موقع بريطاني: هل ستدفع «الدرون» الشرق الأوسط إلى نقطة اللاعودة؟
إب نيوز ٢٧ نوفمبر/متابعات:
لقد غيرت الأنظمة الجوية غير المأهولة أو الدرون المسلحة وغير المسلحة طريقة إدارة البلدان والثوار للحروب في الشرق الأوسط. إن الانتشار الواسع لهذه الأسلحة، إلى جانب مجموعة من القدرات التي تمنحها وإمكاناتها لتغيير منطق التصعيد بين الدول، يمكن أن يسبب صراعاً بين الدول.
زيادة في الانتشار
منذ الحرب الباردة، حاولت الولايات المتحدة إيقاف انتشار الأنظمة غير المأهولة من خلال اتباع سياسة تصدير محدودة. ومع ذلك، ردت دول في الشرق الأوسط على هذه السياسة بتصدير أنظمتها الخاصة (إسرائيل وتركيا وإيران) أو باستيرادها (الأردن والعراق والسعودية والإمارات). ولعل التطور الأخطر لم يأت بعد؛ ففي نوفمبر حذر وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر من أن الصين شرعت في تصدير طائرات درون بقدرات هجومية ذاتية التحكم. وعلى الرغم من أن سياسة الصين قد وصفت بأنها “لا تطرح أي أسئلة”، إلا أنها كانت مقيدة برغبتها في تفادي تسليح اللاعبين غير الدوليين، وبالتالي إضفاء الشرعية على الحركات الانفصالية.
علاوة على ذلك، كان يعني انخفاض التكاليف التجارية للدرون، بالإضافة إلى براعتها في استخدام الدي آي واي، أن جماعات كداعش والمتمردين الحوثيين كانوا قادرين على تقديم الدعم الجوي، وهي قدرة لم تكن تملكها مجموعات من المتمردين في الماضي. تستخدم داعش الأنظمة الجوية غير المأهولة كما تزعم، كقاصفات خفيفة وكراصدة جوية تساعدها في تنسيق الضربات الانتحارية الناسفة، بينما استخدم الحوثيون (بمساعدة إيرانية) طائرات الدرون كأجهزة تفجير بدائية جوية لمهمام الاغتيالات.
قدرة متطورة وتأثير متضاعف
إحدى القدرات البارزة لمشغلات الدرون هي “الانتشار”، حيث تستخدم الأنظمة المتعددة لتحقيق هدف مشترك. كان قد تم استخدام نسخة أولوية من هذه -بالاقتران مع صواريخ كروز- في الهجوم على منشأتي النفط بقيق وخريص التابعتين لشركة أرامكو في الرابع عشر من سبتمبر (نسخة أولية لأن الانتشار الصحيح يتطلب يقتضي أن تغير الأنظمة الفردية سلوكها المعتمد على الاتصال بواحدة أخرى ويوجد دليل ضعيف على أن هذا قد حدث). وكنتيجة للهجوم، توقف إنتاج 5% من إمدادات النفط العالمي مؤقتاً وارتفع السعر العالمي إلى 15%. وعلى الرغم من أن المتمردين الحوثيين قد تبنوا الهجوم في البداية، ظهر إجماع عام على أن إيران هي المسؤولة. كان الهجوم ناحجاً، رغم تمتع مواقع أرامكو السعودية بحماية من حليف المملكة الأمريكي على هيئة بطاريات صواريخ باتريوت باك-2 أرض جو ، التي مع ذلك أثبتت أنها غير فعالة على الإطلاق.
وجد مركز دراسة الدرون مؤخراً أن عدد الأنظمة والمنتجات التي تزعم أنها تقي من الأنظمة الجوية غير المأهولة قد زادت من 10 فقط في 2015 إلى 235 في 2018. ربما وبشكل غير مفاجئ كانت توصف الصناعة المكافحة للدرون (على الأقل في العمل المدني) بـ”بائع زيت الثعابين الخادع” بالنظر إلى تلك المواقع القليلة جداً التي تمثل أهمية استراتيجية في الشرق الأوسط (تذكر التأثير على احتياطي النفط العالمي)، يمكن أن تثبت هذه التقنية المنتشرة فعالية قصوى في إتلاف البنية التحتية الوطنية الرئيسية والمنشآت العسكرية على امتداد الإقليم، لاسيما بدلاً عن حل “الرصاصة الفضية” لردع طائرات الدرون.
احتمال تصعيد الصراع
عقب هجوم أرامكو مباشرةً، أعرب ينس ستولتنبيرغ أمين عام حلف “الناتو” عن قلقه العميق من أن تتصاعد الخلافات، واتهم إيران بـ”زعزعة استقرار الإقليم بأكمله”. بالرغم من هذا لم يكن من المستغرب أن ذلك الهجوم لم يؤد إلى رد عسكري.
في 2015، تم تثبيت لعبة حربية مسماة “غيم أوف درونز، ” لعبة الدرونز في واشنطن العاصمة خلصت إلى أن وجود الأنظمة الجوية غير المأهولة في الفضاء المتنازع عليه كان لديها تأثير “خفض البدء بعمل عسكري في ظروف معينة لأن الخطر المتوقع كان أقل”. ومع ذلك هذا يعتمد على الاعتقاد بأن عدوك لن يتعامل مع إشراك النظام المأهول بنفس الطريقة التي سيتعامل بها مع درون في ذات السيناريو. على الرغم من أن التطورات في تقنية المراقبة يعني أن الأنظمة الجوية غير المأهولة تستطيع اكتشاف المزيد من ساحات القتال، يتم تقديم” حرب تشويش” جديدة. هذا الغموض -المنعكس في قرار الرئيس ترامب في بادئ الأمر لشن ضربات مضادة رداً على الهجوم الإيراني وإلغائه بسرعة- يمكن أن يؤدي إلى تصعيد عبر آليتين.
أولاً، يمكن أن تعمد دولة ما إلى إشراك نفسها في نظام جوي غير مأهول يمكن حينها أن يستخدم كحجة شرعية لشن ضربات أكثر. في الواقع، كان قد قيل إن “التصيد” كان أحد جوانب سياسة إدارة ترامب الهامة تجاه إيران. والآلية الثانية هي عبر إساءة الظن. بالنظر إلى المجموعة الصحيحة من الشروط (قاعدة محلية متشددة)، قد ترغم الهجمات المتكررة على الأنظمة غير المأهولة على التصعيد رغم التردد في كلا الجانبين.
إن ظهور تقنية الدرون المنتشرة والذاتية بحوزة عدد من اللاعبين -مع منطق غير واضح لكيفية تأثير استهداف الأنظمة غير المأهولة على العلاقات بين البلدان يمكن بالتالي أن يشعل الصراع. الخطر الأول هو تعميق الخلافات الصغيرة بسبب الدرون قد يؤدي إلى صراع قبل أن يتم حل القضايا طويلة الأمد. ومع تطور هذه الأنظمة تقنياً وعملياتياً -ظهور الأنظمة الذاتية سيعقد المسألة- يجب إيلاء اهتمام كبير بالآليتين الداخلتين في تأجيج الصراع في الشرق الأوسط.
(جوناثان بوردن – غلوبال ريسك إنسايتس)
موقع إخباري تحليلي بريطاني