النبيُّ أولى بالفرح والابتهاج وهو أولى بالاحتفاء والتبجيل .
إب نيوز ١٤ نوفمبر
مطهر يحيى شرف الدين
لا أُنكر فعلاً أنَّ رسولَ الله -صلواتُ الله عليه وآله الطاهرين- ازداد عظمةً وإجلالاً في نفسي، كما أنني ازددتُ حبًّا وودًّا وتعلقًّا بمن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وازددتُ يقيناً بأننا ما دمنا متمسّكين برسولِ الله فإنّنا وبلا شك سننجو ونهتدي ونفوز، وفي ذلك المخرج والفلاح في تحقيق الانتصار على أعداءِ الله ورسوله، والفرج القريب من الأزمات الاقتصادية التي افتعلتها دولُ العدوان في سبيلِ تركيعِ الشعب اليمني وإخضاعه، ليكونَ لقمةً سائغةً تبتلعها قوى الاستكبار العالمي البغيض.
كلَّما تذكّرتُ أَو رأيتُ تلك المشاهدَ الجماهيريّةَ الحاشدةَ والمؤثرةَ، أدركتُ مدى حبِّ الله ورسوله للشعب اليمني العظيم رجالاً ونساءً وأطفالاً، وكيف لا يُحبُّ اللهُ ورسولُه من أحيا ذكرَ نبيِّ هذه الأمة؟! من أُرسل للناس كافّة وقد كان الأنبياءُ يُرسلون إلى أقوامهم خَاصَّة، كيف لا يُحبُّ اللهُ هذا الشعبَ الذي يوقَّر رسولَ الله ويعظّمه ويُحيي ذكرى ميلاد نور الأُمة وسراجها؟!، وكيف لا يُحبُّ اللهُ ورسولُه شعباً هبّ مسرعاً ومشتاقاً لإحياء المناسبة وقد تدافعت كُـلُّ الأطياف والمكوّنات المجتمعية شلالاتٍ من البشر من كُـلِّ حدبٍ وصوبٍ إلى مكانٍ واحدٍ وفي ساعةٍ واحدةٍ؟! تجدهم يُردّدون: “لبيك يا رسولَ الله” ليسجّلوا موقفاً دينياً وتاريخياً ستشهد بذلك السماءُ وتتحدّث عنه الأرضُ اليمنيّةُ المباركةُ التي كان لها شرف احتواء أحباب رسول الله.
إنها أمواجٌ من البشر هي الأكثر حضوراً والأوسع تفاعلاً ومشاركةً في تاريخ اليمن، تُعبّر عن فرحةِ وسعادةِ وابتهاجِ أمَّة محمد بنبيها الأكرم -صلواتُ الله عليه وآله الطاهرين-؛ ولذلك كان لا بُدَّ أن يُترجم الشعبُ ودَّ وعشق رسول الله بالتهيئة وبالإعداد وبالمشاركة والحضور والاحتشاد؛ ولأنه عظَّمَ رسولَ الله وانتصرَ لرسول الله فقد أثبت للعالم أجمع أنَّه ما زال متعلّقاً بنبيِّ الله ومرتبطاً بمنهجه، وكان له شرفُ تبجيل وتوقير وتعزير رسول الله بالمستوى الرفيع والزخم الهائل، الذي لا يمكن أن يُفسّر إلّا أنه الحبُّ العميقُ والودُّ الأبديُّ وَالعشقُ الخالدُ لخير خلق الله.
ذلك الاحتشادُ وتلك الأرضُ التي جلس عليها ضيوفُ رسول لله ستشهدُ في يومٍ عظيمٍ أنَّ شعبَ اليمن دونَ غيره من الشعوب العربية الإسلامية، هو الأولُ في مناصرته لرسول الله وهو الأكثرُ حبًّا لرسول الله، وهو الأقوى إيماناً بالله ورسوله، وهو الأعمق وعياً وإدراكاً لنتائج الارتباط برسول الله الذي نتج عنه الوثوق بالله والتمسّك بكتاب الله والاعتصام بحبله المتين، صار لليمانيين الأحرار الفخر والاعتزاز وهو يتّجه صوبَ ميادين الاحتفال؛ ليحييَ هذه الذكرى العظيمةَ، وكيف لا يُحييها وقد أحيا اللهُ ذكرَ رسوله الكريم في كتابه العزيز في قولِه تعالى (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ)؟!.
كيف لا نُحيي هذه الذكرى العظيمةَ وفي إحيائها حياةٌ لنا ومماتٌ لأعدائنا، وقد امتدح اللهُ عزَّ وجلَّ رسولَه الكريمَ، ووصف خُلقه بالعظيم، وقرن طاعته بطاعة رسوله، وأمر البشرية جمعاء بالاقتداء به في قوله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)؟!.
كيف لا نُحيي هذه المناسبةَ والقرآنُ الكريمُ مليءٌ بإشاراتِ وبشرى ومجيئ رسول الله، وصفاته ومناقبه وصبره وتضحياته وكماله الإنساني والروحي؟!.
توجّـه مئاتُ الآلاف من الناس إلى ميادينِ الاحتفالات، ويسود بعضهم البعض الرأفة والرحمة والعزّة والكرامة والشموخ والكبرياء، توجّـهوا وكلُّهم يؤثر غيرهم على أنفسهم في أماكن الجلوس وفي التناوب على المظلات التي تقي حرَّ الشمس، وتعلوهم الابتسامةُ ويبادرون إلى إلقاء التحايا وإهداء التبريكات، والبشاشةُ تظهرُ في قسمات وجوههم وَهم مع ذلك شمُّ الأنوف أعزةٌ على أعداء رسولِ الله.
في ذلك التوجّـه والاتّجاه يتنافس المتنافسون على الحضورِ في وقتٍ مبكّرٍ، وكأنهم يتسابقون على نيل جائزة دولية أَو كأنهم يتقافزون لنيلِ وسامٍ من الدرجة الأولى من أكبر زعيمٍ في العالم، أَو كأن كُـلَّ واحدٍ من الضيوف قادمٌ لإحراز أكبر رصيدٍ من اليانصيب.
توجّـه جميعُ الناس إلى ميادين السلام والتعايش، إلّا من كان في بدنه علّةٌ أَو من كان في قلبه مرضٌ، توجّـهوا وهم يدركون أنَّ رسولَ الله أَوْلَى بهم من أنفسهم ومن أبنائهم وآبائهم وأمهاتهم وأُمرائهم، وهو أولى بالاحتفاء والفرحة، وهو أولى بالتعظيم والتوقير والمديح والثناء والشكر لله على أكبرِ نعمةٍ منَّ اللهُ بها على عباده.
النبيُّ أولى بنا من أنفسنا في التضحية والصبر والبذل والعطاء والفداء، كيف لا والقرآنُ الكريمُ مليءٌ بالأحداثِ والظروفِ المحيطة برسول الله والعظات والعِبَر والغزوات والمناسبات المتعلّقة برسولِ الله -صلواتُ الله وسلامُه عليه وعلى آله الطاهرين-؟!..