بين الشّهيد و الأسير .
إب نيوز ٣٠ نوفمبر
كشقيقات استبقت لدى الباب تتنافس على فتحه لذاك المهاجر أبا أو أخا أو ابنا أو زوجا ، هكذا كانت تتلاحق دمعات من عمق الرّوح ، دمعات توّجتها الفرحة و الغبطة حين كان الآتون هم الأسرى من أبطال الجيش و اللجان الشعبيّة ، دمعات فرحة العودة و فرحة حمد و شكر للّه على قيادة ربانيّة بتنا نتطلّع و نتمنّى في ظلالها المجد و الشّموخ أكثر و أكثر ،،
نعم : فلنا قائد عجزت نساء الكون أن تأتي بمثله ، و له أرفع عشقي الطّاهر سموّا بمشاعر حرية و كبرياء و نصر و شموخ بت أعيشها كلّ يوم بينما لم أعشها سابقا إلّا في الـــ 2006 يوم انتصر سماحة العشق السيّد/ حسن نصر اللّه على جيش كيان الصهيونيّة ، فارتسمت خطوط المجد باسمك سيّدي و قائدي و نبض فؤادي و نور عيني / عبدالملك بن البدر الحوثي ، و تفاخر العشق سكنا بينك و سماحته نصر اللّه ، يا أغلى نعم اللّه لنا ،
سيّدي القائد : و قد لاحت أنوار العزّة و تنفّست اليمن صعداء المجد بك فكأنّك بلسم حين نعدّد كمّ انتصارات رجالك فتطيب جروح دهر عشناه في كنف أحقر الظالمين (عفّاش و أمينته )، و أمّا الحمدي فلم ندركه إلّا حكايا خالدة عشقنا ترديد آبائنا و أمهاتنا بأن كان وطن لليمن اسمه الحمدي ، و أنّه قد خانه العملاء ، و رموه في غيابت جبّ ارتزاقهم و ارتهانهم و رهنهم اليمن لبني سعود في 1977 بينما لم يغِب ( يوسف اليمن : الحمدي ) ، فبئره أيضا لم تغيّبه فقد جاء عهد النّصر .. جاء رجال اللّه فكشفوا حقيقة رجل ما خان و لا باع فعاد روحا ما اسطاع الحاقدون إزهاقها على مدى أكثر من أربعين عاما ؛ فقد أراد اللّه أن تُفتح صفحاتها من جديد ليعرف الشّعب أنّ كيد ( لابسي الشّراشف ) لن يُخفي الحقيقة مهما طال غيابها ؛ فقد تكشّفت في رصاصاته الخائن ( عفّاش ) الذي امتحنه الملحق السّعودي برمي الوطن فرمى ذلك الوطن بكلّ سهولة ؛ ليفوز بذلّة و خسّة و تبعية بني سعود الأنجاس ، و يُطبع على جبينه و تاريخه كلمة :
خائن ؛ فهو و صاحبه ( الغشمي ) من كتّف الحمدي البارحة ليلطمه عربيد بني سعود، و كما أراد مرتزقة اليوم و باعة الأوطان أن يكتّفوا اليمن ليستبيحه عدوان عالمي أرعن فقد حان زمن الرّدّ الذي انتصر و من النّصر فكّ أسر رجال اللّه من بين أنياب المسوخ الذين مارسوا فنون تعذيب لا يعترف بها دين و لا تباركها عقيدة سماوية ، و لكنّه قانون الغاب الذي يتبدّد على يد هؤلاء الأبطال من أسرى الجيش و اللجان الشعبيّة الذين ضاق بحريتهم و شموخهم و كبريائهم حديد القضبان فصدأ الحديد، و ما صدأ إيمانهم ، و ما وهنت أرواحهم و إن وهن الجسد بذاك التّعذيب الذي لا يترجم إلّا مدى الانهزام الذي يعيشه من مارس تعذيبهم ، و هم الأبطال الأقوى إيمانا و ثباتا ، و الذين لم تزلزلهم آلة التّعذيب ، فعادوا منارات و مدارس أستاذها الثّقة باللّه الذي شدّ رباط قلوبهم بثبات أسطوري ، و منحهم صبرا و جلدا حدّ إغاظة السّجانين الملاعين ،
عاد أسرانا رغم ما لاقوه من صنوف تعذيب مسوخ البشر ، و هذا فقط ما هيّج شجني و ابتعث الألم في روحي المتبعثرة حيرة أن يكون هناك من الوحوش البشريّة منحرفون فكريّا و إنسانيّا حدّ تعذيب بشر مثلهم بناء على ما توجّهه عقائدهم و أيدلوجياتهم و عقدهم المزمنة القائمة على البغض و تكفير الآخر ، و بالتّالي فجلّ عمل أولئك المنحرفين هو الارتواء من آهات الأحرار التي زلزلت كيانات أولئك المرتزقة المأزومين أخلاقيا و عقائديا و إنسانيا رغم كرفتاتهم و رغم امتطائهم لحاهم التّكفيريّة فلم يسطيعوا إخفاء ذيولهم باعتبارهم ( بني كِلْب) ، و ليس بني آدم ،،
و هنا أقف بين كلوم الشّهيد و آهات الأسير لأكتب بحروف عميقة الجروح فبالأمس القريب حقائق تصعقنا عن اغتيال البطل : إبراهيم الحمدي ، و اليوم تنسكب من إناء القلب أحرّ الدمعات ممزوجة بأوجاع الرّوح المتشعّبة على من عاد من أسره و في روحه عطش يفوق ذلك العطش الذي كان يعذّبه به الرّخاص من المسوخ !! عطش لا يشعر به إلّا من سافر عبر فيافي الفقد فأنهكته الغربة فبعثرت روحه بين ذرات الحيرة و التّعجّب ؛ فقد خرج بعض رجال اللّه من كربتهم يشتاقون لرؤية آبائهم و أمهاتهم و أبنائهم و إخوانهم و أزواجهم ، و حين الحريّة يجد منهم من قد توفي والداه و استشهد أخوه ، فنراه لا ينتظر طويلا ، ولا يحتار ، ولا يأخذه التّفكير فانحناؤه ساجدا للّه هي ردّة فعله التي تبقى أكبر شاهد على تمكّن الإيمان من قلبه الطّاهر ،،
نعم : رأينا ذلك الأسد الجريح يسجد و في روحه من حرارة الشّوق التي أطفأتها مفاجأة و حقيقة أنّ أحبّ النّاس إليه قد رحلوا .. رأينا في تقاسيمه حرقة بحجم و وزن و قدر ما يلفح وجه الكرة الارضية وجعا أبيّا لا ينهزم فالسّجود للّه قوّة .
و هذه حكاية واحد من أولئك الأبطال ، و يعلم اللّه بتفاصيل حكايا سواه ،،
فيا إلهي كن لرجالك طبيبا ، كن شفاء و أنت أرحم الرّاحمين، ياربّ و كن طبيب الرّوح الموجوعة و اشفها حين لغبت و سغبت ؛ ففي أقلّ من أسبوع بكينا الحمدي ثمّ فرحنا عودة تيجان الرؤوس و خيرة الرّجال ، و يا ربّ فرحا لا ينقطع ، و السّلام .
أشواق مهدي دومان