المأزق السعودي في اليمن .. النفط مقابل العرش…!
إب نيوز ١٦ ديسمبر
محمد صادق الحسيني
في ظل الحديث المتواتر عن ما بات يسمى باحتمالات وقف الحرب على اليمن او فتح باب الحوار بين الرياض وصنعاء ومدى جدية قوى تحالف العدوان في هذا الامر
فان كل العلائم والقرائن والمؤشرات تفيد بزيف هذه الادعاءات كما تفيد مصادر وثيقة الصلة بالملف اليمني….!
و حتى نفهم تكتيكات نظام الرياض ونمط تعامله مع الحرب المفروضة على الشعب اليمني المظلوم والتي عمل النظام السعودي فيها بمثابة الاداة الطيعة بيد المعسكر الغربي المعادي لاستقلال اليمن وحرياته ننقل اليكم المشهدية السعودية كما هي في الميدان وكيف اسقطها الصمود اليمني الاسطوري …
1. كان الجنرال الإيطالي ، جوليو دوهيت Giulio Douhet ، هو اول من وضع نظرية القصف الجوي وأول من دعا الى صناعة قاذفات قنابل ، بهدف نقل الحرب والعمليات الحربيه الى عمق اراضي العدو وعدم اقتصار ذلك على جبهات القتال الحدودية ، كما كانت تدار الحروب حتى بدايات استخدام الطائرات في عمليات القصف الجوي ، خلال الحرب العالميه الاولى .
2. وهذا بالضبط ما طبقته السعوديه في تكتيكات عدوانها على اليمن ، منذ ٢٦/٣/٢٠١٥ . اذ انها بدأت حملة قصف جوي اشبه بالقصف الجوي النازي لبريطانيا ، ابان الحرب العالمية الثانيه وقصف طائرات الحلفاء للمدن الالمانيه ، منذ سنة ١٩٤٣ وحتى نهاية الحرب . ذلك القصف الذي لم يوفر لا شجراً ولا حجراً في كل انحاء المانيا .
فقد قام سلاح الجو السعودي والإماراتي والاسرائيلي ، بمساندة مباشرة امريكية بريطانية فرنسية ، بشن ما يزيد على نصف مليون غاره جويه منذ بدء العدوان حتى اليوم .
3. لكن نجاح الحكومه اليمنيه في صنعاء وقواتها المسلحه ، بمساندة حركة أنصار الله ، في استيعاب تأثير الصدمة ، الذي كان يرمي اليه السعوديون منذ اليوم الاول للعدوان ، والصمود الأسطوري للشعب اليمني العظيم قد افشل تلك المخططات تماماً .
4. ليس هذا فحسب ، بل ان القوات المسلحة اليمنيه قد بدأت ، ومنذ اليوم الاول في تطبيق تكتيك المناطق الحرام . اَي المناطق التي يمنع العدو من دخولها تحت اَي ظرف كان وذلك لمنعه من احداث خروقات عسكريه تؤسس لتصدع خطوط الدفاع للقوات المسلحه اليمنيه . وقد نجحت هذه التكتيكات نجاحاً باهراً ومهدت الطريق لخطوات هامة على مسارات العدوان على اليمن والتأسيس لإلحاق الهزيمة الاستراتيجيه بمنفذيه ،اي التحالف الاميركي الاسرائيلي السعودي .
5. وفي ظل الثبات في خطوط الدفاع ، قامت القوات المسلحه اليمنيه بتحديث مخزونها من مختلف الاسلحه ، الصاروخية منها والمدفعية الصاروخيه ، الى جانب وسائل الدفاع الجوي ، وبمساعدة بعض القوى العربيه ، التي لا ولن تعرفها قوى العدوان . والحديث هنا لا يجري عن ايران ولا عن الحرس الثوري الايراني .
مما ادى الى وصول صناعة الصواريخ اليمنيه الى مستوى من التطور العسكري الذي سمح لهذه القوات بفتح معركة نقل المعركه الى العمق السعودي ، وذلك عندما بدأ سلاح الصواريخ اليمني بقصف المنشآت السعوديه في مدن مثل الرياض وجده ، اضافة الى مدن الجنوب مثل أبها
وجيزان ونجران .
6. وقد ادى هذا التطور الى انتقال الجيش والقوات المسلحة اليمنيه من حالة الدفاع الإيجابي
المستميت الى حالة الهجوم الاستراتيجي ، باستخدام الصواريخ ، الامر الذي ادى الى اخراج سلاح الجو السعودي من المعركة تماماً ، من خلال ابطال مفعوله على الارض أولاً
ومن خلال بدء سلاح الدفاع الجوي اليمني بالتصدي لطائراته ، خاصة المروحيات وطائرات الاستطلاع ، ثانياً .
