اليمن فتنام السعودية .
إب نيوز 1نوفمبر
بقلم/ منير اسماعيل الشامي
تكاد الصورة النهائية لنتيجة الحرب على اليمن أن تكتمل ونحن على مشارف نهاية العام الخامس، فهناك شبه إجماع للمختصين والمراقبين على أن اليمن بات فتنام السعودية وهذا ما تؤكده الكثير من تقارير الخبراء والمهتمين بالشأن اليمني .
فالكثير من المراقبين أكدوا في تقارير خاصة أن ما حدث في حرب أمريكا على فيتنام في سبعينيات القرن الماضي قد تكرر في حرب التحالف الذي تزعمته السعودية على اليمن، فالصمود اليمني خلال سنوات الحرب، وما رافقه من اعتماد اليمنيون على الذات في تطوير قدراتهم الدفاعية والهجومية على حد سواء من الصفر وحتى المستوى الذي وصلوا إليه اليوم
و عكسته عملياتهم الهجومية على العمق السعودي من أول عملية إطلاق صاروخ باليستي وحتى أخر عملية هجومية بالطيران المسير المطور محليا والذي استهدف أكبر تجمع تصنيعي نفطي، وأكبر حقل نفطي بمنطقة أبقيق وخريص ونتج عنها توقيف ٥٠٪ من صادرات المملكة النفطية في الرابع عشر من شهر سبتمبر الماضي تؤكد ذلك.
هذه النقطة هي ما تناولته صحيفة ” لوتون” السويسرية الناطقة بالفرنسية من أن اليمن اصبح للسعودية، بمثابة فيتنام للولايات المتحدة، مشيرة إلى أن محمد بن سلمان لم يحقق أي انجاز حتى الآن سوى ” الإخفاقات المتوالية” ولم يجني غير الفشل والفضائح المتتابعة عسكريا وسياسيا وأن عمليات التحالف لم يتمخض عنها سوى الجرائم والمجازر بحق المدنيين،
وقالت الصحيفة في مقال نشرته تحت عنوان ” اليمن.. فيتنام المملكة السعودية ” وانه على الرغم من عدم التكافؤ بين قوات التحالف وقوات الجيش واللجان الشعبية إلا أن الأخيرة استطاعت أن تملك ترسانة عسكرية متفوقة استطاعت بها أن تشن هجمات نوعية قوية ومؤثرة على العمق السعودي، مخلفة آثار اقتصادية، وعسكرية، وسياسية مدمرة على الرياض.
اسقاط طائرة ” سكان إيغل إرم ” يوم أمس من أجواء الحديدة وقبلها طائرة M Q 9 المتطورة عكس تطور القدرات الدفاعية لحكومة صنعاء، وهو ما تناولته الصحف البريطانية بقولها إن تزايد أعداد الطائرات التي تم اسقاطها في اليمن يؤكد صعوبة عمل الطائرات المسيرة السعودية والإماراتية والامريكية في اليمن، ويؤكد تنامي مستوى القدرات الدفاعية اليمنية، مشيرة إلى أنه إذا استمر تطور قدرات الدفاع الجوي لحكومة صنعاء بهذه الوتيرة فإنها ستصبح قادرة على استهداف المقاتلات الحربية السعودية من طراز
ف(F 15 ،F 26) في القريب العاجل وهو ما يعني تحييد الورقة الأخيرة التي ما زالت السعودية تتفوق بها على حكومة صنعاء.
من جانبها أكدت فرنسا على لسان وزير خارجيتها جان إيف لودريان أن هناك “اشارات إيجابية” في اليمن لأول مرة منذ فترة طويلة منوها إلى أن السعودية تبدي إنفتاحا على تسوية الأزمة اليمنية وأن فرنسا ستعمل مع الإمارات من أجل التهدئة في المنطقة .
هذا التطور في الموقف السعودي الذي بات دلالة قوية على أن نظام الرياض اليوم يسعى جاهدا للبحث عن مخرج له من المستنقع اليمني، وهو ما جعله يستجدي من امريكا وفرنسا لدعم التهدئة والبحث عن مخرج له يضمن بقاء ماء وجهة وهذا التطور في موقف الرياض إن دل على شيئ فإنما يدل أنه بات اليوم في مأزق خطير خاصة بعد النتائج الكارثية التي خلفتها الضربات الأخيرة من الجيش واللجان الشعبية ، وكذلك الفضيحة الكبرى التي تلقاها بعد عملية “نصر من الله ” في محور نجران .
القلق الصهيوني المتزايد يوما بعد يوم من تطور الصناعات العسكرية اليمنية يعكس الآثار الكارثية التي خلفتها العمليات الأخيرة للجيش اليمني على السعودية التي حاولت التكتم الشديد وتعمدت عدم الإفصاح عنها، ولكنها عجزت عن ذلك بعد ارتفاع سحب الدخان، وانعكاسها على اسواق النفط العالمية، وتحول نظام الرياض أكبر مصدر للنفط في العالم إلى مستورد له بين ليلة وضحاها، هذه الآثار والنتائج هي ما فاقمت من مستوى القلق الصهيوني وهو ما عبر عنه المحلل السياسي في صحيفة ” هارتس ” ، عاموس هرئيل يوم امس الاربعاء والذي أكد أهمية متابعة الأوضاع في اليمن عن كثب ، مشيرا إلى ضرورة التعاطي الإيجابي مع كل معلومة أمنية جديدة تنشر هذه الأيام عن قوات صنعاء، وأضاف قائلا إن تطور قدراتها لم يتوقف عند حد بل إنه استمر بوتيرة عالية رغم الحصار عليه، وأن احدث تقنية فشلت في تحجيم هذا التطور خلال اربع سنوات من الحرب ، منوها إلى أن اسرائيل ترصد هذا الأمر من أول وهلة ، وهو ما جعل قلقها يتنامى مع تنامي قدرات قوات صنعاء ، وأن الفارق الكبير والتفوق العسكري للتحالف لم ينجح امام الجيش واللجان الشعبية وهذا أمر مقلق جدا
إذن فما ذكرناه سابقا يؤكد على أن هناك شبه إجماع من المهتمين والمراقبين للشأن اليمني بأن اليمن اليوم اصبحت فتنام السعودية ، وأن التحالف فشل فشلا ذريعا واصبح اليوم مجبرا على رفع الراية البيضاء دون تأخير ، وهذا الوضع هو ما جعل المحادثات المباشرة والغير معلنة والتي تجري بين الرياض وصنعاء من قبل قرابة شهر متعثرة كون طرف صنع
اء لم يقبل بالهدنة المؤقته ومصر على إعلان الوقف الشامل لكل العمليات العسكرية .
ما يعني أن الطرف اليمني هو الطرف الأقوى في تلك المحادثات وان على السعودية أن ترضخ وتقبل بشروط وفد صنعاء مالم فسيتم الاعلان عن انتهاء فترة مبادرة الرئيس المشاط احادية الجانب كونها مشروطة بالتجاوب الفعلي عليها من قبل نظام الرياض والذي لم يحدد موقف رسمي تجاهها حتى اليوم وحينها فما عليه سوى الاستعداد لتلقي المزيد من الضربات التي وعدت بها القيادة اليمنية وينتظرها الشعب اليمني بفارغ الصبر .