لماذا تسعى السعودية لإحتلال المهرة وميناءها المطل على بحر العرب؟
إب نيوز ١ اغسطس
ميناء “نشطون” أحد أهم الموانئ المهمة في اليمن يقع الواجهة الشرقية للبلاد غربي مديرية الغيضة عاصمة محافظة المهرة وأهم مديرياتها وهو الميناء الوحيد فيها. وجرى افتتاح الميناء في العام 1984م ويبلغ طوله 210 أمتار، ومستوى الغاطس فيه خمسة أمتار، وأنشئ كميناء متعدد الأغراض ليخدم الحركة التجارية والسمكية، وجرى إعادة تأهيله من جديد في العام 2010م. ويمتاز الميناء بحركته التجارية بين دول الخليج ومحافظة المهرة وضعف قبل سنوات بسبب فتح الطريق البري بين اليمن ودول الخليج وبعد تعطل أغلب الموانئ اليمنية وإغلاق معظم المنافذ البرية الدولية جراء الحرب التي تعيشها اليمن منذ العام 2015م بدأ يكتسب الزخم من جديد.
ولطالما شكلت مناطق يمنية من بينها “المهرة وحضرموت وشبوة” حلم سعودي” قديم ومتجدد لإيجاد منفذ بحري للمملكة عبر سلطنة عُمان أو اليمن من شأنه أن يمثّل طريقاً بديلاً لتصدير النفط في ظل الأزمة مع إيران. وخلال الحرب التي تصدّرتها منذ العام 2015م سعت السعودية إلى صرف الأنظار عن الشرق اليمني وتحديداً المهرة، والتصرف بخطوات شديدة الحذر هناك إلا أن الأحداث في هذه المحافظة الحدودية مع سلطنة عُمان أعادت تسليط الضوء مجدداً وطرح تساؤلات عما تريده الرياض في اليمن ولماذا تدور الحرب شمالاً وجنوباً فيما قوات عسكرية وأسلحة كبيرة أرسلتها إلى المهرة التي لم تصلها نيران الحرب وقذارتها.
ومنذُ قدوم السعودية وقواتها إلى المهرة لم تعد حركة الميناء التجاري كما كانت من قبل، فقد حولته الرياض إلى ثكنة عسكرية وأصبح ميناء خارج عن سيطرة الحكومة اليمنية. وفرضت السعودية منذُ ذلك الحين قيوداً على الحركة التجارية والاستيراد، في كلٍ من ميناء “نشطون” ومنفذي “شحن” و”صرفيت” على الحدود مع عُمان وهو ما أثّر “بشكل سلبي في الإيرادات التي تحتاجها المحافظة لتوفير الخدمات الأساسية وتسيير حياة المواطنين.
وتقول تقارير صادرة عن مراكز دراسات إن الأطماع السعودية المفترضة في الشرق اليمني غير جديدة في الواقع إذ كانت أحد أسباب عدم استقرار العلاقات السعودية – اليمنية على مدى العقود الماضية. وكان الميناء في الوقت السابق يعمل كميناء متعدد الأغراض وتصل إليه السيارات والشاحنات والبضائع المختلفة من عدة دول خارجية، أغلبها من دول الخليج كميناء دبي الإماراتي وميناء صلالة العماني ثم تحول مؤخرا من مستورد لمختلف البضائع إلى ميناء مخصص لاستيراد المشتقات النفطية فقط وفق الإجراءات التي تم استحداثها بأكثر من آلية في الفترة الأخيرة.
ويتواجد في الميناء فريق حكومي من مختلف المؤسسات الحكومية لإدارته كالنقل والجمارك، إضافة للقوات الأمنية التي تتولى المهام هناك كالأمن السياسي والقومي، والأمن العام، ثم قوات تتبع الجيش اليمني، وتتولى الحراسة فيه، وتتبع اللواء 137 مشاة، وعندما جاءت القوات السعودية فرضت هيمنتها على الجميع هناك.
