النبي الشاهد والرسول الحاكم بين المنهج الجاهلي والمنهج الإسلامي..

إب نيوز ٤ نوفمبر

ام روحُ الله وجيه الدين.

قال تعالى في وصف النبي صلى الله عليه وآله والثناء عليه “اللذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا* يا أيها النبي انا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعا إلى الله بإذنه وسراجا منيراً *وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلاً كبيراً. الأحزاب يصف الله سبحانه وتعالى النبي الأعظم بأنه سيدنا وشفيعنا وقائد مسيرتنا محمد بن عبدالله بصفات شتى، فهو رحمة للعالمين وهو مبشر ونذيرا وسراج منير ورسول إلى البشرية كافة ففي أكثر من موضع يؤكد القرآن الكريم على أن النبي صل الله عليه وآله شاهد “ياأيها النبي أنا أرسلناك شاهدا” هذه الصفة كونها صفة مشتركة بين الرسول صلى الله عليه وآله وبين من يتبعه من المؤمنين فالنبي شاهد على الأمة والأمة الإسلامية بدورها شاهدة على الأمم الأخرى فالشهادة هي الجسر الممتد بيننا وبين رسولنا وقائدنا فشهادته هذه تتمثل بأنه نهض لوحده ضد الجاهلية التي أطبقت على الأرض فالاصنام كانت تعبد حتى في بيت الله الحرام – كما عادت الان في عهد ال سعود – فكان الناس يعيشون الظلم الإمبراطورية الفارسية من جهة واليونانية الرومانية من جهة أخرى والجهل والمرض والفقر مخيم في كل مكان لذلك كان لابد من مولود يحطم الأصنام ليس في الجزيرة العربية فحسب وإنما لكي يؤسس دولة إسلامية تكونالقدوة للدول الإسلامية الأخرى في سائر العصور ويحرك البشرية باتجاه الحضارة والرقي والتكامل وليكون دين الله هو الدين السائد على الدين كله ولوكره المشركين.

وهكذا قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وكل جزء من أجزاء حياته شاهد على البشرية وكل لحظة من لحظات عمره المباركة كانت سراجاً منيراً للبشرية ورحمة لها وعندما يعود إلى مكة بعد هجرته إلى المدينة وتأسيسه المجتمع الإسلامي فيها ويقول لأهلها وقلبها مفعم بالرحمة والحب والتسامح( اذهبوا فأنتم الطلقاء)رغم حصارهم الجائر الذي أودى بحياة اثنين من حماته فقد فيه أعز الناس عليه ألا وهما زوجته خديجة الكبرى وعمه أبوطالب..

هذا الخلق العظيم وهذه الرحمة التي استوعبت البشرية كلها كانت تجمع إلى جانبها الشجاعة الفائقة والبطولة المنعدمة النظير إلى درجة أن الإمام علي عليه السلام الذي يضرب به المثل في الشجاعة كان يقول(( كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله صل الله عليه وآله فلم يكن أحد منا أقرب إلى العدو منه)نهج البلاغة /من غيب كلامه – 9-. وعندما يفقد الرسول حاميه ابو طالب يخرج إلى باسلامه من مكة إلى الطائف عله يجد من يحميه ويصطحب ابنه المتبنى زيد بن حارثة وإذا باهالي هذه المدينة يستقبلونه أسوأ استقبال ومع كل ذلك فقد (…… قام عشر سنين على أطراف أصابعه حتى تورمت قدماه وأصفر وجهه يقوم الليل اجمع حتى عوتب في ذلك فقال الله عزوجل :”طه ماانزلنا عليك القرآن لتشقى ” بل لتسعد به – واي عدوانا نزل على نبيا أشد مما فعله به الجاهليون الا يكون لنا القدوة في الصبر والعزيمة والمواجهة والشجاعة – فقد بكي حتى اغشي عليه فقيل له يارسول الله أليس قد غفر الله لك ماتقدم من ذنبك وماتأخر؟ قال بلى أفلا اكون عبدا شكورا! فيضرب بذلك المثل الأعلى إلى درجة أن رجلا ياخذ بتلابيبه في إحدى المرات ويحاول خنقه إلا أن الرسول صلى الله عليه وآله يضحك في وجهه ويصلحه.

وفي مرة أخرى يشهر رجل آخر من المشركين السيف في وجهه الكريم ويقول من ينقذك مني ويحاول أن يضرب فإذا بقدمه تزل فيقع على الأرض فياخذ رسول الله صلى الله عليه وآله السيف ويقف عليه ويقول للرجل المشرك والان من ينقذك مني؟! فيقول الرجل حلمك يامحمد فيعفو عنه!؟ رغم أن هذا الرجل كان قائد الجيش المحارب للرسول صلى الله عليه وآله وببركة هذا العفو يدخل القائد هو وجيشه الإسلام من دون أن تراق اي قطرة دم.، ومن خلقه العظيم انه كان يكرم ابنة حاتم الطائي لأن اباها كان كريما وكان يقول لها( لو أن أباك كان مسلما لاستغفرنا له وترحمنا عليه)ومن عظيم سجاياه انه كان يدعو لقومه قائلاً( اللهم اهد قومي فإنهم لايعلمون)رغم انهم كانوا يؤذونه ويصبون عليه وعلى أصحابه الويلات ولعذابات كل ذلك ليصبح الرسول صلى الله عليه وآله شاهدا علينا ويكون قدوة لنا كما قال الله تعالى( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر )الأحزاب /21.

ثم يؤكد – تعالى – على فكرة مهمة من خلال قوله “فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم” النساء /65 اي يجعلوك حاكماً بينهم في أشد القضايا وأكثرها خلافاً فإن كنا نؤمن جميعاً بالله ورسوله فلماذا الاختلاف ولماذا التفرقة ولماذا التنابز بالألقاب والعنصرية والطائفية والحدود والمسافات الفاصلة ولماذا لا نوحد صفوفنا؟ أن قولنا رسول الله صلى الله عليه وآله هو قائدنا لايكفي فالقائد يوحد جماعته، فلماذا لانتوحد تحت رايته فبعد اتباع القيادة لابد من الاهتمام بالوحدة على أساس أن هذه القيادة وتأكيدا على هذه الفكرة يقول الله تعالى “…… ثم لايجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليماً” النساء /65.

وهكذا فإن الرسول صلى الله عليه وآله يوحد صفوف المسلمين وهو القاضي بينهم والحاكم عليهم دون أن يكون لهم الحق في الاعتراض على هذا الحكم حتى بهواجس قلوبهم فالحاكم لايحكم لمصلحتك فقد تكون مخطئاً فيحكم عليك فإذا حكم عليك فإن هوى نفسك ستعلن معارضتك علنا أو تضمر على الأقل المعارضة في قلبك فالله تعالى قال إن هذا سببا في اختلال إيمانك “فلا وربك لايومنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في أنفسهم حرجامما قضيت ويسلموا تسليما” النساء 65 والحرج هو الضيق والمخالفة النفسية والتسليم يعني الاذعان الكامل لما يأمر به وكذلك الحال مع قيادتنا العظيمة ممثلة بالقائد المفدى السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي، وكل ذلك لايمكن أن يحدث إلا من خلال الاستغفار ومن ثم الخضوع للقيادة وتوحيد الكلمة وبذلك تعود إلينا عزتنا وحضارتتا.

