كاتب عماني : ماذا تعني زيارة الامير خالد لمسقط؟ هل اقتربت ساعة الحل السياسي في اليمن؟
إب نيوز ١٤ نوفمبر
الأزمة اليمنية وبعد حرب متواصلة لأكثر من خمس سنوات، أزهقت فيها دماء اليمنيين، ودمرت بنيتهم التحتية المتهالكة أصلاً من أجل مصالح سياسية واقتصادية لهذه الدولة أو تلك، أخيراً أدرك صناع حربها أن الحل السياسي حانت ساعته، وأن صوت المدفع لابد أن يسكت ويتحدث صوت العقل، فكل الأطراف خاسرة إن لم تنته هذه الحرب العبثية.
فهل اتفاق الرياض الأخير الموقع بتاريخ 5 نوفمبر بين الرئيس المنتهية ولايته “عبد ربه منصور هادي، ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي “عيدروس الزبيدي” والذي وضع حداً للاقتتال الدائر بينهما في جنوب اليمن، كان المنطلق لبداية حل الأزمة اليمنية على أساس التقسيم؟ وماذا بعد هذا الاتفاق؟.
تغير قواعد الاشتباك في الشمال اليمني بين الحوثيين ومن معهم وقوات التحالف الخليجي بسبب دخول السلاح الاستراتيجي المؤثر اقتصادياً إلى ساحات المعارك الذي ظهر من خلال قصف الحوثيين لشركة “أرامكو” السعودية وقبلها خطوط نقل النفط السعودية وأخيراً العملية العسكرية الكبيرة التي قام بها الجيش اليمني واللجان الشعبية عندما قتلوا وأسروا آلاف من القوات المدعومة سعودياً مع عشرات من الجنود والضباط السعوديين والسودانيين عندما كسر زحفهم لتحرير بعض المناطق في الداخل السعودي.
هذه المعطيات وغيرها أقنعت من أشعل هذه الحرب على إنهائها بشروط مقبولة لدى الحوثيين وأنصارهم، خاصة وجبهتهم التي تقاتل الحوثيين أصابها التشقق والتصدع، فكان اتفاق الرياض المحاولة لتوحيد الجبهة الداخلية التي كان أساس بنائها ضعيفاً، وتحكمه المصالح الحزبية والمناطقية بعيداً عن مصلحة اليمن الموحد، والنتيجة ما دار من قتال في الجنوب اليمني، ولكن يبقى السؤال المطروح هل نحن أمام مشروع تقسيم اليمن بقبول الوضع في صنعاء كما هو والتراجع عن فكرة إرجاع شرعية “هادي” للحكم ؟!.
وصول نائب وزير الدفاع السعودي إلى سلطنة عمان ومقابلته السلطان قابوس يضع الكرة مرةً أخرى في الملعب العماني، والتسريبات الإعلامية تتحدث عن لقاء جمع الوفد السعودي الزائر مع الحوثيين برعاية عمانية لوضع اللمسات النهائية لتوقيع وثيقة إنهاء هذه الحرب بينهما، والأمور إلى الآن لم تظهر إعلامياً عند جميع الأطراف، ولكن مقدماتها بدأت بوقف التحالف السعودي قصف محافظات معينة في الشمال اليمني مقابل وقف قصف الجيش اليمني واللجان الشعبية العمق السعودي خاصةً المواقع ذات البعد الاقتصادي.
معطيات الجنوب اليمني وما يحدث في شمالها أوجد لنا معادلة جديدة أفرزتها حرب السنوات الخمس هي: إن جزءً من اليمن أصبح خارج السيطرة والتأثير الخليجي، وهذا يعني أنه خارج المنظومة السياسية التي تتناغم مع الرؤية الأمريكية والغربية، فالفكر السياسي لمن يحكمون صنعاء الآن يصنف ضمن تيار ما يعرف “بالمقاومة والممانعة” في المنطقة، فكيف سيكون الحل في اليمن وهذا الفكر موجود وشعاره “الموت لأمريكا والموت لإسرائيل”؟! فأمريكا لا تريد لمثل هذا التيار السياسي المشاركة في عملية إدارة اليمن، ولكن عدم قدرة التحالف السعودي إسكات هذا الصوت عبر الحرب جعلهم ومن معهم من الأمريكان يرضون بالواقع المر وهو وجود تيار سياسي عسكري يغرد خارج السرب السعودي والأمريكي؛ لذلك عندما اندلعت الاشتباكات العسكرية بين المواليين لهادي والمجلس الانتقالي في الجنوب كان القرار هو المصلحة بينهم لعدم خسارة الجنوب بعد فقدان الأمل في تحقيق أي نصر استراتيجي في الشمال اليمني وإزاحة أنصار الله من المشهد العسكري والسياسي هناك.
والسؤال المطروح ماذا بعد التوقيع على اتفاقية وقف الحرب بين أنصار الله والتحالف السعودي -إن حصلت- ؟!هل ستشكل حكومة توافقية تشارك فيها جميع الأطراف السياسية من الشمال والجنوب؟ وعلى أساسها تقام انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة، وهذا يعني قبول تيار سياسي في الدولة اليمنية يمثل امتدادا لسياسة حزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق والحكومة الإيرانية والسورية، وهو ما يعرف بتيار المقاومة والممانعة؟!
أم نحن أمام مشروع تقسيم اليمن بعد اتفاق الرياض وإنهاء الحرب مع الحوثيين؟. كل هذه السيناريوهات مازالت غامضة وغائبة عنا لما في الحالة اليمنية من تعقيد، ولكن المهم الآن هو وقف الحرب وإجراء مصالحة وطنية برعاية الأمم المتحدة تكون فيها مصلحة اليمن فوق كل شيء .
*جمال الكندي
كاتب عُماني
“رأي اليوم”