يقول الشيخ القبلي “علي الحريزي” في تصريحات سابقة إن وفداً رسمياً من الحكومة السعودية زار الرئيس السابق “صالح” والتقى به في العاصمة صنعاء في العام 2002م للتفاهم حول مد الأنبوب النفطي في محافظة المهرة لكن ذلك اللقاء انتهى بالفشل. وأكد “الحريزي” أن صالح استدعاه وأبلغه بأن السعودية تريد مد أنبوب نفطي عبر المهرة بطول 300 كيلومتر ويضخ يوميا 500 ألف برميل وستقوم بشق طريق إسفلتي محاذي للأنبوب بمسافة تصل من اثنين إلى أربعة كيلومترات في جانبي الطريق ويخضع الطريق لسيادتها الكاملة ويحميه الجيش والأمن السعودي دون أي تدخل للجانب اليمني وسيتم إنشاء جسور على طول الطريق تكون مخصصة لليمنيين دون أن يعبروا في تلك الطريق التي ستنشؤها السعودية.
وأضاف “الحريزي” أن الرئيس “صالح” اقترح على السعوديين منحهم مدينة على البحر العربي لتسكين الموظفين والخزانات والصيانة وتحديد قوة يمنية خالصة تتولى عملية الحراسة في الميناء وتتعامل مع وزارة الخارجية لتحديد الموظفين اليمنيين والسعوديين وفرق الصيانة.
ولاينحصر الحديث حول المشروع السعودي في شرق اليمن بميناء نفطي وأنبوب يمر عبر اليمن بل يصل إلى “قناة بحرية” وهو ما أطلقت عليه مجلة “المهندس” الصادرة عن الهيئة السعودية للمهندسين السعودية خلال العام 2015م اسم “مشروع القرن”. فيما قالت صحيفة “عكاظ” في إبريل/نيسان 2016م إن السعودية أكملت “الخطوات الإجرائية لدراسة مشروع القناة البحرية، التي تربط الخليج العربي مروراً بالمملكة إلى بحر العرب للالتفاف حول مضيق هرمز ما يمكّن المملكة من نقل نفطها عبر هذه القناة المائية الصناعية الأكبر في تاريخ القنوات المائية الصناعية الكبرى في العالم”.
ونقلت الصحيفة عن المهندس عصمت الحكيم الذي كشف فصول المشروع الأكبر العائد لدراسة في شركة الكهرباء السعودية أن الفكرة تتمحور حول إنتاج الطاقة الكهربائية في مرحلته الأولى ثم يتحوّل إلى مشروع متكامل تحت اسم “النهضة الثانية للمملكة”. وتتلخص “الفكرة الرئيسية في فتح قناة بحرية من بحر العرب مروراً بالحدود العُمانية واليمنية وتمتد إلى داخل المملكة في الربع الخالي ثاني أكبر صحراء في العالم وتحتل الثلث الجنوبي الشرقي من شبه الجزيرة العربية. ويقع الجزء الأعظم منه داخل الأراضي السعودية بمساحة 600 ألف كيلومتر مربع وتمتد ألف كيلومتر طولاً و500 كيلومتر عرضاً”.
وتطرقت المجلة السعودية حينها إلى تفاصيل مثيرة حول مشاريع نووية وصناعية ضخمة تقوم في ضوء المشروع. لكن الأحلام السعودية ومخططات الهيمنة التي خططت وسعت لها، انصدمت في جدار شعبي صلب يستميت في الدفاع عن الأرض وسيادتها. وعلى الرغم من استخدام السعودية ومرتزقتها الذين يقودهم المحافظ “راجح باكريت” العديد من الممارسات الاستفزازية والرخيصة ضد الاحتجاجات التي تعم المحافظة إلا أنها فشلت في جر أبناءها الذين يطالبون بخروج قواتها من محافظتهم بشكل سلمي إلى مربع الفوضى.
وتمتلك المهرة أطول شريط ساحلي باليمن يقدَّر بـ560كم مطل على بحر العرب كما بها منفذان بريان مع سلطنة عُمان: “صرفيت” و”شحن”.
(المهرة بوست)