وزارة لـ”السعادة” في الامارات.. وهيئة لـ”الترفيه” في السعودية.. ماذا يجري في الخليج بالضبط؟ وكيف ستكون الترجمة العملية لهذه الطوحات.؟ وما هي المعوقات؟ وهل سنقرأ قريبا لافتة تقول “ابتسم فانت في الرياض”؟
إب نيوز 9 مايو
عزز العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز رؤيته لتطوير المملكة، والتي حملت اسم “السعودية 2030″ باصدار مجموعة من المراسيم، عكست اعادة كاملة لهيكلية الوزارات ومؤسسات الحكم، كان من ابرزها تغيير اسم وزارة البترول والمعادن الى وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، واعفاء وزيرها علي النعيمي الذي شغل هذا المنصب طوال العشرين سنة الماضية تقريبا.
الجديد اللافت في هذه المراسيم، كان تأسيس هيئة عامة للترفيه، واخرى للثقافة، مما يعكس توجها جديدا لعهد الملك الجديد بالعناية بالمواطن، وتغيير العديد من القيود التي تحد من رفاهيته واستمتاعه بحياته مثل بقية الشعوب الاخرى، حتى ان الفنان السعودي المعروف، ناصر القصبي الذي رسم البسمة على وجه الملايين من ابناء جلدته والخليج العربي، ومن خلال برنامجه الانتقادي الكوميدي “طاش ما طاش”، غرد على حسابه في “التويتر” قائلا “ان انشاء هذه الهيئة للترفيه سيعيد انسانيتنا التي فقدناها عشرات السنين وسنصبح مثل بقية خلق الله”.
الفنان القصبي تعرض لهجمة شرسة على “التويتر” من قبل عشرات الآلاف من المغردين الذين يعارضون “الترفيه” لان بعضهم يعتبره، اي الترفيه، خروجا عن القيم الاسلامية والاجتماعية، وتقليدا للغرب، وانحلاله، وهذا امر متوقع على اي حال بسبب الطابع الديني المحافظ جدا للمجتمع السعودية.
كان الامير محمد بن سلمان ولي ولي العهد فاجأ الكثيرين، ونحن منهم، عندما تحدث عن ضرورة الاهتمام بترفيه المواطنين السعوديين في حديثه المطول الذي ادلى به الى قناة “العربية”، وكشف فيه عن رؤيته الاقتصادية للمملكة، و”علاجها” من “ادمان” النفط، وانهاء مرحلة الاعتماد عليه كمصدر اساسي شبه وحيد للدخل.
هذه هي الخطوة الثانية في هذا الاتجاه عربيا وخليجيا، فقد كانت دولة الامارات العربية المتحدة سباقة في تخصيص وزارة لـ”السعادة” تتولى ملأ حياة الاماراتيين بالفرح، والبهجة، واخذهم بعيدا عن كل انواع النكد، ولكن وضع الامارات التي تشهد انفتاحا كبيرا على الطريقة الغربية، يختلف جذريا عن وضع المملكة العربية السعودية، حيث توجد في الثانية شرطة دينية، ومذهب حنبلي وهابي للدولة، وقوانين تمنع قيادة المرأة للسيارة، وحظر اقامة اي دور سينما، واي اختلاط بين الجنسين الا في الحدود الشرعية، واغلاق ابواب كثيرة للعمل في وجه المرأة التي هي نصف المجتمع.
وما يقال عن هيئة الترفيه ينطبق ايضا على شقيقتها هيئة الثقافة، فرغم ان المملكة تشهد نهضة ثقافية ابداعية غير مسبوقة في مجال الرواية والشعر والقصة القصيرة، وادب الرحلات، والنقد الادبي والفني، الا ان معظم هذه الانواع من الابداع الادبي محظور دخوله الى المملكة، او عرضه في معارضها للكتاب في الرياض وجدة ومدن اخرى، بسبب الرقابة الشديدة واعمال الحجب للمواقع السياسية والادبية والفنية، التي تتفوق فيها المملكة عن غيرها في العالم بأسره. المراسيم السعودية التي نصت على قيام هاتين الهيئتين، الترفيه والثقافة، لم تقدم اي معلومات او تفاصيل حول الافكار والآليات التي سيتم اتباعها، وربما نقرأ عنها، ونتعرف عليها لاحقا، لكن الامر المؤكد ان الشعب السعودي بحاجة ماسة اليهما، لتخفيف معاناته خاصة في ظل اجراءات التقشف، والغاء الدعم الحكومي عن سلع اساسية، التي بدأت تطبق تباعا، بسبب تراجع العوائد النفطية، وازدياد العجز في الميزانية العامة للدولة نتيجة مباشرة لذلك.
انها خطوة توحي بأن قرارات جريئة ربما تكون في الطريق على غرار تلك التي تمثلت في تقليص صلاحيات هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، بما في ذلك منعها من اعتقال المواطنين وتفتيشهم، وترك المهمة للشرطة.
لا نستبعد ان نفاجأ بمرسوم يلغي القيود على قيادة المرأة للسيارة، وفتح المزيد من اسواق العمل امامها، وتشجيع بعض الانشطة الفنية والثقافية الاخرى، مثل المسرح والانتاج السينمائي امام الشباب من الجنسين، خاصة ان عمليات الالتفاف على الحظر الحكومي باتت متصاعدة في ظل الـ”يوتيوب” والـ”فيسبوك”، ووسائل التواصل الاجتماعي الاخرى.
هل سنرى لوحة ضخمة جدا في اكبر ميادين العاصمة السعودية، او في مطارها، تقول “ابتسم فانت في الرياض”؟
لا شيء مستبعد، او مستغرب هذه الايام.
“راي اليوم”