أرامكو من الإكتتاب إلى الإنتكاب .
إب نيوز ١٩ نوفمبر
بقلم / منير اسماعيل الشامي
مضى اكثر من شهرين على عملية الرابع عشر من سبتمبر ، تلك العملية التي نفذتها وحدة طيراننا المسير بعشر طائرات مختلفة الانواع واستهدفت فيها اكبر وأهم حقل نفطي وأهم منطقة صناعية لشركة ارامكو في ابقيق وخريص، وقد ادت العملية إلى توقف الحقل النفطي عن الانتاج تماما الذي كان يبلغ انتاجه اليومي نصف انتاج السعودية تقريبا إضافة إلى إخرج المصانع التابعة له عن الخدمة .
تلك العملية والعمليات السابقة لها كعملية التاسع من رمضان، وعملية حقل الشيبة كانت جميعها ناجحة ١٠٠٪ من مختلف الجوانب، (نوعية الهدف، النتيجة، التوقيت، الإصابة، الآثار ) ما يعني أنها كانت عمليات مدروسة بعناية ومخطط لها بدقة متناهية الأمر الذي جعلها عمليات موفقة التسديد بفضل الله، فكل عملية من العمليات السابقة ساهمت بشكل أو بآخر بضرب شركة أرامكو بشكل مباشر ، غير أن عملية الرابع عشر من سبتمبر كانت العملية القاصمة لها، فمن حيث نوعية هدفها استهدفت العمود الفقري لشركة ارامكو التي هي الأخرى تعتبر العمود الفقري للإقتصاد السعودي، ومن حيث النتيجة فقد نتج عن العملية اصابة شركة ارامكوا بشلل نصفي للشركة وادى ذلك الشلل الى توقيف ٥٠ ٪ من الصادرات النفطية للدولة التي تحتل المرتبة الأولى عالميا في تصدير النفط طيلة عقود من الزمن وخلفت أضرار كبيرة جدا قد تستغرق صيانتها شهور طويلة، وربما تحتاج إلى أعوام لأعادتها إلى ما كانت عليه .
ومن حيث التوقيت فقد كانت في لحظة مفصلية من تاريخ الشركة في النجاح، وفي الوقت الذي كان محمد بن سلمان يستعد لطرح نسبة كبيرة من اسهمها في اسواق النفط العالمية، لتغطية العجز في الموازنة السعودية الذي تتصاعد حدته يوما بعد آخر بسبب عدوانهم الاجرامي على اليمن .
ومن حيث الاصابة فقد كانت وكما يقول المثل اصابة في مقتل ، وهو ما عكسته الآثار المترتبة على العملية والتي ما زالت تتوسع سلبا على مختلف مجالات الحياة للنظام السعودي واهمها انهيار قيمة الشركة وضياع شهرتها العالمية والذي ظهر بالانخفاض المستمر في قيمة اسهم الشركة حتى وصل قيمة السهم إلى ٣٠ ريال وعزوف اكبر الشركات العالمية
المستثمرة في اسواق النفط عن الاكتتاب في اسهم الشركة رغم تدني قيمة السهم، بعد أن كانت تتمنى جميع الشركات والمستثمرين امتلاك جزء من اسهم الشركة وبأغلى الاثمان .
محاولة محمد بن سلمان زيادة انتاج المملكة من النفط برفع الطاقة الانتاجية في الحقول السليمة إلى أقصاها لم ينجح في تجاوز الرياض لكارثة عملية ابقيق ، ولن يعيد لشركة ارامكوا نجاحها ولا سمعتها ولا شهرتها، والسبب ان رفع الطاقة الانتاجية لجميع حقول النفط الى طاقتها القصوى تمخض عن زيادة قدرها ١٦٠ الف برميل يوميا وبالتالي فالمشكلة لم تحل، والمعضلة لم تخف شدتها، كما أن رفع طاقة انتاج بقية الحقول الى أعلى مستوياتها الانتاجية سيخلف آثار كبيرة وحادة على الشركة ايضا هي في غنى عنها في الفترة الحالية او مستقبلا.
ايضا تكلفة حملة الترويج الخيالية التي نفذها محمد بن سلمان اللإكتتاب في اسهم الشركة خلال شهور لم تحقق اي نتيجة بعد عملية ال ١٤ من سبتمبر التي أحرقت رصيد النجاح و الشهرة لشركة ارامكو وهو ثمرة نشاطها طيلة أعوام وحققته خلال عقود ظلت فيها هذه الشركة في موقع الصدارة عالميا وكانت الركن القوي لمنظمة أوبك والداعم الاكبر لإسواق النفط العالمية، والعامل المؤمن لإستقرار اسعار النفط العالمية.
فما حققته شركة أرامكوا من نجاح وشهرة عالمية منذ تاريخ انشائها صار كرماد ذرأته رياح العمليات الهجومية للجيش اليمني يوم عصفها وحولته إلى سحب دخانية تصاعدت في السماء واختفت عن الانظار سريعا فما ابقت ولا بقيت.
ولذلك فحملة بن سلمان الترويجية للإكتتاب بأسهم الشركة لم تغير في نظرة المستثمرين نحو الشركة ومهما أنفق فلن يعيد إلى الشركة قيمتها قبل العمليات اليمانية ولانجاحها ولا شهرتها، ولا ثقة المستثمرين فيها، ولن يعيد لها سمعتها ايضا مهما حرص على ذلك أو اجتهد
لقد صارت شركة ارامكو اليوم كعود ثقاب بعد اشتعاله لا قيمة له ولا فائدة ، وتحولت عملية الاكتتاب إلى عملية انتكاب ولم يتبقى ل محمد بن سلمان غير النحيب والانتحاب في الوقت الحالي .
اما مستقبلا فعلى محمد بن سلمان أن يدرك أن الشركة هذه لا مستقبل لها ابدا في ظل استمرار العدوان ولا يمكن أن تعود إلى سابق عهدها او تستعيد سمعتها وشهرتها إلا في حالة واحدة فقط هذه الحالة هي حالة السلام والسلام الحقيقي والكامل اما بدونه فلا مستقبل لا للسعودية ولا لشركته ولن تبقى لها قيمة ومصيرها سيكون إلى زوال .