السعودية تخسر حليف مهم: فوضى وحروب متقطعة مقبلة في محافظات جنوب اليمن .
إب نيوز ٢٩ اغسطس
غير دقيق الاعتقاد أن الحرب في المحافظات الجنوبية اليمنية حسمت لصالح تيار هادي المدعوم من السعودية ، بعد وصول هذا الأخير إلى مدينة عدن والعودة إى بعض المربعات والمعسكرات التي كان قد خسرها قبل ثلاثة أسابيع بعد سيطرة الإنتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات ، بل المرجح أن الفوضى فتحت من أوسع أبوابها مجددا ، وبالتالي فإن السعودية تكون قد دخلت المربع الأخطر ، فهي خسرت حليف محلي قوي ، اقصد هنا الإنتقالي الذي يمتلك عشرات آلاف المقاتلين ، يتم تحريك جزء كبير منهم في حرب التحالف الذي تقوده باتجاه الشمال ، وجزء آخر منخرط للدفاع عن جيشها في ” الحد الجنوبي للسعودية ” وكسبت فوضى وحرب جديدة طويلة الأمد بين الحلفاء الذين كانوا يقاتلون معا في جبهة واحدة ، ضد أنصار الله وحلفائهم في العاصمة صنعاء .
ما يحصل حاليا ، هو تفكك جديد في الجبهة السعودية المحلية في اليمن ، وربما هذا التفكك هو الأكبر منذ قرار العدوان على اليمن مارس 2015 ، الأمر يشبه إلى حد كبير التفكك الذي حصل للمعسكر الذي كان يقاتل الدولة السورية ، وأدى في النهاية حرب تتناسل باستمرار في مناطق التي خسرتها دمشق ، بينما تعززت الاستقرار في القسم الذي كان يسيطر عليه النظام السوري وحلفائه .
صحيح أن الخيارات كانت شبه منعدمة في التعامل مع حالة الإطالحة “بالشرعية المزعومة ” عبر التسوية التي تفقد للارضية بسبب التباينات وتباعد الأهداف بين الأطراف ” الشرعية ” من جهة ، والانتقالي من جهة مقابلة ، فالاخير يريد الإنفصال والعودة إلى ماقبل الوحدة اليمنية 1990 ومدعوم من الإمارات بصورة واضحة ، ويعتقد أن الفرصة مواتية لفعل ذلك ، ووضع المجتمع الدولي أمام الأمر الواقع ، بيما لايسمح الوقت والظرف بالنسبة للسعودية ، فتجفيف أي وجود ولو كان شكليا ” للشرعية ” في عدن والمحافظات الجنوبية الأخرى ، كان بمثابة الطلقات الأخيرة على التحالف نفسه ، وليس هادي ومجموعته فقط ، ولكن في المقابل ، فشل عقد تسوية مع الإنتقالي ، واختيار بدلا من ذلك العمل العسكري ، هذا يعني بالضرورة تخلي الرياض عن حليف مهم ومتواجد بمقاتلين في جبهات متعددة ، وقطع الخيط الرفيع المتبقي من العلاقة بين السعودية والإمارات في هذا الملف تحديدا .
منذو وقت مبكر أدركنا أن السعودية دخلت في أزمة شديدة التعقيد ، وأن تلافي ذلك غير ممكن ، بسبب أن التركيبة العسكرية التي صنعها التحالف ، كانت ملغومة ، إذ ان المعسكرات التي فتحت منذ دخول قوات التحالف إلى عدن وربما قبلها ـ استقبلت كل من يحمل السلاح وعلى استعداد أن يقاتل ، بما في ذلك القاعدة ، وهناك شهادات وتقارير كثرة تؤكد ذلك ، وهذا جعل النتائج تبدو على هذا النحو ، لقد ظهرت التباينات والصراع داخل هذا المعسكر من الأشهر الأولى ، كانت تعتقد الرياض أنها ستتغلب على ذلك ، بالمجاملات والأموال ، وأحيانا بالمناصب والإمتيازات ، وأخطر من ذلك الوعود ، في حين تفوقت التصدعات مع مرور الوقت ، وما ساهم في ذلك ثلاثة عوامل :
الأول: تأخر الحسم العسكري الذي كانت تفترضه السعودية والتحالف الذي تقوده وما تلاه من تداعيات عسكرية وسياسية بما في ذلك تنامي قدرات أنصار الله الحوثيين وحلفائهم .
الثاني : تغاضي الرياض عن تصرفات أبوظبي شريكها الرئيس في التحالف ، بدت الإمارات بشكل واضح قوة احتلال ، وأسست قوات ونخب واحزمة عسكرية ذات توجه إنفصالي على خلاف شديد من حلفاء هادي ” إخوان اليمن “
العامل الثالث : انصراف الدولتين ، السعودية وأبوظبي إلى تغليب المصالح ، والسيطرة على المراكز الحيوية ، ومن بينها الجزر والموانئ اليمنية ، والسعي إلى التواجد فيها وعزل كل الأطراف ، مثما هو الحال في جزيرة سقطرى الاستراتيجية التي تهيمن عليها الإمارات ، بالاضافة إلى المحاولات السعودية السيطرة على محافظة المهرة البوابة الشرقية لليمن لتمرير مشروع أنابيب النفط والماء ، وهو المشروع السعودي الذي يراودها منذ عقود .
من المستبعد الآن وربما لشهور إن لم يكن سنوات إمكانية تثبت حكومة هادي في عدن وإطفاء الحرائق والحروب المتقطعة المقبلة في المحافظات الجنوبية اليمنية ، فالصراع يمتد ليصبح مناطقي وجهوي واجتماعي وعقائدي أيضا ، وهو مفتوح أيضا على تدخلات إقليمية ونزاع مرير ، وهو مالم تكن تريده الرياض في هذا التوقيت .
طالب الحسني
كاتب صحفي يمني