الأممُ المتحدة مع الولايات المتحدة (1)
إب نيوز ٩ ديسمبر
لتزيدَ من حنَقِ الشعب اليمني في صنعاءَ والمحافظات والمناطق الواقعة تحت سلطة المجلس السياسي الأعلى، تسعى الإدارةُ الأمريكية -الراعي الأكبر للعدوان- لفرض عقوباتٍ جديدة على اليمن، وكعادتها لا تُقدم على اتّخاذ مثل هكذا إجراء إلا بعد أن تسوقَ له المبرّراتِ وتُمهّدَ له عبرَ أساليبها الشيطانية وأدواتها القذرة التي باتت واضحةً ومكشوفةً لدول محور المقاومة وقيادتها الواقفة بوعيٍ بحزم للتصدي لمشروع “الشرق الأوسط الجديد” الذي ما تزالُ الإدارات الأمريكية المتعاقبة حتى اليوم توصي السابقةُ منها اللاحقةَ بضرورة فرضه لتضمنَ به بقاءَ مصالحها غير المشروعة في المنطقة وحماية كيان العدوّ الإسرائيلي في المقام الأول.
اليومَ كُـلُّ المعطيات تشيرُ إلى استحالة فرض الولايات المتحدة الأمريكية لمشروعها على المنطقة عسكريّاً، وهي القناعةُ التي تولّدت لديها ولدى حلفائها أمام خمس سنوات من فشلهم في اختراق جدار الصمود اليماني الذي يقفُ خلفَه قائدٌ مُلهم وشعبٌ عظيم ورصيد كبير من الانتصارات الميدانية والتطور المتعاظم والمتسارِع لأسلحة ومنظومات الردع العسكريّة النوعية التي أثبتت فعاليتَها في عُمق عواصم دول العدوان وفي سماء اليمن وبرِّه ومياهه الإقليمية؛ ولذا فَإنَّ مستجداتِ المكر الأمريكي تشيرُ بوضوحٍ إلى أن الولاياتِ المتحدةَ الأمريكية بعد تلك القناعة التي تولدت لديها قد بدأت تدريجياً بإلقاء العصا؛ بهَدفِ البدءِ في فرض مشروعها بطريقة أُخرى هي أكثرُ إغراءً وخبثاً، حيثُ شرعت في تسليط الأضواء على أن الحَـلَّ للوضع المتأزم الذي تسبّبت به في المنطقة وبدءاً من اليمن لن يأتيَ إلا عبر “حمَامة السلام وَغُصن الزيتون”!!
نعم.. آفاقُ إعلان وقف العدوان على اليمن باتت أكثرَ وضوحاً، وتلك ثمرةُ صمود اليمنيين وتضحياتهم ولا ريبَ، لكن ما شأن قصة “السفينة الإيرانية” التي انبرى تحالف العدوان مؤخّراً للترويج عبر منابره الإعلامية أنه قام باعتراضها في عرضِ البحر ومصادَرة ما بحوزتها من أسلحة كانت في طريقها لمن أسماهم “الحوثيين”؟!
الجوابُ عن ذلكم التساؤل حولَ قصة “السفينة الإيرانية” هو تحديداً ما يؤكّـدُ ما أشرنا إليه من أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تُقدِمَ على فرض عقوبات جديدة على اليمن إلا بعد أن تسوّق له المبرّرات، وعلى الرغم من يقين الجميع بأنَّ خبرَ “السفينة الإيرانية” هو مُجَــرّد إشاعة كاذبة، بدليل عدم استنادها إلى أية أدلّة كمشاهدَ مصورةٍ لتنفيذ عملية احتجاز السفينة ومصادَرة ما عليها من أسلحة، إلّا أن هذه القصةَ المختلَقةَ هي المبرّرُ الذي عمدت إلى تسويقه الولايات المتحدة الأمريكية لفرض عقوبات جديدة على اليمن، وهنا يتبادِرُ إلى الذهن سؤالٌ آخرُ عن ماهية تلك العقوبات وعلاقتِها بهذه القصّة المختلَقة؟!
بما أن العقوباتِ الجديدةَ التي تسعى الولايات المتحدة لفرضها على اليمن هي ذاتُ علاقة بقصة السفينة المختلقة، فَإنَّها ولا شك تتمثل في عقوبات اقتصادية، غير أن المكر والخبث الأمريكي يستدعي -وكما عودتنا الإدارات الأمريكية المتعاقبة- أن يأكُلَ الثومَ بفم الأمم المتحدة، الفم الذي سيعلن -عمّا قريب- أولاً عن شكره وامتنانه للمساعي الإنسانية والجهود الكبيرة التي بذلتها الولاياتُ المتحدة الأمريكية ومعها المملكة العربية السعوديّة ودول التحالف والتي أَدَّت لوقف “الحرب في اليمن” وَ”الاعتداءات المتكرّرة من الحوثيين على دول الجوار”، وثانياً عن قرارٍ “أممي” يقضي باستمرار الحصار على الموانئ اليمنية وكافة المنافذ البرية والجوية لعدة سنوات قادمة؛ وذلك لضمان عدم استمرار إيران في تهريب الأسلحة لـ “لمليشيات الإرهابية” التابعة لها في اليمن!! ليغيبَ الوجهُ الأمريكي وتبقى صورةُ الأمم المتحدة هي الواجهة لهذه العقوبات.
ذلك ما نتوقّعه، وهذا ما تقوله المعطيات، وهو ما سيحصلُ إن لم تبادِرْ صنعاءُ بخطوات استباقية مرعبة ومزلزلة وماحقة لدول تحالف العدوان والمصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، ولتكُنْ رسالةً واضحةً من اليمن أنه دولةٌ ذاتُ سيادة لها الحَـقُّ في استيراد السلاح من “طهران” أَو من غيرها، فضلاً على أن تقومَ بتصنيعِه وتصديره لإيران وفلسطين وسوريا والعراق وللثوار ضد النظام السعوديّ المجرم والعميل في القطيف والمنطقة الشرقية.
قد يستغربُ البعضُ أن اسمَ “عفاش” لم يرد في هذا الجزء من المقال وأثناء الحديث عن موضوعه، لكنَّهم بمُجَــرَّدِ أن يعلموا أن اسمَه وأسماءَ عددٍ من أبنائه ستردُ في المقال القادم فَإنَّ استغرابَهم سيزولُ بِكُــلِّ تأكيدٍ.