فساد القضاء والمسؤولين… عدوان قديم من نوع آخر…والتحدي الأصعب أمام تنفيذ الرؤية الوطنية
إب نيوز ١٧ يوليو
بقلم/ منير الشامي
العدل أساس الدولة وركنها الأعظم، وشرط قوتها ، وسر بقائها، فلا تكون الدولة قوية إلا بصلاح وليها لأنه إن صلح أحسن اختيار قضاتها ومسؤوليها ، ممن يصلح للقضاء ويتقن حمل المسؤولية ويحسن أداء الأمانة، ويخشى التفريط فيها،وهؤلاء هم من يتصف بالإيمان والعلم ، والخشية والحلم ، والقناعة والفطنة ، والنزاهة والحكمة ، والكفاءة والتأهيل الشامل نفسياً وفكرياً وتخصصياً، ولا يخشى في الله لومة لائم.
وهذا ما لم يكن في النظام السابق ،لا في رأس النظام، ولا في سفاله، ولا في حكومته، ولا في قضاته.
ونظرا لأهمية القضاء والمسؤولية في حياة الأمة ، نجد أن الرسول الأعظم سيدنا محمد صلوات الله عليه وعلى آله ، وهو الذي لا ينطق عن الهوى، قسم القضاة إلى ثلاثة اصناف، واحدٌ في الجنة ، واثنان في النار ( القضاة ثلاثة، قاض في الجنة وقاضيان في النار )
وفصل صفات كل صنف وبين خصائصه، وسماته، فالذي في الجنة هم خلفاء الله في أرضه، علماء اتقياء يغلب عليهم الورع ، وتتعاظم في قلوبهم الخشية من الله ، يميزون الحق من الباطل، ويقضون بالحق، وهم قلة نادرة في هذا الزمان، ومن كان منهم في عهد النظام السابق حوربوا فمنهم من أقصي لعدله ونزاهته وحكمه بالحق ،ومنهم من اعتزل ولم يجد له ناصرا ولا سندا وقد كثر له الأعداء وأعرض عن مناصرته الضعفاء ،خوفا من بطش النافذين ،وظلم الطغاة المستبدين، ومنهم من تم تصفيته بطريقة أو بأخرى.
واما الصنفان الذان في النار هم خلفاء الشيطان فالصنف الثاني منهم هم القضاة والمسؤولين الذين عرفوا الحق وقضوا بغيرة لا يخشون الله ولا يتورعون عن اخذ المال الحرام وحكمهم لمن يدفع اكثر،ومهامهم للاستيلاء على الأموال وليس لخدمة العباد ولا لتنمية البلاد .
واما الصنف الثالث : فهم الجهلة من القضاة والمسؤولين الذين تولوا أمور الناس وهم يجهلون أحكام الله وشرائعه واساليب الإدارة ومهامها وغايتهم أكل اموالهم بالباطل فلا عرفوا حقا ولا قضوا به ، ولا خدموا وطنا ولا افادوا شعبه، و اكثر قضاة اليوم ومسؤوليها من الصنفين الأخيرين.
هاذان الصنفان الأخيران هم من منجزات النظام السابق ومن مخلفاته الباقية والمتربعة على كراسي اغلب النيابات والمحاكم وأغلب المناصب والمكاتب، وعدوانهم مستمر على الشعب منذو عقود خلت وحتى اليوم، وهذه الشرذمة الفاسدة سارت بتوجيه رأس النظام، أدوات للفساد والإنتقام، فحالت دون حدود الله وأحلت لنفسها كل حقوق عباد الله، واستأثرت بكل موارد الوطن،وعبثت باحكام الله والوطن، فبرأت المذنبين وأدانت الأبرياء وقضت بأموال الضعفاء للأقوياء والنافذين ومن احكامهم تدمرت اسر، وخربت بيوت ، وأحلت ما حرم الله، وحرمت ما احل الله ،وتعمدت إطالة النزاعات، ونهب الميزانيات، وأخرت الفصل في امور الناس، تغفل عن الضعفاء المظلومين ، ولا تغفل عن االمتجبرين الظالمين، بطونهم لا تشبع ، ونفوسهم لا تقنع، فكيف ستبنى دولة العدل ، وقضاتها ومسؤوليها من هذه الشاكلة؟، وكيف سيرحل الفساد، ومؤسسات الدولة مليئة برجالة ؟
وكيف ستنفذ الرؤية الوطنية لبناء الدولة في بيئة حاضنة لجراثيم الفساد ؟
فالبناء السليم لا يتحقق إلا في موقع سليم ، وبيئة نظيفة ، وإرادة تواقة للصلاح ومندفعة نحوه ؟
الأمر الذي يجعل تنفيذ الرؤية الوطنية للدولة اليمنية شبه مستحيلا إن لم يكن مستحيلا بالفعل ، ومنطق الحكمة يتعارض كليا مع تنفيذ الرؤية الوطنية في مثل هكذا ظروف ، وتنطلق في مختلف الوزارات في آن واحد ولحظة واحدة .
وإذا كان الأمر كذلك فما هي الخطوة الأولى التي يجب أن تسبق التنفيذ ؟ ومن أي موقع يجب أن تبدأ؟
أن الخطوة الأولى التي يجب أن تسبق عملية التنفيذ للرؤية الوطنية هي تهيئة البيئة للتنفيذ ، بإصلاح مؤسسات القضاء ، وتطهيرها من الفساد ، وحسن اختيار رجالها، ودعمها ، وتمكينها من أداء مهامها في تنفيذ القانون بإستقلالية، وسيادة وطبقا لمبدأ إنا لا نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده في مختلف القضايا شخصية كانت ، أو عامة على حد سواء .
واصلاح مؤسسات القضاء ليست بالمهمة السهلة اطلاقا فأمام ذلك تحديات صعبة ، متعددة وكثيرة ، ولكن إذا توفرت الإرادة القوية للمجلس السياسي الأعلى ، فستتغلب على كل التحديات وستوفر الكثير من الجهد والوقت والكلفة .