تحقيق: السعودية تعطي الأسلحة الأوروبية لميليشيات الدعم السريع السودانية .
إب نيوز ٢٩ اغسطس
وصلت الأسلحة التي اشترتها السعودية من صربيا لأيدي قوات الدعم السريع السودانية وقوات الجيش السوداني التي تقاتل على الحدود السعودية اليمنية.
وقد تم اتهام قوات الدعم السريع بارتكاب جرائم حرب في السودان بما في ذلك مجزرة لحوالي 120 شخصًا في يونيو/حزيران الماضي.
ويثير وصول الأسلحة الأوروبية إلى أيدي هذه القوات أسئلة خطيرة حول التزام السعودية ببنود اتفاقيات المستخدم النهائي الخاصة بالأسلحة النارية المصدرة إلى المملكة.
وتؤكد اتفاقات المستخدم النهائي بين الحكومة الصربية وحكومة السعودية أن الآلاف من بنادق الكلاشينكوف التي تم تصديرها “لم تكن لإعادة التصدير” وأنها “حصرية” لاستخدام وزارة الدفاع في المملكة العربية السعودية.
ويقول “بول هولتوم” من معهد الأسلحة الصغيرة، إن ضمانات الالتزام بهذه الاتفاقات “سياسية في المقام الأول”، وهناك عادةً “ضمان ضمني يشترط طلب تصريح قبل نقل الأسلحة إلى طرف آخر.
وقال “مات شرودر” من معهد الأسلحة الصغيرة، إن أي عمليات نقل تنتهك ضمانات الاستخدام النهائي تعتبر “تحولا” لا ينبغي السكوت عنه.
هذه بالطبع ليست المرة الأولى التي تنتهي فيها أسلحة التحالف السعودي إلى أيدي قوى خارجية، وتوصلت التحقيقات التي أجرتها كل من “الجزيرة”، و”سي إن إن” إلى أن القوات السعودية والإماراتية حوّلت المعدات العسكرية الأمريكية إلى الفصائل المتطرفة في اليمن في انتهاك لضمانات المستخدم النهائي.
ولم ترد وزارة الدفاع بالمملكة العربية السعودية على أسئلة عما إذا كانت قد سمحت لقوات الدعم السريع أو وحدات سودانية أخرى باستخدام الأسلحة النارية المشتراة من الخارج.
وقد قاتلت قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى جانب القوات الإماراتية والسعودية في اليمن، وبشكل رئيسي، حدث هذا في الجزء الجنوبي من البلاد.
ومع ذلك، تم نشر القوات السودانية أيضًا على الحدود السعودية لمنع التوغلات من المقاتلين الحوثيين، ووفقًا لـ”بي بي سي”، كان قائد قوات الدعم السريع، والزعيم السابق للجنجويد ، “محمد حمدان – حميدتي”، مسؤولًا عن إرسال وحدات لحراسة الحدود السعودية اليمنية.
الأسلحة الصربية في يد الدعم السريع
وفي صيف عام 2018، أظهر شريط فيديو نُشر على موقعي “يوتيوب”، و”تلغرام” ما ادعت قوات الحوثي أنها مناوشات حول ممر علب الفاصل بين السعودية واليمن.
وأظهر شريط الفيديو بنادق قتالية من طراز “M05” من إنتاج شركة “Zastava” الصربية بجوار جثث المقاتلين، إلى جانب جوازات سفر سودانية وبطاقات هوية تابعة لقوات الدعم السريع السودانية ادعى الحوثيون الحصول عليها بعد تفتيش جثث القتلى.
وتشمل الأسلحة الأخرى التي تم الاستيلاء عليها في الغارة رشاشات خفيفة من نوع “M84” التي تنتجها الشركة نفسها.
على وجه التحديد، أظهر الفيديو بطاقة هوية لقوات الدعم السريع وجواز سفر صادر من نيالا، وهي مدينة في إقليم دارفور، وقد أخبر المقاتلون السودانيون صحيفة “نيويورك تايمز” في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي أن نيالا كانت نقطة انطلاق رئيسية للقوات من السودان إلى السعودية، وكانت منطقة دارفور بشكل عام بمثابة أرض تجنيد لقوات الدعم السريع.
ويظهر فيديو منفصل، في نفس المنطقة فيما يبدو، مجموعة مختلفة من المقاتلين الحوثيين يعرضون سلسلة من بنادق “M05” وجواز سفر سودانيا تم الحصول عليه بعد القتال حيث تم إصدار جواز السفر في مدينة الجنينة عاصمة دارفور.
وتفصل المواد الترويجية التي نشرتها شركة “Zastava Arms” السمات المميزة لبنادق “M05” التي تجعلها قابلة للتمييز عن بقية أنواع الكلاشينكوف الأخرى وتحديدا عن الأسلحة النارية الروسية أو الصينية أو الهنغارية أو الألمانية أو الرومانية أو البلغارية أو الأوكرانية أو الأمريكية أو غيرها من الأسلحة النارية من طراز كلاشينكوف المنتجة محليًا.
وبالتالي يمكننا تحديد أن العلامات التي شوهدت على البنادق التي تم الاستيلاء عليها من المقاتلين السودانيين تعد سمات مميزة للإنتاج الصربي.
ويحول العدد الهائل للأسلحة النارية التي تم اكتشافها بحوزة مقاتلي الدعم السريع، يحول دون قبول أي حجج تقول بأن الأسلحة النارية المعنية قد تم تعديلها باستخدام قطع غيار أو من قبل منتجين هواة.
ومما يعزز صحة أشرطة الفيديو الحوثية هو وجود معسكر للجيش السوداني على بعد 4 كيلومترات من الممر الحدودي مع العلم أنه تم تدمير المعسكر في هجوم صاروخي في عام 2019.
وإلى جانب القتال المزعوم في ممر علب، استخدمت القوات السودانية في محافظة جازان إلى الجنوب الشرقي هذا النوع من البندقية الصربية، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أظهر إصدار آخر للحوثيين جنودا قتلى من أصل أفريقي إلى جانب عدد كبير من بنادق “M05” تم الاستيلاء عليها مما وصفوه “بالمرتزقة” في جازان.
أدلة مفتوحة المصدر
كما أن هناك معلومات واردة من مصدرين مفتوحين؛ الأول هو منشورات “فيسبوك” من قبل أحد أفراد الجيش السوداني والذي كان يحمل سلاحا ناريا من طراز “M05″، وبناءً على الرتب التي يرتديها الجندي، من المرجح أنه رقيب في الجيش السوداني.
وفي الصورة التي تُظهر الرقيب السوداني بالسلاح الناري، فإنه كان برفقة جنود سعوديين، وكان هذا هو المؤشر الأولي على أن الأسلحة النارية الصربية تأتي من المخزونات السعودية.
وفي مقابلات مع صحيفة “نيويورك تايمز”، زعم المقاتلون السودانيون أن السعوديين أعطوهم الزي الرسمي والبنادق عند وصولهم من السودان.
كما ظهرت الأسلحة الصربية أيضا في مقطع فيديو تم تحميله من مدينة “الخوبة” السعودية التابعة لـ”جازان” يعرض قوات من لواء الحزم السوداني العامل في اليمن وعلى الحدود السعودية اليمنية وهم يغنون ويرقصون، وقد تم تحميل الفيديو بعد أسابيع قليلة من المناوشات التي شهدتها المنطقة في نوفمبر/تشرين الثاني 2018.
وإجمالا، فإن هذا يرسم صورة متساهلة في أحسن الأحوال حول السعودية، وهي دولة مصنفة بالفعل إلى جانب كوريا الشمالية في أدنى مراتب الالتزام بقواعد الشفافية فيما يخص الأسلحة الصغيرة.
وتشير حقائق مثل عدم وجود علاقات بين صربيا والسودان، وخروقات السعودية المتعددة لاتفاقات المستخدم النهائي، ووجود هذه الأسلحة لدى القوات السودانية التي تقاتل من أجل السعودية، تشير إلى أن الاحتمال الأغلب والأكثر قابلية للتصديق هو أن هذه الأسلحة جاءت من مخزونات الأسلحة السعودية.
ويأتي التحويل المحتمل للأسلحة من وزارة الدفاع السعودية – أو عناصر في وزارة الدفاع السعودية – إلى القوات السودانية، يأتي في وقت تواجه فيه المملكة تمحيصًا متزايدًا بشأن سلوكها في الحرب في اليمن.
وقد قضت محكمة بريطانية مؤخراً بأن مبيعات الأسلحة البريطانية السابقة للسعودية كانت غير قانونية.
وفي الولايات المتحدة، نجح الرئيس “ترامب” في استخدام حق النقض (الفيتو) ضد 3 قرارات تحاول منع مبيعاته من الأسلحة إلى الرياض.
الخليج الجديد