ماذا يعني طباعة العملة دون غطاء؟
إب نيوز ١٨ يوليو
رشيد الحداد
تردد هذا السئوال على نطاق واسع في الشارع اليمني في الأونة الأخيرة في ظل اتجاه حكومة هادي بطباعة كميات كبيرة من العملة دون غطاء نقدي، وضل طيلة عامين يبحث عن إجابة في ظل التحذيرات من التعامل بالعملة الجديدة المطبوعة دون غطاء، سنحاول الإجابة على تساؤلات الشارع عن العملة المطبوعة بدون غطاء وعن مخاطر التعامل بها على الاستقرار المعيشي والاقتصادي وسنبدأ بالتطرق للعملة وأهميتها ومخاطر اللجوء إلى طباعتها وشروط الإصدار النقدي الجديد.
أولاً: العملة تعد وحدة التبادل التجاري يتم تداولها بين الناس وتحمل الصفة الرسمية والقانونية لاستخدامها في عمليات البيع والشراء، وتختلف وتتنوع من دولة إلى أخرى كالريال والجنية والشلن والدولار والمارك والليرة.
ثانياً: ترتبط العملة بسيادة الدول لأنها تعد وحدة نقدية متعامل بها وتصدر عن المصرف أو البنك المركزي بموجب القوانين والأنظمة السائدة في البلد، وبالتالي فأن العملة الوطنية لأي بلد تعد عملة سيادية يرتبط استقرارها أو عدم استقرار باستقرار الأوضاع في البلد التي تنتمي إليها أو عدم الاستقرار، وفي حال الاستقرار يزداد النمو الاقتصادي وتتحقق في تلك الدول والحكومات معدلات التنمية الاقتصادية ، وتعد العملة الوطنية في اليمن بمثابة الترمومتر التي من خلاله يتم قياس وضع الاقتصاد الوطني في ظل عدم وجود بورصات مالية وطنية ، تتيح للمراقبين الاقتصادين معرفة حركة السوق اليومية ارتفاعاً إو انخفاضاً .
ثالثاً: تلجا الدول إلى إصدار العملة الجديدة في حال ارتفاع معدلات العجز العام في الموازنة العامة للدولة من جانب، وفي حالة تحقيق معدلات تفوق المتوقع في النمو الاقتصادي أدى إلى زيادة الطلب على العملة المحلية من قبل المستثمرين والمدخرين نظراً لارتفاع معدل معدلات الأمان فيها مصحوباً بتحقيق معدلات عالية في النمو الاقتصادي ، ولذلك فأن لجوء الدول والحكومات لطباعة العملة بهدف تغطية العجز العام في الموازنة يكون اتجاه سلبي وكارثي ويكون له تداعيات سلبية على النشاط الاقتصادي والاستثماري وعلى معدلات الدخول في حال ما طبعت المزيد من العملة دون غطاء نقدي وحالة اليمن منذ ثلاث سنوات نموذجاً حياً لهذا الاتجاه الكارثي ، وفي الحالة الأخرى في حال ارتفاع معدل النمو الاقتصادي يصبح طباعة المزيد من العملة أحد أدوات السياسة الاقتصادية لإنعاش الاقتصاد وزيادة الإنتاج ، فيزيد المعروض من السلع والخدمات مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار .
أذن . طباعة العمل من قبل الحكومات أو البنوك المركزية عملية فنية معقدة اقتصاديًا، لأتلجأ إليها إلا عندما تمتلك غطاء نقدي أكان من العملات الأجنبية أو غطاء من الذهب أو زيادة في السلع والخدمات المحلية وهو ما يعني وجود نمو اقتصادي حقيقي، حتى تكون النقود المطبوعة وفق الاحتياجات من السيولة النقدية بعد تصديرها من البنك المركزي إلى السوق للتداول ذات قيمة حقيقية وليست مجرد أوراق مطبوعة.
أما طباعة العملة النقدية دون غطاء نقدي أو ما يوازيها من العملات الأخرى من النقد الأجنبي كالدولار أو الذهب و زيادة في الإنتاج المحلي من السلع والمنتجات الاستهلاكية ، كما هو حال حكومة هادي وبنك عدن المركزي ، فإنها تتسبب في انخفاض القيمة الشرائية للعملة المحلية من جانب وتقود إلى ارتفاعات موازية في أسعار المواد الأساسية من الغذاء والدواء والوقود والخدمات والكماليات في الأسواق المحلية، وتدفع بالحركة التجارية في الأسواق المحلية نحو المزيد من الانكماش ، وكلما زاد المعروض من تلك العملات المطبوعة دون غطاء في السوق المحلي كلما تدهورت الأوضاع الاقتصادية والإنسانية وتراجع مستوى الإنتاج المحلي والخدمات بسبب ارتفاع التكلفة الإنتاجية ، وتراجع الطلب في السوق المحلي بسبب تدهور القدرات الشرائية للمواطنين ، وكلما تجنب المواطن التعامل بها وحد من تداولها في السوق كلما حافظ على استقراره المعيشي وساهم في الحفاظ على الاستقرار التمويني والسعري في السوق المحلي.
ونتيجة لذلك إمعان حكومة هادي بتغطية عجزها عن استعادة الإيرادات العامة للدولة في المحافظات الجنوبية والشرقية التي كانت تغطي الموازنة العامة للدولة بنسبة تتجاوز الـ 70% باعتبار تلك المحافظات محافظات نفطية ، تلجأ إلى التمويل التضخمي أي طباعة العملة لتغطية العجز العام في الموازنة، والذي يؤدي انخفاض قيمة العملة الوطنية وارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية ، وزيادة العجز في ميزان المدفوعات وارتفاع فاتورة الواردات ، ومن خلال التداعيات المتعددة التي ذكرنا بعضاً ، فأن طباعة العملة دون غطاء تعد أداة حرب في ظل الانقسام السياسي والمالي بين صنعاء وعدن وتحكم طرف واحد بوظائف البنك المركزي واستخدامها بشكل مخالف لقانون البنك المركزي اليمني رقم 14 لسنه 2000م الذي يحث البنك على الحفاظ على استقرار العملة والحفاظ عليها وحمايتها من التدهور ويعتبر ذلك احد أهم اهداف ومهام البنك المركزي .
ولكن يستطيع المواطن اليمني الحد من أثار العملة المطبوعة دون غطاء من خلال عدم التداول بها، لأن التعامل بها يؤدي إلى المزيد من الانخفاض في القيمة الشرائية للعملة الوطنية والذي بدورة ينعكس سلباً على القوة الشرائية للعملة التي تنعكس سلباً على حياة المواطنين مما يؤدي إلى تراجع الحركة التجارية في الأسواق المحلية، وتعمل على تراجع معدل الإنتاج الوطني في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج نتيجة الانخفاض في القيمة الشرائية للعملة، مما يؤدي إلى تراجع مستويات الإنتاج وتوقف الاستثمارات وتأكل رؤوس الأموال في البلد.
فتلك العملة غير قانونية بحسب القانون أصلاُ ولا يمنحها القانون أي قيمة أسمية مالم يتم طباعتها بطرق صحيحه وبغطاء نقدي، وفي كثير من الدول التي تلجا حكوماتها لطباعة العملة يمتنع المواطنين عن التعامل بتلك العملة للحد من أثارها السلبية على حياتهم المعيشية.
ملتقى الكتاب اليمنيين