حكاية شعب .

 

إب نيوز ١٨ سبتمبر

بقلم / بلقيس علي السلطان

حكاية ليست ككل الحكايات ، لن أقول ألف ليلة وليلة ؛ بل هي آلاف السنيين من تاريخ عريق يروي حكاية شعب أبي صامد ، شعب يأبى الضيم والخنوع منذ الأزل ، شعبٌ يقول القرآن عنهم بأنهم أولوا قوة وأولوا بأسٍ شديد ، شعبٌ كان في مسكنهم آية ، وكانت مدنهم هي التي لم يخلق مثلها في البلاد ، أما عن حكمتهم وإيمانهم فقد حازوا عليها حصرية من الرسول الأعظم صلوات الله عليه وآله .

واستمرت حكاية الشعب تروى وتُكتب سطورها عام بعد آخر حتى وصلت إلى الألفية الثانية فأعاد الشعب سردها مقتبساً من الأجداد الأنفة والعزة فسطر عنوانها السبتمبري في ال21 منه وفي نفس الرقم للقرن 21 ، تأرخت ثورة شعلتها الحرية ووقودها الرفض للوصاية والخنوع وهكذا بدأت أحداث حكاية جديدة بتأريخ مميز .

لقد كانت ثورة 21 من سبتمبر الأبية ثورة شامخة الأركان ، فبعد سنوات خلت انتظر فيها الشعب اليمني للرقي والتقدم المفترض حدوثه في ظل الاكتشافات النفطية والغازية وتوحد البلاد الذي من المفترض أن يزيد من تقدمها وزيادة دخل الفرد فيها ، إلا أن العكس هو ماحدث !

فبعد أن أصبحت اليمن دولة نفطية وغازيّة إلا أن الشعب كان يعاني من زيادة الجرع الخانقة في أسعار المحروقات ، وبدلاً من أنه كان يُخزن الأنواع المختلفة من القمح بات هو المستهلك الأول للقمح من الخارج ، وفوق كل هذا وذاك أصبح مدين للبنك الدولي بمبالغ طائلة تحت مسميات زائفة من إقامة مشاريع وهمية وخدمات لم تكن سوى حبر على ورق .

وفي وسط تحمل الشعب لكل ذلك حتى وصل الحال إلى التدخل الخارجي في شؤون لا يجب أن يتدخلوا بها ، فبات تغيير المناهج الدراسية مرهون بقروض البنك الدولي ؛ بل والتحكم فيما يضاف ويحذف في طيات صفحات المناهج !
وباتت الطائرات الأمريكية تسرح وتمرح في سماء اليمن بحجة مكافحة الإرهاب !
وأما عن السفير السعودي فكان الآمر الناهي لسياسات الوصاية والجرع الخانقة للشعب تحت ذريعة الحفاظ على اقتصاد البلاد ، والأنكى من كل ذلك الوضع الأمني المتردي الذي آلت إليه اليمن ، فلا يكاد يمضي يوم حتى نسمع عن مفخخات وانفجارات ، فمن حادثة تفجير السبعين الذي أودى بحياة العشرات من الخريجين من أبناء الجيش في ميدان السبعين ، إلى حادثة مستشفى العرضي الأليمة ، حتى وصلنا إلى حادثة مسجدي بدر والحشحوش المفجعة بحق المصلين وفي يوم يكون تجمعهم هو الأكثر لحصد العدد الأكبر من الضحايا ، وبدلا من الحفاظ على عرى الوحدة اليمنية باتت الأقلمة هي الحل المطروح على طاولات الساسة والقنوات الإعلامية تحت ذرائع واهية وغير مقنعة .

من كل ذلك وأكثر كان لا بد من نهوض للمارد اليماني الذي حاولوا حبسه في قارورة الديموقراطية المزيفة والتقدم الاقتصادي الوهمي ، فخرج الثوار رافعين راية الأجداد الذين رفضوا الخنوع والإذلال ، والظلم والاستبداد فكانت ثورة ال21 من سبتمبر ثورة الأحرار ، ولعل تداعيات الأحداث التي أعقبتها من عدوان غاشم لهي أكبر دليل على أنها ثورة تحرير حقيقي من جميع قوى الطغيان والاستكبار العالمي ، فكان لابد من تسطير الملاحم الأسطورية كما كل حكاية تروى عن هذا الشعب الأسطوري ، وستكون الانتصارات المتلاحقة التي تشهدها اليمن عنوانا رئيسياً لتاريخ جديد تاريخ صنعه الأحرار ، فجعلوا من جبهات العز أوراقً تُكتب عليها حكايات النصر وخط سطور حكاياته بدمه وختمها ببصمته التصنيعية العسكرية التي ستجعل العالم يقف وقفة إجلال لهذا الشعب المعطاء وقيادته الربانية الحكيمة ، ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين والعاقبة للمتقين .

You might also like