أفول الامبراطورية وبزوغ الشيطان .
إب نيوز ١٥ أكتوبر
بقلم / بلقيس علي السلطان
كانت امبراطورية عظيمة لا تغيب عنها الشمس هكذا وصفت مملكة الاستعمار البريطانية التي كانت تمتد إلى دول كثيرة تشرق الشمس في إحداها وتغيب في الأخرى؛ لكنها أفلت من اليمن ولم يكن أفولها بمحض إرادتها ؛ بل بمحض إرادة الشعب اليمني الأبي الذي يأبى الوصاية والخنوع ، ذلك الشعب الذي لم يكن يمتلك ترسانة عسكرية تضاهي الترسانة البريطانية ، إلا أنه كان يمتلك مالم تكن تلك الامبراطورية لتقوى عليه ، إلا وهو سلاح الإباء والفداء والتضحية من أجل أن تسود الحرية وتغرب شمس الاستعمار بلا عودة .
لقد كانت الفترة التي عاشتها جنوب اليمن في ظل الاستعمار البريطاني كفيلة بتعليم أبناء مناطق الجنوب درساً بمعاني الاستعمار وعواقبه ، وبأن المستعمر لم يأت للإعمار ورفع مستوى الشعوب ؛ بل جاء للدمار والإذلال ونهب كل خيارات البلدان التي يسيطر عليها ، بما في ذلك سلب عزتهم وكرامتهم وإباءهم .
في إحدى المقابلات لإذاعة bbc البريطانية الناطقة باللغة العربية وفي ذكرى ال14من أكتوبر سُئل أحد القادة العسكريين الذي كان ممن شاركوا في حرب ال14من أكتوبر سئل عن سبب عدم اعترافهم باستقلال اليمن بالرغم من اعترافهم باستقلال الكثير من الدول التي كانوا يسيطرون عليها ؟
فأجاب قائلاً : (اليمن شنت علينا حرباً وقتل جنودنا فيها ، أما بقية الدول فقد خرجنا منها بمحض إرادتنا ) .
فهل ياترى نسي البريطانيون هزيمتهم ومهانتهم في اليمن ؟
وهل حافظ أبناء جنوب اليمن على منجزات أجدادهم وتضحياتهم ؟
هل مازال الجنوب يتغنى _ ببرع يااستعمار _ وهم ينعمون بالاستقلال التام بعيدا عن الوصاية والتبعية ؟
ستأتي الأجوبة عن كل تلك الأسئلة محملة بالأسى والحزن عن ماآلت إليه الأوضاع في الجنوب التي بزغ فيه قرن الشيطان الأكبر أمريكا وإسرائيل وأذيالهم من حكام الخليج وبمباركة من دول كثيرة على رأسها الدولة التي أخرجت صاغرة من الجنوب _بريطانيا_ وهي تجر أذيال الخيبة والانكسار ، وكأني بذلك الجندي الذي أنزل علم بريطانيا يقول : أنى لهذه المدينة أن تُحتل وفيها هكذا أحرار !
والأسئلة التي تطرح نفسها أين ذهب أحفاد الثآرين ؟ أين ذهب أحفاد من شهروا سلاحهم في وجه أعتى مملكة استعمارية في ذاك الوقت وسحقوها وأجبروها على الرحيل ؟
لماذا ترضون لأنفسكم بأن تكونوا عبيد للمستعمرين ؟ لماذا ترضون بأن تنهب ثرواتكم وتستغل موانئكم وجزركم ؟ لماذا ترضون بأن ترفرف الأعلام على سفح جبل ردفان وفي شوراع المدن، والتي نكست بفضل تكاتف الرجال الأحرار ؟ لماذا صار ثغر اليمن الباسم عدن عبوسا قمطريرا؟
أما كفاكم ياأحرار الجنوب سباتا ؟ أما آن الأوان لكي تفيقوا من غفلتكم وتأخذوا ببقية مماترك لكم أجداكم الأحرار من الأنفة والإباء ورفض الوصاية والتبعية ؟
أما آن الأوان لقرن الشيطان الباغي أن يكسر وتأفل شمسه كما أفلت الامبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس وحجبتموها في فجر ال14 من اكتوبر الخالد ؟
نحن نثق بأن الجنوب لا يزال يحتضن الأحرار وبأن الاستعمار الشيطاني سيأفل إلى الأبد وستشرق شمس الحرية وينعم الجميع بدفء الاستقلال من الوصاية والتبعية وسيرفرف علم واحد فقط ويسمو في سماء اليمن بكلها فواحا بعبق دماء الشهداء وتضحيات الجرحى والأسرى يجمعهم نشيد وطني واحد:
لن ترى الدنياعلى أرضي وصيا، لن ترى الدنيا على أرضي وصيا .
.