لماذا يستجدي نتنياهو بوتين مجددا لإبعاد “حزب الله” عن الجولان؟ وهل يتورط الأردن بتدريب وحدات من الجيش السوري الحر لإشعال جبهة درعا بضغوط أمريكية إسرائيلية؟ ولماذا رفض الرئيس الروسي؟
عندما يهدد بنيامين نتنياهو بسحق “حزب الله” وإعادة لبنان الى العصر الحجري، في رده على مقابلة السيد حسن نصر الله مع قناة “المنار” قبل أسبوع، فان هذا التهديد “الفارغ” يعكس قلقا إسرائيليا وجوديا تمثل في اجراء الجيش الإسرائيلي اربع مناورات عسكرية برية وبحرية وجوية في الأيام الأخيرة تحاكي حربا على الجبهة الشمالية تشارك فيها قوات سورية وايرانية ومن “حزب الله”، مثلما كشف الجنرال تسفيكا حايموفيتش، قائد سلاح الجو الإسرائيلي السابق، في مقابلة مطولة مع صحيفة “معاريف” العبرية.
نتنياهو يدرك جيدا ان الزمن الذي كان يستطيع جيشه إعادة لبنان، او أي بلد عربي آخر، الى العصر الحجري قد ولى الى غير رجعة، وحتى اذا كان الجيش الإسرائيلي قادرا على هذه الخطوة التدميرية فان الثمن سيكون غاليا، وربما لن تبقى دولة إسرائيل في الأساس، سواء في العصر الحجري او غيره.
ما يدفعنا الى التشكيك في تهديدات نتنياهو هذه هو تسريب العديد من التقارير الإخبارية، سواء من قبل مسؤولين في موسكو وتل ابيب، تتحدث عن ارسال رئيس الوزراء الإسرائيلي العديد من الرسائل الى الرئيس بوتين يستجديه فيها لبذل جهوده لإبعاد “حزب الله” عن جنوب سورية كليا، وعدم التمركز قبالة هضبة الجولان المحتلة، ولم يكتف نتنياهو بهذه الرسائل، بل وضع هذه المسألة على قمة جدول اعمال اللقاء الثلاثي الذي انعقد في القدس المحتلة، وشارك فيه مستشارو الامن القومي في روسيا وامريكا والدولة العبرية قبل أسبوعين.
المعلومات المتوفرة تؤكد ان القيادة الروسية رفضت الاستجابة الى هذه الطلبات والاستجداءات الإسرائيلية، مثلما رفضت أخرى مماثلة لإنهاء الوجود الإيراني في سورية، وحذرت القيادة الإسرائيلية من التمادي في قصف اهداف سورية وايرانية على الأراضي السورية، لأنها ستضطر الى إعطاء الضوء الأخضر للدفاعات السورية باستخدام صواريخ “اس 300” المضادة للطائرات، وهناك معلومات شبه مؤكدة تقول بأن هذه الصواريخ باتت فعلا تحت السيادة السورية المطلقة.
الامر الخطير ان الرد الأمريكي الإسرائيلي على هذا الرفض الروسي بدأ ينعكس على شكل إقامة معسكرات تدريب لوحدات تجنيد وتدريب للجيش السوري الحر قرب الحدود السورية الأردنية، تحت ذريعة محاربة قوات الدولة الإسلامية، “داعش”، والحيلولة دون عودتها.
الولايات المتحدة أوقفت اعمال التدريب هذه قبل عامين، وأغلقت غرفة “الموك” الاستخبارية التي تشرف عليها، ولكن اعادة احيائها مجددا ربما يهدف الى استهداف أي قوات لحزب الله وايران الى جانب القوات السورية في الجنوب، وفي محافظتي القنيطرة ودرعا على وجه الخصوص.
الأردن الذي أوقف كل أوجه تقاربه السياسي والاقتصادي مع سورية، وقلص المبادلات التجارية عبر معبر نصيب الحدودي بين البلدين، يرتكب خطأ استراتيجيا اذا ما تورط مجددا في سورية بضغوط أمريكية إسرائيلية اذا تأكدت صحة التقارير في هذا الصدد، لان ثمن هذا التورط سيكون باهظا سياسيا وامنيا في ظل المزاج الشعبي العام الرافض لمثل هذا التورط، والأكثر حرصا على تطبيع كامل للعلاقات مع الشقيق والجار السوري، مضافا الى ذلك الحراك الشعبي الأردني المرشح للتصاعد في الأيام المقبلة احتجاجا على غياب الإصلاح، والغاز الإسرائيلي، وحصار سورية بطلب من ملحق تجاري في السفارة الامريكية في عمان.
السيد نصر الله على درجة عالية من الوعي بالمخططات الإسرائيلية الامريكية ضد سورية ومحور المقاومة في لبنان والجنوب السوري، انعكست بجلاء في مقابلته المذكورة آنفا، وتهديده باجتياح الجليل، وقصف صاروخي لكل مدينة في فلسطين المحتلة ابتداء من عكا وحيفا وتل ابيب وحتى ايلات (ام الرشراش) في اقصى الجنوب.
زعيم “حزب الله” اعرب عن امنيته، بل عزمه، على الصلاة في القدس وبعد تحريرها، ويبدو انه لن يطول انتظاره كثيرا قبل تحقيق هذه الأمنية.. والله اعلم.