مقلبُ القرن وإثباتُ وَهْـــم الشرعية.
إب نيوز ٢٥ أغسطس
يتذاكون ويدّعون الدهاءَ ويعتقدون صوابيةَ التوجّه السياسي الذي يرون أنه سيخرجُهم إلى بَـرّ الأمان ويجعلُهم يعيشون أعزاء كرماءَ وفي بحبوحة ورفاهية وسعادة، وعلى أرضهم يرحبون بالمحتلّ ويضطهدون إخوانهم الوطنيين من أبناء المحافظات الشمالية ويطردونهم كُرهاً وبُغضاً من المناطق الجنوبية، ولا أرى ذلك إلا بدافعٍ أجنبي حاقدٍ وبغيض وجد في مليشيات المجلسِ الانتقالي ضالته المنشودة لتكريس المناطقية والعنصرية بين أبناء الشعب اليمني الواحد الذي تجمعُه ثقافة واحدةٌ وبيئةٌ مجتمعيةٌ مشتركة وعاداتٌ وتقاليد جامعة.
وبعد أن قامت العناصرُ التابعةُ للمجلس الانتقالي بجلب الغزاة المحتلّين وجعلت أرضَها عُرضةً للغاصبين الناهبين وفريسةً سهلة ينهشُها الغزاةُ، ها هم يتباهون بذلك أمام العالم، وبلُغتهم المناطقية العنصرية يزدادُ فوحُ الكراهية من أفواههم وهم ينعتون بعضهم البعض بأبشع الصفات السيئة ويصبون لعناتهم القبيحة على من يحيدُ عن تعصُّبِهم الأعمى وعن عصابتهم التي لا تمثلُ أبناءَ الجنوب ولا تعبّرُ ممارساتُهم تلك إلا عن حقدهم الدفين لإخوانهم الشماليين وما زالوا هم أنفسهم يخوضون صراعاً جنوبياً جنوبياً مبعثُه المناطقية والعُنصرية الذي تقودُه الفصائلُ المسلحةُ التي لا ترى أمامَها إلّا ما يدرُّه عليهم أربابُهم من قادات تحالف العدوان من أموال ووعود زائفة بمستقبلٍ جميل؛ ولذلك فقد تطبّعوا على الارتزاق والعمالة والانبطاح لمن يدفعُ ويشتري منهم سيادتَهم واستقلالَهم وكرامتَهم مقابل اشتراكهم في تمزيق أرضهم وتشتيت وحدتهم وطرد إخوانهم.
ومن يعِشْ وَهْــمَ السيطرة والنفوذ على 80% من جغرافيا اليمن لا زال يُمنّي نفسه ويُؤمِّل في تحالفٍ خادعٍ ماكر لم يُبقِ لشرعيته المزعومة حتى 8% من سيطرة الوجود والحضور الذي كان يتغنـّى بها أتباعُ الشرعية التي انهارت في طرفة عين على يد عملاء التحالف السعودي الإماراتي الذي يتفانى في ذر الرماد على عيون نزلاء الفنادق في تركيا وأخواتها من جمعت في غرفها مناهضي الثورات الحقيقية التي تنشد الحرية والعزة والسيادة.
ليس ثمة مشكلة في مشروع انفصال جنوبٍ دولة عن شمالها إن كانت عوامل ذلك هي إرادة شعوب وَمطلب جماهيري فليس باستطاعة أية قوة على الأرض أن تقف حائلاً أمام إرادة الشعوب الحرة في تقرير مصيرها وإنما المشكلة والطامة الكبرى هو أن يتبنى مشروع الانفصال ذلك المحتلّ الغازي القديم الذي يتوقُ إلى استعادة احتلال دام 128 عاماً وتطبيق واقعٍ استعماري مرير يتستر خلف أدواتٍ عميلة مأجورة هي بدورها أضحت تحتَ وصاية التاج البريطاني بسياساتها وتوجّهاتها التي تخدُمُ الصهيونية العالمية والدول الاستكبارية في العالم.
تلك الدولُ التي جاءت وتدخّلت في الشأن الداخلي اليمني بمبرّرات إعادة شرعية مزعومة لها تجاربُ استعباديةٌ واستبدادية بأشكال مختلفة أجرمت وانتهكت الحقوقَ ونالت من الحريات وأفسدت في الأرض واغتالت وعملت على تصفيةِ الكثير من الأئمة وخطباء المساجد والمفكرين من أبناء الجنوب الأحرار في محاولةٍ لوأد أي صوتٍ حُرٍّ ومناهض لوجودهم على الساحة اليمنية.
مقلبُ القرن تجسّدُ في انقلاب التحالف السعودي الإماراتي على الشرعية المزعومة؛ ولأن هناك وصايةً على أبناء الجنوب ومصالحَ استراتيجية لمصلحة التحالف، فلن نسمعَ عن عاصفةِ حزم ولا عن تحالفٍ دولي يدمّــر الأرض والإنسان، أما ثورة الـ 21 من سبتمبر 2014م الرامية إلى تحقيق سيادة وكرامة شعب واستقلاله وتخلّصه من التبعية للأجنبي فذلك يستلزم عدواناً عالمياً وصمتاً دولياً مريباً.
هكذا يريدُ المُخرج الصهيوأمريكي الذي يسعى لتحقيق أطماعٍ ومكاسبَ في الممرات المائية الجنوبية والموانئ والمنافذ اليمنية، فتسعى الدولُ الاستكبارية الطامِعة إلى انتهاج ازدواجية المعايير في التعامل مع هكذا قضايا دولية، فلا نشاهدُ إلا انتهاجَ معيار المصلحة والمادة والوِصاية على الزعامات المخدوعة والشعوب المستضعفة لا سيما، وقد عمل المخرجُ جاهداً منذ سنواتٍ على اللعب بالأمزجة العربية المهيّأة للتجزّؤ والتشطير عبر إثارة الحقد والكراهية والمناطقية وبث الفُرقة بين الشعوب العربية..