7. في حين شكّل الهجوم الجوي الصاروخي اليمني ، على مجمعات أرامكو السعوديه في ابقيق وخريص ، بتاريخ ١٤/٩/٢٠١٩ ، قمة النجاحات الاستراتيجيه، في مسار الهجوم اليمني الاستراتيجي المعاكس . ذلك الهجوم الذي دمر اجزاء كبيره من تلك المنشآت وأوقف نصف انتاج السعوديه من النفط .
ولعل من المهم التنويه بآراء العديد من الخبراء والمحللين العسكريين والسياسيين ، بمن فيهم الاسرائيليين ، الذين يعتقدون او حتى يؤكدون بأن السعودية تواجه مأزقاً حقيقياً في اليمن مما دفعها ، اكثر فأكثر ، الى التقرب من “اسرائيل “في محاولة منها لتشكيل تحالف اسرائيلي سعودي معاد لليمن وبقية أطراف حلف المقاومه . الامر الذي يرفض الانصياع لتبعاته صانعوا القرار في واشنطن وتل ابيب وذلك خوفاً من الخسائر التي قد تلحق بإسرائيل والمصالح الاميركيه في المنطقه ، في حال حصول اَي مواجهة اقليميه .
8. من هنا ، وبناء على ما تقدم ، فان المصادر الاوروبيه الدبلوماسيه والامنيه ، التي تتابع تفاصيل العدوان على اليمن ، تؤكد على ان سعي السعوديه ، الى الدخول في نوع من الحوار مع الحكومة اليمنيه وحركة أنصار الله ، لا يعبر عن تحول في خيارات الحكومة السعوديه وانما هو تعبير عن :
•عجز تحالف العدوان عن تحقيق اية نتائج ميدانيه وتيقنه من استحالة تغيير موازين القوى العسكريه في الميدان ، خاصة وان محمد بن سلمان قد تلقى تحذيرات ، من اكثر من جهة امريكيه واسرائيليه ، مؤداها ان استمرار العدوان سوف يجبر القوات المسلحة اليمنيه على توجيه المزيد من الضربات ضد اهداف استراتيجية سعوديه ، الامر الذي قد يؤدي الى شلل الدولة السعوديه .
•وهنا يبدو ان ثمة محاولة محكمة من بن سلمان لتامين فترة هدوء ، او فترة سماح كما يسميها البعض ، لتأمين بيع عملاق النفط السعودي ، شركة أرامكو ، اَي خصخصتها عن طريق بيعها لمستثمرين ماليين وبالتالي نقل ملكيتها من الدولة السعوديه الى مستثمرين مختلفين لا نستثني منهم لا الاميركي ولا الاسرائيلي . خاصة وان محمد بن سلمان يروج ، من خلال الالة الاعلاميه السعوديه الى ان قيمة أرامكو ، في أسواق
البورصه الدوليه ، ستصل الى ترليوني دولار .
وعلى ذمة محمد بن سلمان ، وفِي ظل عدم وجود اية معلومات موثوقة ، من جهات ماليه دوليه ، حول قيمة الحصه التي تم بيعها من أرامكو ، نقل وعلى ذمته فان هذه القائمه بلغت ستة وعشرين مليار دولار .
9. وبغض النظر عن القائمه الفعليه او الاسميه لهذه الشركة فان استمرار الضربات الصاروخيه اليمنيه سوف يقضي على فرص بيعها وبالتالي على فرص محمد بن سلمان في تقديمها قرباناً للسيد الاميركي على مذبح وصوله او إيصاله الى العرش السعودي . الامر الذي يدفع الكثيرين من الخبراء لتحذير الجانب اليمني في صنعاء من الوقوع في فخ الهدنة ، سواءً المؤقته او الطويلة الامد ، خاصة وان من يخطط لبن سلمان هم خبراء أمنيون اميركيون واسرائيليون يجيدون اضاعة الوقت وخلق الأوهام والكثير من السراب دون الوصول الى اَي هدف .
10. لذلك فانهم يَرَوْن بان مواصلة الهجوم الاستراتيجي اليمني هو الطريق الأضمن والأقصر لوقف العدوان ورفع الحصار عن الشعب اليمني وبالتالي هزيمة العدوان ورد السيف الى نحره وتحرير كل شبر من ارض اليمن من قوى العدوان وصولا الى تحرير الركن اليماني من العلو والاستكبار السعودي كما هو حلم كل يمني منذ عقود .
لكل نبأ مستقر ولكن يعلمون
بعدنا طيبين قولوا الله