عبدالباري عطوان: حركة “انصار الله” اليمنية تؤكد مقتل اكثر من 4 آلاف جندي سوداني وتهدد بالمزيد.. لماذا لا يطالب السودانيون حكومتهم بالشفافية وكشف الحقيقة؟
Share
إب نيوز ٣ نوفمبر
عبدالباري عطوان:
حركة “انصار الله” اليمنية تؤكد مقتل اكثر من 4 آلاف جندي سوداني وتهدد بالمزيد.. لماذا لا يطالب السودانيون حكومتهم بالشفافية وكشف الحقيقة؟ وهل الرئيس عمر البشير الذي تلقى “رشوة” مقابل الزج بقوات بلاده في هذه الحرب العبثية المتورط الوحيد؟
من اكبر المآخذ على الحراك السوداني الذي أطاح بحكم الرئيس السابق عمر البشير انه لم يطالب بالقوة المطلوبة بسحب اكثر من عشرة آلاف جندي سوداني تقاتل الى جانب التحالف السعودي الاماراتي في اليمن، وهي الخطوة التي اضرت بصورة الجيش السوداني، وصوّره بصورة القوات المرتزقة التي تقاتل على جبهات ليس للسودان أي واجب وطني فيها، ومن اجل المال فقط.
العميد يحيى سريع، المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، التي تقاتل هذا التحالف كشف بالأمس حقائق مرعبة عن حجم الخسائر البشرية في صفوف القوات اليمنية التي تقاتل في اليمن، عندما قال ان خسائر هذه القوات منذ ان بدأت القتال في اليمن عام 2015، بلغ حوالي ثمانية آلاف من بينهم 4253 قتيلا، والباقي من الجرحى.
الجيش السوداني نفى هذه الأرقام واعتبرها تأتي في نطاق الحرب النفسية وبهدف تأليب الرأي العام السوداني ضد المؤسسة العسكرية، ولكنه أي الجيش، لم يقدم أي معلومات عن الخسائر، سواء اعداد القتلى او الجرحى، او حتى عدد القوات السودانية التي تقاتل على الجبهات الامامية في اليمن، سواء تحت اشراف السعودية في الحد الجنوبي، او تحت اشراف الامارات في عدن والساحل الغربي اليمني.
الرئيس السوداني عمر البشير الذي يقف في قفص الاتهام حاليا للعثور على اكثر من 120 مليون دولار نقدا، في بيته حصل عليها من الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي كرشوة شخصية، كان المسؤول الأول عن الزج بالقوات السودانية في هذه الحرب التي ليس لبلاده فيها ناقة او جمل، او حتى حمار، مما يؤكد الاتهامات له وللجنرال محمد حمدان دغلو (حميدتي)، نائب الرئيس السوداني الحالي، بأنهم حولوا الجيش السوداني الوطني الشريف الى قطعان من المرتزقة.
نحن في هذه الصحيفة “راي اليوم” نميل اكثر الى تصديق اقوال العميد سريع، والمعلومات التي كشفها الجيش السوداني في اليمن، خاصة بعد ان تأكدت المعلومات التي تحدث فيها، واثبتها بالصوت والصورة عن مقتل واصابة 500 شخص واسره 2000 مقاتل من بينهم سودانيون في عملية “نصر من الله” التي خاضتها قوات الجيش اليمني المدعومة بالمقاومة الشعبية في محور نجران قبل شهرين تقريبا، وشاهدنا بأم العين الحرائق التي اندلعت في المنشآت النفطية السعودية في ابقيق وخريس بعد قصفها بصواريخ كروز وطائرات مسيرة انطلقت من شمال اليمن.
الخسائر الإماراتية البشرية الضخمة في حرب اليمن هي التي دفعت القيادة العسكرية والسياسية في ابو ظبي الى سحب معظم القوات المشاركة في هذه الحرب، تقليصا للخسائر وتجنبا لهجمات على البنى التحتية على غرار ما حدث في ابقيق وحقل الشيبة، فلماذا لا تتعظ نظيرتها السودانية من هذا الدرس، وتسحب جميع قواتها، خاصة ان انتصار التحالف السعودي الاماراتي عسكريا في هذه الحرب بات مستحيلا بعد ست سنوات من الخسائر على الصعد كافة.
قيادة الجيش السوداني التي باتت شريكة في الحكم بعد الحراك المبارك، يجب ان تتحلى بالشفافية المسؤولة وتطلع الرأي العام على الأرقام الحقيقية للخسائر، وتتخذ القرار المأمول في سحب جميع القوات السودانية من هذه الحرب العبثية.
لا نريد ان يتورط الجيش السوداني الذي يتمتع بأعلى مراتب القيم الأخلاقية والانضباط العسكري، في هذه الحرب التي قُتل فيها حتى الآن اكثر من مئة الف يمني شقيق، وجعلت اليمن اكثر بلدان العالم جوعا وفقرا، حسب إحصاءات الأمم المتحدة، مثلما نطالب في الوقت نفسه بتحقيق محايد للكشف عن كل الحقائق المتعلقة بتورط السودان في هذه الحرب، والقيادات العسكرية والسياسية التي تاجرت بدماء السودانيين وتلقت الأموال مكافأة لها على هذه المشاركة غير الأخلاقية، وغير الإنسانية، التي تتعارض كليا مع الإرث السوداني العريق في التسامح والوقوف في خندق القضايا العربية والإسلامية العادلة.