بالصواريخ والذخائر الجوالة.. المطارات السعودية في مرمى النيران .
إب نيوز ٢٢ اغسطس
محمد المنصور
تكثفت منذ آذار/مارس الماضي عمليات جماعة أنصار الله في اليمن ضد المطارات والعمق السعودي، والتي شهدت استخداماً متكرراً للطائرات الهجومية دون طيار، وقد حققت معظم هذه الهجمات أهدافها بشكل وضع مزيد من علامات الإستفهام حول نجاعة وسائط الدفاع الجوي بشكل عام حيال هجمات من هذا النوع، وحول كفاءة الدفاع الجوي السعودي بشكل خاص حيال تكرار مثل هذه الهجمات.
نستطيع تقسيم مراحل استهداف المطارات السعودية من الأراضي اليمنية إلى أربعة مراحل، المرحلة الأولى كانت في الفترة ما بين شباط/فبراير 2015 وحتى تشرين الأول/أكتوبر 2016. خلال هذه الفترة كان استهداف المطارات السعودية يتم بإستخدام الصواريخ حصراً، حيث تعرض مطار جازان إلى ثلاث ضربات صاروخية، بجانب ثلاثة ضربات أخرى استهدفت مطار أبها الأقليمي. هذه الضربات تمت بصواريخ “قاهر-1″، وهي صواريخ معدلة عن صواريخ الدفاع الجوي السوفيتية “سام-2″، لتصبح صواريخ أرض – أرض يبلغ مداها 250 كيلو متر وتستطيع حمل شحنة متفجرة تصل زنتها إلى 200 كيلو جرام. انتهت هذه المرحلة في أواخر تشرين الأول/أكتوبر 2016 بنقلة نوعية تم فيها استهداف مطار الملك عبد العزيز في مدينة جدة غربي السعودية بصاروخ “بركان-1″، هذا الصاروخ كان قد تم الإعلان عنه رسمياً قبل هذا التاريخ بشهر واحد، وحينها تم استخدامه للمرة الأولى في إستهداف مدينة الطائف. يبلغ مدى هذا الصاروخ ما بين 800 إلى 900 كيلو متر، وهو تعديل محلي لصاروخ “سكود سي” السوفيتي، ويبلغ وزنه الكلي ثمانية أطنان تتضمن نحو نصف طن من المواد المتفجرة. بدأت بذلك المرحلة الثانية من مراحل إستهداف المطارات السعودية، والتي استمرت حتى تموز/يوليو 2018، وشهدت هذه الفترة عدة استخدامات نوعية لمنظومات صاروخية جديدة، على رأسها صاروخ “بركان-2 إتش”، الذى تم استخدامه للمرة الأولى في شباط/فبراير 2017 في استهداف قاعدة عسكرية سعودية غربي الرياض. تم استخدام هذا الصاروخ بعد ذلك خلال هذه الفترة ثلاثة مرات في استهداف مطار الملك خالد في مدينة الرياض. هذا الصاروخ المطور من صاروخ “بركان-1” وصل مداه إلى 1400 كيلو متر . كذلك تم خلال هذه الفترة استهداف مطار أبها الإقليمي جنوبي البلاد أربعة مرات، منها ثلاثة مرات بصواريخ “قاهر-2أم” التي تم الإعلان عنها للمرة الأولى آذار/مارس 2017، وهو تطوير لصواريخ “قاهر-1″، تم فيها زيادة الدقة وزيادة الشحنة المتفجرة لتصبح زنتها 350 كيلوجرام، يضاف الى هذه المرات الثلاث مرة رابعة في نيسان/أبريل 2018 تم فيها الأستخدام الأول للذخائر الجوالة “قاصف -1″، وهي طائرة انتحارية دون طيار مزوّدة بمحرّك يعمل بالبنزين يوفّر لها مدى يصل إلى 100 كيلو متر، ومدة تحليق متواصل تصل الى ساعتين، ومزوّدة برأس متفجر تصل زنته إلى 30 كلغ. هذه الفترة شهدت أيضاً خمسة استهدافات لمطاري جيزان ونجران، تم فيها الإستخدام الأول لصواريخ المدفعية الصاروخية “بدر-1” في ضرب منشآت تابعة لشركة أرامكو النفطية بنجران في آذار/مارس 2018.
شهد عام 2018 الإعلان عن عدة أنواع جديدة من الطائرات دون طيار الخاصة بعمليات الإستطلاع وتصحيح رمايات المدفعية وغيرها من المهام المساندة، منها طائرة الاستطلاع وتصحيح النيران “راصد”، وهي مزوّدة بمحرك كهربائي يوفر لها مدى يصل إلى 35 كم ومدة تحليق متواصل تصل إلى ساعتين، والطائرة “هدهد-1” التي يصل مداها إلى 30 كم، ومدة تحليقها المتواصل هي 90 دقيقة، والطائرة “رقيب” وهي طائرة استطلاع ميداني قريب يبلغ مداها 15كم ومدة تحليقها المتواصل 90 دقيقة.
انتهت هذه المرحلة في أواخر تموز/يوليو 2018، بإستهداف نوعي للمرة الأولى لمطار أبوظبي، الذي يبعد نحو 1300 كيلومتر عن أقرب نقطة في محافظة صعدة شمالي اليمن، وقد تمت هذه العملية بإستخدام الذخائر الجوالة “صماد-3” في ظهورها العملياتي الأول، وقد سبقت هذه العملية بأسبوع عملية أخرى تم فيها استخدام طائرات “صماد-2” في استهداف منشأة تابعة لشركة أرامكو النفطية في الرياض. هذا النوع من الذخائر الجوالة شكل نقلة نوعية نظراً لمداه الكبير الذي يصل إلى 1500 كيلو جرام، وإن كانت التقديرات التي تتحدث عن زنتها المتفجرة تتراوح ما بين 50 إلى 70 كيلو جرام فقط، إلا أن قوتها تكمن في تنفيذ هجمات بأعداد كبيرة منها على هدف محدد.
بدأت بعد ذلك المرحلة الثالثة من مراحل استهداف المطارات السعودي، والتي أستمرت لمدة قصيرة ما بين تموز/يوليو وأيلول/سبتمبر 2018، وتم خلال هذه الفترة تنفيذ ثلاثة هجمات متتالية خلال شهر أيلول على مطار جيزان بصواريخ “بدر-1” بجانب هجوم واحد على مطار أبها الأقليمي بذخائر “قاصف-1” الجوالة، بجانب هجومين نوعيين على مطار دبي الدولي بإستخدام الذخائر الجوالة “صماد-3”. شهدت هذه الفترة أيضاً، وتحديداً شهر تشرين الأول/أكتوبر الأعلان عن النسخة الموجهة من صواريخ “بدر-1” تحت أسم “بدر-1بي”، والذي يصل مداه إلى 150 كيلو متر.
سادت بعد هذه المرحلة فترة هدوء لم يتم فيها استهداف المطارات السعودية أو الإماراتية، إلى أن بدأت المرحلة الرابعة من عمليات الإستهداف في منتصف آيار/مايو 2019، حين تم قصف محطتي ضخ للنفط في محافظتي الدوادمي وعفيف السعوديتين، وخط لنقل النفط ما بين شرقي وغربي البلاد، وذلك بإستخدام الخذائر الجوالة “صماد-3”. تلا ذلك استهدافات متتالية ومكثفة لعدد من المطارات السعودية منذ ذلك التاريخ وحتى الأن. حيث تعرض مطار نجران في الفترة من 21 آيار/مايو وحتى 5 آب/أغسطس لخمسة هجمات بإستخدام جيل جديد من أجيال الذخائر الجوالة “قاصف” والمسمى “قاصف-تو كيه”، والذي تم أستخدامه سابقاً للمرة الأولى في كانون الثاني/يناير لضرب قاعدة العند الجوية جنوبي اليمن، ويتميز بأنه لا يصطدم بشكل مبشار بالهدف كما هو الحال عليه في الذخائر الجوالة المماثلة، لكنه عوضاً عن ذلك ينفجر فوق الهدف بمسافة تتراوح بين 10 الى 20 متر، مما يساهم في نشر الموجة التدميرية بطريقة أكثر فعالية.
تعرض كذلك مطار أبها الاقليمي خلال هذه الفترة للعدد الأكبر من الهجمات بالذخائر الجوالة، حيث تعرض المطار وراداراته ومدرج الإقلاع الخاص به ومرابض الطائرات، ومحطة تهامة القريبة منه إلى 25 موجة هجومية، لعل أهمها هجوم تم يوم 12 حزيران/يونيو 2019، تم فيها استخدام صاروخ “قدس” المجنح، وهذا الصاروخ سابقاً لم يستخدم إلا فقط في عملية استهداف مفاعل “براكة” النووي بأبو ظبي في أواخر عام 2017. هذا الصاروخ مشتق من الصاروخ الروسي “KH-55″، مع تعديلات في البدن والمحرك، ويصل مداه إلى 150 كيلو متر. الهجمات الأخرى خلال هذه الفترة استهدفت مطار جيزان “9 هجمات”، وقاعدة الملك عبد العزيز الجوية في خميس مشيط “هجوم واحد”.
بشكل عام نستطيع أن نعتبر استهداف جماعة أنصار الله للمطارات السعودية والأماراتية بشكل خاص، وأراضي الدولتين بشكل عام، جزء من استراتيجية أساسية تتبعها الجماعة من أجل الرد على عمليات التحالف العربي في اليمن، وهي عملية نقل للمعركة إلى اراضي دول التحالف، بشكل نوعي يخلق جدلاً حول نجاعة الوسائط المتوفرة لدى هذه الدول من أجل حماية عمقها الحيوي من الاستهداف الجوي. وعلى ما يبدو فأنه ونظراً للتطور الواضح في إمكانيات الجماعة على مستوى الصواريخ والطائرات دون طيار، فإنه من المتوقع أن تشهد الفترة القادمة مبتكرات جديدة في هذين المجالين، وفي مجالات الدفاع الجوي والبحري. خاصة وأن التقنيات المستخدمة في الجانب الصاروخي أصبحت تتعدى مجرد التعديل على صواريخ غير موجهه، حيث أعلنت الجماعة في نيسان/أبريل الماضي عن جيل جديد من صواريخ “بدر” تحت أسم “بدر-أف”، ويتميز هذا الصاروخ التكتيكي بدقة اصابة تقل عن خمسة أمتار، وبأنه موجه ويحمل رأس حربي متشظي يصل مدى قوسه التدميري إلى 3580 متر، وينفجر فوق الهدف مكوناً الآلاف الشظايا القاتلة، وفي حالة تعديل مداه ليكون أبعد، سيشكل خطورة كبيرة على العمق السعودي تحديداً، لأن يجمع ما بين القوة التدميرية ودقة الإصابة.