منطلق الوحدة ومولد الرسول صلى الله عليه وآله..

إب نيوز ٤ نوفمبر
أم روحُ الله وجيه الدين.

مولد الرسول مناسبة للوحدة ومن وحي هذه الفكرة فإننا نتخذ من ولادة رسولنا الأعظم محمد صل الله عليه وآله مناسبة للوحدة ونحتفي بها بتلك الأصول الواحدة الثابتة التي تجمع طوائف المسلمين وتجعلهم يدا واحدة ضد أعدائهم وتجعل ذمتهم ذمة واحدة يسعى لها ادناهم وتحيل أهدافهم إلى أهداف مشتركة أو بالأحرى أهداف واحدة.

ان الوحدة الإسلامية التي تستند إلى كتاب الله – تعالى – وقيادة رسوله صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام الذين هم الامتداد الطبيعي له هي الوحدة المتمسكة بحبل الله والمعتصمة بعروته الوثقى، فهذا الحبل هو الذي يشد الطاقات الإسلامية ويجعل منها كتلة متراصة وبناءً متماسكا ويشحذ العزائم. وهذا حبل الله المتين يتمثل- كما قلنا-بكتاب الله وشريعته المقدسة، والنبي صلى الله عليه وآله ثم الأئمة عليهم السلام هم الذين يعملون على تطبيق أحكام وتعاليم الكتاب والشريعة.

ان الله سبحانه وتعالى شاء أن ينصر المؤمنين في عملية نصر من الله وعمليات قبلها وبعدها وينصر كتابه المقدس بهم جاعلاً النصر الثاني شرطا للنصر الأول فقال في محكم كتابه الكريم “إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم” محمد /7 وهاهي ذي جماهيرنا المسلمة تهب في كل الآفاق لنصرة الله مضحية بكل غال ٍونفيس من أجل تحقيق هذا الهدف السامي فهاهو ذا نصر الله آت وكل آت قريب.

الوحدة ليست شعاراً يردد! إن علينا اليوم الا نكتفي بترديد شعار الوحدة بل علينا أن نعمقها في كل بعد من أبعاد حياتنا فهي تعني اولا و قبل كل شي نبذ كل أسباب الخلاف والإعراض عن الأهداف الضيقة المحدودة التي تعرض وحدتنا للخطر ونبذ المصالح والانانية التي هي بمثابة السكين التي تطعن المسلمين في خاصرتهم وتحولهم إلى فرق شتى.

ثم علينا بالإضافة إلى ذلك أن نركز اهتمامنا على ذلك الهدف الواحد ه’من إقامة حكم الله في الأرض معتصمين بحبل الله المتجلي في القرآن والرسول صلى الله عليه وآله وبعد ذلك يتعين علينا أن نتجه إلى أنفسنا وإلى فئاتنا المختلفة لنربط بعضها مع بعض في وحدات صغيرة تكبر شيئاً فشيئا حتى تصبح الأمة الإسلامية جسدا واحدا من أدناها إلى أقصاها.

و بالحق يعرف الرجال إن علينا أن نعرف الحق ثم نقيّم الرجال به بعد ذلك فالحق الذي يعرف به الرجال تعرف به أيضا الأنظمة والأقوال والادعاءات وهو الذي تهدينا إليه فطرتنا وعقولنا وهدى كتابنا وسنة رسولنا صل الله عليه وآله وهذا الحق هو نداء الوحدة، اما مايطلقه هذا وذاك من أقوال تفرق المسلمين وتعمل من أجل تقسيمهم إلى فئات وأحزاب متناحرة سواء بإسم الطائفية ام العنصرية ام القومية.. أو بأسماء أخرى ماانزل الله بها من سلطان فإنها ليست إلا اصناما تعبد من دون الله.

