عبدالباري عطوان: الحرب في عدن سعودية إماراتية بواجهات يمنية.. لماذا تحول التحالف الى الخصومة؟
Share
إب نيوز ١٠ اغسطس
عبدالباري عطوان:
الحرب في عدن سعودية إماراتية بواجهات يمنية.. لماذا تحول التحالف الى الخصومة؟ وما هي الحلول والمخارج الممكنة لتطويق الازمة؟
تتواصل الاشتباكات الدموية في مدينة عدن بين قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي اليمني الانفصالي والمدعومة اماراتيا، وبين قوات حكومية تابعة للرئيس عبد ربه منصور هادي، اثر محاولة اقتحام الأولى، أي الحزام الأمني، قصر المعاشيق، مقر الحكومة المؤقتة بعد مطالبة قادة المجلس الانتقال بإسقاطها.
الصدامات الدموية هذه داخل التحالف السعودي الاماراتي الذي يخوض الحرب ضد حركة “انصار الله” الحوثية في اليمن، جاءت بعد اتهام المجلس الانتقالي حزب الإصلاح اليمني الاسلامي المدعوم سعوديا بالتواطؤ في هجوم صاروخي استهدف عرضا عسكريا لقوات (المجلس الوطني) أدى الى مقتل العشرات كان بينهم العميد منير اليافعي، احد ابرز قادة قوات الحزام الأمني.
انها حرب بالانابة بين الحليفين الرئيسيين، أي المملكة العربية السعودية والامارات، تأتي انعكاسا للخلاف الصامت بينهما الذي بلغ ذروته بعد قرار الأخيرة، أي الامارات، سحب قواتها من اليمن، ووقف مشاركتها العسكرية فيها، وارسال وفد امني تابع لها الى طهران لبحث قضايا امنية وحدودية مشتركة بين البلدين، ودون التنسيق مع الحليف السعودي.
العلاقات بين العرب تتسم بالمزاجية الحادة، وتنتقل في أحيان كثيرة من التطرف في التحالف والود الى التطرف في الخصومة والعداء، ويبدو ان هذه القاعدة تنطبق حاليا بطريقة او بأخرى، على العلاقات السعودية الإماراتية.
المطالبات لا تتوقف عن ضرورة التحلي بضبط النفس ووقف هذه الاشتباكات الدموية فورا حقنا للدماء، وضرورة التوصل الى هدنة ولو مؤقتة بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، ولكن الوقائع على الأرض تقول بغير ذلك.
دولة الامارات تجاهر بدعمها لانفصال الجنوب، وقيام دولة تخضع لسيطرتها، وعبّر اكثر من مسؤول اماراتي عن هذه الاستراتيجية، بينهم الدكتور عبد الخالق عبد الله، الناطق شبه الرسمي للشيخ محمد بن زايد، ولي عهد الامارات، الذي قال ان اليمن لن يعود موحدا مثلما كان عليه الحال في السابق، والفريق ضاحي خلفان، نائب رئيس شرطة دبي الذي طالب علنا بانفصال الجنوب في احدى تغريداته، وانتقد الرئيس هادي مذكرا له بأنه لم ينتصر قائد يقيم في الفنادق.
السعودية في المقابل تتمسك بالرئيس هادي وتعتبر “شرعيته” غطاء ضروريا لتبرير حربها التي دخلت عامها الخامس في اليمن، وارسلت دباباتها وطائراتها لحماية قواته في عدن، ومنع اقتحام قصر المعاشيق بالتالي، في مواجهة مباشرة مع قوات الحزام الأمني المدعومة اماراتيا، معلنة بذلك معارضتها المسلحة للإمارات ومشروعها في الجنوب.
لا نعتقد اننا سنرى حلا وشيكا لهذه الازمة الدموية في عدن، وان كنا لا نستبعد “هدنة” مؤقتة تعود بعدها الحرب بالإنابة بين انصار السعودية والامارات الى مرحلة ربما تكون اكثر شراسة في المستقبل المنظور.
الامارات والسعودية خسرتا الحرب في اليمن، الاولى قررت الانسحاب وتقليص الخسائر، والثانية تبحث عن مخرج بعد ان وجدت نفسها وحيدة في مواجهة حركة “انصار الله” الحوثية التي تتوغل في أراضيها وتعطل مطاراتها في الجنوب، وتملك ترسانة هائلة من الصواريخ والطائرات المسيرة.
ربما من المبكر الجزم بأن الحوثيين هم الطرف الرابح حتى الآن لصمودهم ووحدتهم وتفكك خصومهم نتيجة صراعات داخلية، سواء على صعيد الدول، او الجماعات المسلحة، ولكنها لحقيقة، التي تتجلى وقائعها على الأرض، وحرب عدن الاهلية هي احد الأدلة.. والله اعلم.