الثقة بالله.. الطريق إلى النصر الحقيقي !!
إب نيوز ٢٥ أكتوبر
العلامة/ عبدالله عامر
الثقة بالله كلمة عظيمة تتردد على لسان كل مسلم حينما تداهمه الخطوب وتحل بساحته النوائب بل قد نجد كثيراً من الناس يلهجون بهذه الكلمة وهم حتى في موقف خاطئ وعمل غير سوي، وهنا في هذه الأسطر نسلط الضوء بصورة مختصرة على هذا الموضوع لنتعرف على معنى الثقة بالله ولمحة عن الواثقين بالله في تحقيق النصر بالمعنى الرباني والهدف الملوكي لمالك السماء والأرض.
معنى الثقة بالله
الثقة بالله تعالى لم ترد في الفاظ القرآن بنفس اللفظ وإنما وردت بمعنى الاعتصام بالله وبمعنى التوكل على الله، ومعنى الثقة من الناحية اللغوية هي أن تأمن جانب الموثوق به، فيقال وثقت بفلان أثق ثقة إذا ائتمنته.
إذن نستطيع أن نقول أن الثقة بالله تعالى هي التوكل والاعتصام بالله والتمسك بعروة الله الوثقى.
يقول الله تعالى ” وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً” ويقول جل شأنه ” فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ”.
ويخاطب الله نبيه محمداً صلى الله عليه وآله مقوياً عزيمته شاداً من عضده “فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً”.
ثم خاطب الله نبيه صلوات الله عليه وآله وسلم ولا يأبه بشيء من تهديد الكافرين واراجيف وخذلان المنافقين فهو تعالى كافيه وناصره ” ولا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا”.
وورد في بعض التفاسير أن التوكل على الله هو الثقة بالله تعالى في كل ما يحتاج إليه والثقة بالله واليأس عن الناس وورد أن الاعتصام بالله هو الثقة بالله.
فالواثق بالله تعالى لن ينظر إلى الأمور بالمقاييس المادية ولا بالنظرة العاجلة السريعة ، بل فكره ونظره وعقله ولبه متعلق بخالق المادة ومصرّف الأمور وهو الله تعالى الذي بيده عواقب الأمور ونتائجها.
فإذا قام الواثق بالله بما يستطيع من أسباب النصرة لدين الله وأفرغ كل طاقته فلا يضيقنّ صدره بما لا يستطيع تحصيله ولا بما يراه من ظهور أهل الباطل وتوسعهم في الأسباب المادية وكثرة عتادهم وعديدهم لأن الواثق بالله متوكل على جبار السموات والأرض ومن بيده الأمر والنهي على الحقيقة ( وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ) ولكن المهم أن الثقة بالله لابد لها من شروط يجب أن يحوزها ويتدرع بها من يريد أن يكون واثقاً بالله ومن أهم هذه الشروط :
1 – الاستقامة 2 – عدم الطغيان 3 – عدم الركون إلى الظالمين 4 – اقام الصلاة 5 – الصبر
وهذه الشروط هي نص الآيات الكريمة المنزلة على سيد الواثقين بالله محمد صلى الله عليه وآله وسلم في سورة هود الذي شاب رأس النبي بسببها قال تعالى (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ*وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ*وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ *وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ )
فمن حصّل هذه الشروط فمن حقه أن يثق بالله وأن يتوكل عليه ويعتصم به وأنه تعالى ناصره لا محالة ولن يسلمه الله ابداً.
ومن المهم أيضاً أن يعرف الواثق بالله ان النصر الذي أراده الله لعباده المنتصرين ليس هو النصر الذي يريده أصحاب العاجلة وأهل المادة من يعتقدون أن حاضرهم ومستقبلهم هي الأيام المعدودة في الدنيا وأنه لا حياة وراء ذلك.
(وقالوا إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) فهؤلاء الذين لا يؤمنون إلا بالعاجلة همهم أن يروا ظهوراً ونصراً عاجلاً محسوباً بالساعات والأيام (إِنَّ هَؤُلَاء يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا)