الإمارات في اليمن… من غواية الحرب إلى ملكوت المصالح .
إب نيوز ١٣ نوفمبر
لم يعد الحديث بوسائل الإعلام السعودي والإماراتي عن فتح حوارا مباشرا مع حركة الحوثيين ” أنصار الله” اليمنية حديثاً سرياً يتم تداوله خِــلسة بكواليس غرف صُنّــاع القرار الخليجي، بل باتَ علنياً وعلى لسان كبار المسئولين في الرياض وأبو ظبي، بعد أن كان إلى قبل شهور ممنوعاً، بل محرماً أن يُــذكر.
فقد تصاعدت وتيرة الحديث عن هكذا حوار بشكل أكثر انتشارا ووضوحا بعد القرار الجريء الذي اتخذته الإمارات بالانسحاب العسكري من اليمن، وبعد موقفها العسكري الحازم الى جانب قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بمواجهة جيش الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والمسماة بالشرعية، حين عزمتْ هذه الأخيرة على شن هجوما عسكريا واسع النطاق قبل شهرين تقريبا لاقتحام حاضرة الجنوب “عدن”، ووجهت أي الإمارات على إثر هذا التقدم ضرباتها الجوية على التخوم الشرقية لعدن ، لتقتل وتجرح العشرات وربما المئات من جنود الحكومة اليمنية المهاجمة، وهو الأمر الذي فاقم من تدهور علاقة الإمارات مع تلك السلطة ومع السعودية أيضاً.
تلى ذلك ابتعادا مضطرد بين قطبي التحالف، وبين الإمارات السلطة اليمنية قبل أن يعيد الاتفاق الأخير الذي ابرمته المملكة بين المجلس الانتقالي الجنوبي وبين الحكومة اليمنية بالرياض بعض الدفء لتلك العلاقة, ولكنه لم يفلح بتذويب كل الجليد الذي تراكم على درب العلاقة بين الدوليتين الخليجيتين , ولم يحمِــل الإمارات على تخليها عن قرار انسحابها العسكري وصرف نظرها عن عدم التوجه صوب صنعاء أو حتى تليين علاقتها المتوترة مع الحكومة اليمنية . فقد ظلت أبو ظبي متمسكة بقرار الخروج من دوامة هذه الحرب، وبخصومتها مع الحكومة اليمنية التي ترى فيها الإمارات بانها حكومة إخوانية صرفة.
والاعتماد عوضاً عن الانسحاب على وسائل ناعمة وغير مباشرة لترسيخ حضورها السياسي والاقتصادي باليمن وبالجنوب تحديدا من خلال توثيق العلاقة مع القوى الجنوبية الفاعلة على الأرض، ومنها المجلس الانتقالي الذي استطاع من خلال الاتفاق الأخير أن يفرض نفسه كلاعب رئيس باليمن ويعيد القضية الجنوبية التي يتبانها الى واجه الاهتمام المحلي والاقليمي والدولي بعد أن توارت خلف الحجب قرابة خمسة أعوام وبعد أن ظل الجنوب مجرد كمالة عدد في عيون القوى المحلية والإقليمية.
ففي يوم الأحد الـــ10من نوفمبر الجاري- الذي أعلن فيه قائد قوات حرس الحدود الإيراني العميد قاسم رضائي، في مؤتمر صحفي أن علاقة بلدة باتت جيدة مع الإمارات، فقد قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية د.أنور قرقاش أمام ملتقى أبوظبي الاستراتيجي بنسخته السادسة، معلقاً على الاتفاق الأخير الذي رعته السعودية بالرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي: (هذا الاتفاق يجب أن يأخذ في الاعتبار التطلعات المشروعة لجميع شرائح المجتمع اليمني، وبما في ذلك الحوثيين, الذين سيكون لهم دورا بالمستقبل باليمن)، حيث يمثل هذا مؤشرا آخر على أن الإمارات قد غسلت يديها من الحرب العسكرية باليمن وباتت تنشد الحل السياسي بقوة غير عابئةً بالحسابات السعودية المتعثرة داخل اليمن، ولا مكترثة بالتبرم السعودي من التقارب الإماراتي الإيراني المتصاعد.
ومؤكدة بالوقت عينه أنها لم تبرح اليمن كليا برغم خروجها العسكري، وأنها ستظل فيه بذات القدر الذي تفرضه مصالحها الاقتصادية وبالقدر الذي يقتضيه الاشتراك بحالة التنافس الدولي والاقليمي المحموم بالبحرين: الأحمر والعربي وبالقرن الافريقي للحفاظ على نفوذها ومصالحها، والتصدي لخصوميها اللدودين: قطر وتركيا، تركيا التي تتغلل منذ سنوات بمفاصل وثنايا المنطقة باضطراد ودون هوادة.
كتب: صلاح السقلدي