشكل كثيف مع مصالحهم الضيقة التي تعلق آمالاً على تصفية المشهد السياسي في اليمن من كُــلّ الفاعلين الحقيقيين إن في الشمال أَو الجنوب.
خامساً: طرح مطالب ليست خارج سياق الأزمة بل خارج سياق الممكن، ولا تضع اعتباراً للآثار النفسية والتداعيات السياسية والاجتماعية والأمنية للحرب العدوانية ويفاوضون على الشرعية كما لو أنهم يفاوضون على شقة مفروشة وينتظرون تسليمَ المفاتيح، غير مدركين ولا آبهين أنهم يفاوضون على جغرافيا مزّقتها الصراعاتُ المتراكمة المعقدة والمزمنة.
ما هو الحَــلُّ إذاً من وجهة نظرهم؟
رغم أن حكومةَ هادي ومجموعة الرياض لم يعد لهم سلطة ولا شرعية إلّا في الورق إلّا أن الحلولَ العدمية التي يقترحونها للخروج من مأزقهم مثيرةٌ للشفقة والضحك في آن معاً وكأنك أمام مجموعة ليست مستلبةَ الإدارَة فحسب بل ومستلبة الوعي تعاني من شلل في إدراك الواقع وبالتالي عجز عن التعامل معه فمثلاً:
– يقترح بعضُهم ضرورةَ إعادة رسم استراتيجية المواجهة على قاعدة المواجهة الشاملة -كما قال- ومساعدة الشرعية لاستكمال تحرير مدينة الحديدة ومينائها وصنعاءَ وضواحيها وصعدة وما حولها حتى نضمنَ عودة النازحين في الرياض وفي كُــلّ بلدان الشتات وحكومة الفنادق إلى العاصمة صنعاءَ دون أن يمَسَّهم أذىً وتسليمهم مؤسّسات الدولة وتجريد الحوثيين من كُــلّ مصادر القوة التي يمتلكونها، وتقديمهم للمحاكم الدولية والمحلية لينالوا العقابَ القاسي ثم بعد ذلك نعمل مفاوضاتٍ سياسية؟!
-من باب الاحتياط ولمزيد من التطمين يضيفُ آخرُ ضرورةَ تشكيل تحالف دولي عالمي لإنهاء الانقلاب الذي يهدّد الأمن والسلم الدوليين وإلحَاق هزيمة ماحقة بإيران ومشروعها التوسُّعي في المنطقة.