عبدالباري عطوان: لماذا يرفض السيد نصر الله عروض الوسطاء التي تطالب بالتهدئة والرد المسرحي؟ وكيف انقلب “سحر” نتنياهو عليه .
Share
إب نيوز ٣٠ اغسطس
عبدالباري عطوان:
لماذا يرفض السيد نصر الله عروض الوسطاء التي تطالب بالتهدئة والرد المسرحي؟ وكيف انقلب “سحر” نتنياهو عليه وبدأت شعبيته تتراجع في استطلاعات الرأي؟ وهل نحن امام الحرب اللبنانية الثالثة؟
بينما تلغي القيادة العسكرية الإسرائيلية اجازات الجنود العاملين في صفوف قواتها على الجبهة الشمالية، وتفرض حظرا للتجول في مدن الجليل تحسبا للضربة الانتقامية التي توعد بها السيد حسن نصر الله، امين عام “حزب الله”، تنهال العروض على الحزب وقيادته من قبل وسطاء، عربا كانوا او أوروبيين، تحث على الإقدام على انتقام محدود مثل اسقاط طائرة مسيرة إسرائيلية او اثنتين، او حتى مقتل جنديين او ثلاثة، مقابل عدم تنفيذ القيادة الإسرائيلية على هذا الرد الوشيك بضربة موسعة على لبنان، ولكن الرفض الحاسم كان هو التعاطي مع جميع هؤلاء الوسطاء وعروضهم.
حزب الله يتكتم على مخططات العملية، وأصدر تعليماته لكل المقربين منه بتجنب التعليق او التحليل حول هذه المسألة، وتعيش الضاحية الجنوبية معقل الحزب في بيروت حالة من الهدوء والحياة المعيشية العادية، بينما يتزايد القلق في أوساط الإسرائيليين.
بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي ارتكب خطأ استراتيجيا كبيرا عندما اقدم على ارسال طائراته المسيرة الى الضاحية التي جرى اسقاطها على امل تحقيق انتصار يرجح كفته في الانتخابات التشريعية الإسرائيلية بعد أسبوعين تقريبا، فجاءت النتائج عكسية وكارثية، حيث اكدت استطلاعات الرأي الأخيرة تراجع شعبية حزب الليكود الذي يتزعمه امام حزب الجنرالات “ابيض ازرق” المنافس.
صحيفة “معاريف” الإسرائيلية وجهت اللوم الى نتنياهو بإقدامه على هذا التصعيد على الجبهة الشمالية، وتوقعت حربا مقبلة ووشيكة لا محالة، ربما تحمل اسم الحرب اللبنانية الثالثة، اذا اعتبرنا ان الحرب الأولى كانت عام 1982، والثانية عام 2006.
إسرائيل خسرت جميع حروبها في لبنان، والخسارة الأكبر كانت عام 2000 عندما اقرت بالهزيمة بسبب ضربات المقاومة، والثانية في حرب تموز (يوليو) عام 2006 التي كسرت شوكة الجيش الإسرائيلي والحقت به هزيمة كبرى، ولا نعتقد ان الحرب الثالثة في حال اشتعال فتيلها ستكون استثناء.
“حزب الله” لا يخشى من أي رد إسرائيلي على أي عملية انتقامية يقدم عليها، لأنه يملك ترسانة هائلة من الصواريخ الذكية، والطائرات المسيرة، ومنظومة دفاع صاروخي إيرانية تضاهي صواريخ “اس 300” الروسية، وقادر على الوصول الى معظم المدن والاهداف الحيوية والاستراتيجية في فلسطين المحتلة، من مطارات وموانئ ومصانع ومحطات كهرباء ومياه، وهذا ما يفسر حالة الثقة والهدوء السائدة حاليا في صفوفه، وانصاره داخل لبنان وخارجة.
الحرب المقبلة، اذا اشتعل فتيلها ستكون على كل الجبهات، برا وبحرا وجوا، ولن يخوضها “حزب الله” وحده وانما مدعوما بالجيش اللبناني، والعديد من الحلفاء في محور المقاومة وابرزهم الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، مثلما اكدت بياناتها التضامنية.
نتنياهو أوقع نفسه وكيانه في مصيدة صعبة محكمة لاعداد ولن يخرج منها الا مهزوما مثلما كان حال نظيره ايهود أولمرت الذي ارسل الجيش الى لبنان عام 2006، وانهى بذلك حياته السياسية وانتهى خلف القضبان.. والله اعلم.