ابتزاز ناعم للمرة الثانية… “ناشونال انترست” تحذر السعودية من شراء الأسلحة الروسية
إب نيوز ١٦ أكتوبر/متابعات:
وجهت صحيفة “ناشونال انترست” الأمريكية تحذيراً للمملكة العربية السعودية خاصة و سائر دول الخليج على العموم من مغبة شرائها لأنظمة الدفاع الجوية الروسية.
و قالت الصحيفة في تقرير للكاتب “ريتشارد ويتز” أن البنتاغون قام مؤخرا بإرسال 4 وحدات من أنظمة رادار متطورة لدعم الدفاعات الجوية والصاروخية السعودية، إلى جانب مجموعة وحدات جديدة من نظام الدفاع الصاروخي “باتريوت” وبعض موظفي الدعم الأمريكيين. وكان الهجوم بصواريخ كروز والطائرات بدون طيار، الشهر الماضي، قد ألحق أضرارا جسيمة بمصافي النفط السعودية في “بقيق” و”خريص”، بالإضافة إلى المصالح الأمنية القومية الأمريكية الأوسع.
وقد أعلن الحوثيون- وهم جماعة متمردة في اليمن المجاورة، بحسب الكاتب مسؤوليتهم عن القصف. ومع ذلك، ألقت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، وحكومات أخرى، باللوم على إيران في الهجوم، بالنظر إلى قدوم الهجوم من جهة الشمال الغربي، متجنبا بطاريات باتريوت الموجهة جنوبا صوب اليمن، وبالنظر أيضا إلى ما وصفه الكاتب بالسلوك العدواني إيران المستمر في منطقة الخليج، وتشابه الأنظمة المستخدمة في الهجوم مع تلك الموجودة في ترسانة إيران، وكذلك مدى تطوّر ودقة الضربة.
وسوف تساعد الرادارات وصواريخ باتريوت الجديدة، إلى جانب استعدادات وزارة الدفاع لنشر تدابير دفاعية إضافية، في ردع مثل هذه “الهجمات الإيرانية” المدمرة في المستقبل، وكذلك ستفعل الإجراءات السعودية مثل تخصيص المزيد من قدرات الدفاع الجوي للمملكة لمواجهة التهديدات الجوية المنخفضة.
وتتمتع عمليات النشر هذه بدعم كبير من الولايات المتحدة. لذا، على السعوديين التوقف عن الضعف أمام إغراءات “بوتين” لشراء نظام الصواريخ أرض جو الروسي، “إس-400”.
عرض “بوتين”
واستغلالا للفرصة لكسب بعض المال وإضعاف مكانة الولايات المتحدة، اقترح الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”، خلال اجتماع مع الرئيسين الإيراني والتركي، أن تحذو المملكة العربية السعودية حذو البلدين وأن تشتري أنظمة الدفاع الجوي الصاروخية الروسية. وأفادت تقارير أن دولا أخرى، بما في ذلك قطر والهند والعراق، تدرس أيضا شراء أنظمة دفاع جوي متطورة من روسيا.
ويجب على الدول تجنب مثل هذا المسار المحفوف بالمخاطر. فالحصول على الأسلحة الروسية سيكون مخالفا لمصالحها الدفاعية والدبلوماسية والاقتصادية.
ويصمم المجمع العسكري الصناعي الروسي أنظمة معلومات الأسلحة بحيث تظل تحت سيطرة مطوري البرمجيات الروسيين. ومن غير المحتمل أن يتمكن المشترون من الوصول إلى الشفرات الإلكترونية والبيانات الداخلية للأنظمة، ما يترك تحديد هوية الأصدقاء أو الأعداء تحت سيطرة موسكو.
ومن المحتمل أن تقوم هذه الدفاعات الجوية، التي يتم إطلاقها من قبل السعودية أو قطر، بإسقاط الطائرات الحربية الأمريكية أو الإسرائيلية أكثر من الطائرات الإيرانية، لأنها يمكن أن تحدد الطائرات أمريكية الصنع على أنها غير ودية. علاوة على ذلك، قد تكون هذه الأنظمة عمياء عن التهديدات المحتملة من إيران وسوريا، لأن البلدين لديهما بالفعل تكنولوجيا دفاع جوي روسية، وربما تعلمان كيفية خداعها.