أسباب الوحدة قائمة وعلينا في هذا المجال أن نتذكر دوما أن المسلمين كانوا ومايزالون تشدهم إلى بعضهم أسباب الوحدة وعوامل الاتحاد اكثر مما تفرقهم عوامل النفاق والشقاق والاختلاف، وعلى الرغم من أن الاختلاف طبيعي بين البشر والله – سبحانه وتعالى – قد خلق بني آدم مختلفين عن بعضهم وجعل لكل إنسان موقعا خاصا ينطلق منه وجعل له أسلوبا ومنهجا يتمسك بهما إلا أن أسباب الوحدة ماتزال كثيفة ومركزة في أوساط الأمة بحيث لاتدع لابواق الضلالة وعوامل النفاق سبيلا تنفذ من خلاله ضمير الأمة.

وعلى سبيل المثال فإننا عندما نتأمل مهرجان الحج والامواج البشرية المتفاعلة فيه قادمة من كل فج عميق فإننا سنشاهد بوضوح تلك الوحدة الحقيقية العميقة الجذور التي لاتستطيع عملية التفرق أن تنال منها فالطواف حول الكعبة هو رمز التمحور حول الحق والابتعاد عن المحوريات الباطلة ولعل من قد قرأ ملازم السيد حسين بدر الدين الحوثي قد لاحظ تشديده على فريضة الحج ونوايا اليهود باستخدام اداوتهم ال سعود كيف انهم يحاولون أن يفرغوا فريضة الحج عن محتواها إضافة إلى حرمان بعض الجنسيات من أدائها……. الخ لأن كل ذلك رمز للوحدة كما أن الإصحار بعرفات في ثوب واحد مشترك وإقامة مشاعر مشتركة واحدة هو رمز لتلك النفوس التي تصارح بعضها بعضا، كما أن الصلاة باتجاه القبلة وأداء الزكاة والصيام والتمسك بسنته صل الله عليه وآله كل ذلك يمثل عوامل للوحدة لا أسباب للنفاق والشقاق.

فمثيرو الاختلافات عاجزون والذين يريدون تسليط الأضواء على بعض الخلافات الطبيعية بين البشر وأولئك الذين يريدون أن يضخموا الاختلافات في اللون أو الشكل أو المنطقة أو المذهب أو اللغة أو الإقليم فإن هم إلا في ضلال مبين ومخاولاتهم هذه تشبه إلى حد كبير ذلك الذي ينفخ في الشبك أو يرسم على الماء فماذا عساهم أن يفعلوا ضد هذا الدين المقدس الذي قاوم كل تحديات الفرقة عبر أربعة قرن رغم الشهوات والمصالح والأهواء ورغم الضغوطات الحضارية؟ وماذا عساهم أن يصنعو بهذه الأمة الواحدة التي امتزجت دماؤها بهدي السماء ونور القرآن هذا الكتاب التي ترسخت اياته في قلوب مئات الملايين من المسلمين في أنحاء الأرض.

فأما الزبد فيذهب جفاء فالقرآن الكريم يوجه الفكر والعقل ويبرمج الحياة برمجة واحدة بالنسبة إلى الجميع، اما القشريون الذين لا يرون إلا زبد الحياة والغثاء العائم فوق سيلها المندفع فهم لا ياخذون بنظر اعتبارهم قول الله – جلت اسماؤه- “فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ماينفع الناس فيمكث في الأرض” الرعد/17 فلنتخذ حياة الرسول صلى الله عليه وآله هدى ومن كتاب الله حبل نعتصم به ونتمسك ببرامجه ومنهاجه ولنلتف حول القادة العلماء العظماء المتمسكين بنهج الله وسنة نبيه ويحييون فينا ذكراه ومبادئه وقيمه وحياته ولنبدا بتزكية أنفسنا وتربيتها على حب المسلمين جميعاً كما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وكما يفعل عظماؤنا من بعده لكي نكون اذلة على المؤمنين اعزة على الكافرين ولنعيش في أجواء الحق متمحورين حول القيم المقدسة وتكوين الخلايا الموحدة ويتحقق قول الله تعالى “إن هذه امتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون” الأنبياء 92،فلنحيي ذكرى من له الفضل بأن نحيا حياة كريمة اللهم صل على محمد وآل محمد.

You might also like