يجب أن نجعل من مولد النور انطلاقة لتغيير أنفسنا واصلاحها فقد كانت هذه الولادة انطلاقة حضارة السماء التي عمت في الأرض حتى يظهر الله وليه ونحن إذا قرأنا التاريخ ودرسنا فصول الحضارة على وجه الخصوص لراينا أن الخط البياني لتقدم البشرية قد بدأ لحظة ميلاد النبي الأعظم صحيح أن كل رسالات السماء كانت تحمل معها وقود الحضارة لتدفع بالبشرية إلى الأمام لاسيما عهد النبي سيلمان عليه وعلى نبينا وآله أفضل الصلاة والسلام إلا أن رسالة النبي الأعظم صل الله عليه وآله كانت تمثل الدرجة الأخيرة في التحول الكيفي في مسيرة الحضارة البشرية وهنا بالضبط كانت الانعطافة الكبرى فبلغت المسيرة رشدها وبدأت الحضارة حركتها الحقيقية وعاد الإنسان يعيش إنسانيته مقرا أن الناس سواسية كاسنان المشط، على عكس ماكان يعتقد به الفلاسفة القدامى كارسطوا الذي كان يصرح أن الناس لايمكن أن يكونوا سواسية فهم على أقسام فمنهم من ليس ببشر وإنما خلقهم الله بالصورة الآدمية لكي يخدموا الآخرين من الطبقات العليا وإلى اليوم نلاحظ أن هذا التقسيم غير الطبيعي مايزال سائدا في بعض البلدان، ففي الهند – مثلا-نجد شريحة كبيرة من الناس يطلق عليهم اسم( المنبوذون)تعيش حالة يرثى لها من الجهل، والتخلف، والفقر، والحرمان والأسوأ من ذلك أن أحداً لا يجرؤ منهم على إنقاذ نفسه من هذا الواقع المزري لاعتقاده بأنه منبوذ حقا.

وراح البعض يميز بين جنس الرجل وجنس المرأة إذ كان اغلب الفلاسفة ام المرأة من جنس أدنى من الرجل وان الله تعالى خلقها لخدمته وهذه المعتقدات وماشاكلها تسربت إلى بعض الديانات ماسبب انحرافها – كالديانة اليهودية – مثلا حتى صار أصحابها يعتنقون فكرة العنصرية ليجعلوها شعاراً لمحاربة الشعوب وحتى أولئك الذين يدعون التقدم والحضارة في عالمنا المعاصر لا يعترفون هم أيضا بالآخرين لأن خلفيتهم الفكرية خلفية جاهلية ولأنهم لم يتبعوا القيم الإلهية ومن هنا ندرك حقيقة أن الحضارة الحقيقية لايمكن أن تكتمل الا في ظل رسالات السماءولو نشأت الأمة حقا على منهاج الرسول صلى الله عليه وآله وعاشت سيرته المباركة لما كانت تعاني اليوم من أية مشاكل تذكر الا انها لما صارت تعيش الغربة عن واقع رسالتها ولم تكرس قيمها الإسلامية فمن الطبيعي أن يأتي الحكام الطغاة ليتسلطوا عليها وينفذوا ادوراهم الإجرامية ضدها كما يفعل ال سعود تماماً باليمن والعراق ولبنان بل وعلى شعبه من أماكن للترفيه المحرم وبيع الخمور وتخصيص أماكن لها علنا دونما حياء فلو كان مجتمعنا محمديا قرآنياً لما فسح المجال لأي طاغية ليعيث بمقدراته ويتسلم أموره رغما عن إرادته فالمجتمع المحمدي هو مجتمع المسؤولية، والوحدة، والحب والتعاون والتكافل ومجتمع التحدي والشهادة.

أمِن الحضارة وتقدم الشعوب بيع الخمور وشربها؟ فمن يشرب الخمر فقد يسرق ويزنى ويقتل فهل الحضارة أن تسرق وتقتل وتزني، لذلك ينبغي علينا أن نبني مجتمعا صلبا ايمانيا صادقا يتحدى كل من تسول له نفسه أن يصنع من نفسه دكتاتورا يتسلط على رقاب الشعوب المسلمة أن المسلمين يواجهون اليوم خطر الإبادة فلا مجال للجدل في بعض القضايا الهامشية وفي هذا الصدد علينا العودة عودة محمدية ولنقتفي أثره وننهج منهجه في هذه المناسبة العظيمة وإلى مالانهاية..

You might also like