ويصر “البنتاغون” على أن قدرات منظومة “إس-400” المتطورة من شأنها أن تعرض أنظمة الطيران الأمريكية في محيطها للخطر. وعندما حصلت تركيا على منظومة “إس-400″، ألغى البيت الأبيض على الفور خططا لتزويد حليف الناتو بالمقاتلات الأمريكية من طراز “إف-35”.
وإذا حصلت السعودية أو قطر، أو أي دولة أخرى، على نظام “إس 400” الصاروخي، فربما تقوم الولايات المتحدة بحرمانها من أفضل تقنيات الدفاع الأمريكية، كما ستقوم بإعادة النظر في نشر الطائرات العسكرية الأمريكية في هذه البلدان. وبالتأكيد فإن السعودية، ودول الخليج الأخرى، بحاجة ماسة لحماية الولايات المتحدة، ولا يمكنها الانتظار لاستيعاب الأجهزة الروسية المعقدة وتدريب قواتها على استخدامها.
مخاطر إضافية
وإلى جانب حرمان أي بلد من الوصول إلى الأسلحة الأمريكية والتدريب وغيرها من المزايا الأمنية، فإن شراء الأسلحة الروسية يعرض الدولة لخطر مالي كبير. ويعاقب قانون مكافحة خصوم أمريكا البلدان والشركات والأفراد الذين يشاركون في “معاملات مهمة” مع المجمع الصناعي العسكري الروسي بعقوبات كبيرة. وقد تحرم العقوبات مشتري الأسلحة الروس من ضمانات خدمة الديون والتأمين على السندات والخدمات المالية الأمريكية الأخرى.
ولا تتوافق تقنيات الدفاع الروسية مع أنظمة الأسلحة الأمريكية، التي تطغى على ترسانات السعودية وقطر والهند. أي أن بطاريات الدفاع الجوي الروسية قائمة بذاتها، ومن شأنها أن تفشل في العمل، لأنها تفتقر إلى قابلية التشغيل البيني مع الأنظمة الغربية.
وفي الواقع، قد يكون نظام “إس-400” الجديد أقل فعالية بكثير مما يتم الإعلان عنه. علاوة على ذلك، فإن الوعود الروسية بنقل التكنولوجيا غالبا ما تكون مبالغ فيها. ورغم عدم وجود دليل ملموس على أن روسيا دبرت الهجوم الإيراني لزيادة مبيعات الأسلحة، توضح ممارسات موسكو خلال الحرب العراقية الإيرانية، والصراع بين أذربيجان وأرمينيا، كيف يمكن لروسيا أن تتلاعب بالتوترات لبيع الأسلحة لكلا الخصمين.
وسوف يصبح المستبعدون من مزايا الولايات المتحدة، مثل السعودية ودول الخليج الأخرى، أكثر عرضة للابتزاز الروسي نيابةً عن إيران أو سوريا. وإذا كانت روسيا تريد حقا أن تقدم مساهمة إيجابية للأمن الإقليمي، فسوف تعمل موسكو على تحجيم برنامج إيران الصاروخي المزعزع للاستقرار.
ولحسن الحظ، يُظهر قرار “البنتاغون” الأخير كيف يمكن لحلفاء الولايات المتحدة وشركائها التعاون بفعالية لمواجهة تهديد الطائرات المسلحة بدون طيار وصواريخ كروز؛ حيث يجري تطوير أنظمة دفاع جوي وصاروخي متكاملة.
وقد يصبح نظام “باتريوت” أكثر فاعلية ضد هجمات المقذوفات التي تطير على ارتفاعات منخفضة، من خلال نشر رادارات متعددة الاتجاهات، والذي قد توفر، إلى جانب أجهزة اعتراضية أخرى، دفاعات جوية متعددة الطبقات للمملكة العربية السعودية والدول الأخرى.
وفي الوقت نفسه، يتعين على الولايات المتحدة القيام بدورها من خلال مواصلة تطوير صواريخ “باتريوت” والمكونات الأخرى اللازمة لتوفير منظومات دفع صاروخي فعالة لحلفائها.