عن الهوية اليمنية والعربية..هذه هي المؤامرة ؟!
إب نيوز ٢٢ ديسمبر
بقلم /الشيخ عبدالمنان السنبلي.
بصراحة أنا لا أؤمن بنظرية المؤامرة لأنه فعلاً لا أحد يتآمر علينا، فنحن العرب في الحقيقة من نتآمر على أنفسنا وعلى قيمنا وثقافتنا وعلى ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا أيضاً !
الغرب الذي نتهمه بالتآمر علينا لا يتعامل معنا أصلاً إلا بالطريقة التي أردناها نحن لانفسنا، فهل نسمي هذه مؤامرة ؟!
نعم الغرب هو من اخترع كل شئ وقدمه لنا كما قدمه لنفسه، فهل هذه مؤامرة ؟ أم أننا نحن من نسئ استخدام كل شئ ؟
كانت لكل قُطْرٍ عربيٍ منا على سبيل المثال قناةٌ تلفزيونيةٌ أو اثنتان على أكثر تقدير تأخذنا في ساعاتٍ محدودةٍ طوال اليوم إلى أكثر من بستانٍ وتقطف لنا من كل واحدٍ منها زهرةً واحدةً أو اثنتين حتى غدت عقولنا وأفكارنا حدائق زهورٍ ومشاتل ورودٍ متنوعة وعبقة !
أما اليوم وقد أصبح لدينا ما شآء الله بفضل تكنولوجيا الغرب طبعاً مئات القنوات الفضائية التي تبث على مدار الساعة وتتنقل في أوساطها بضغطة زرٍ واحدة فقط، إلا أننا ومع هذا لم نعد نرى بستاناً ولا نشتم زهرةً أو نجد لها عبيرا .. لماذا ؟!
بدلاً من أن نجعل منها روافع بناءٍ للمعرفة والثقافة والقيم والاخلاق جعلنا منها معاول هدمٍ ناعمةٍ لكل ماسبق حتى غدت تسعةٌ وتسعون في المائة منها لا تجيد شيئاً كما تجيد الهدم إلا ما رحم ربي !
وبدلاً من أن نجبر أنفسنا على متابعة كل ما فيه خيرٌ لنا وفائدة أطلقنا لشهواتنا العنان وذهبنا لا نتابع من هذه القنوات إلا كل ما يسوقنا ويأخذنا إلى مستنقع القاذورات ومكبات النفايات حتى انعدم الحياء وتلاشت الغيرة، ثم نتحدث بعد ذلك عن المؤامرة ؟!
كذلك عالم الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي، فبدلاً من أن نستغل هذه الوسائل لما يزيد من نسبة الوعي لدينا وينمي المعرفة ويقوي أواصر المحبة والألفة وتبادل الأفكار والمعلومات صرنا نستخدمها للأسف الشديد في كل ما يزيدنا سقوطاً وانحطاطاً قيَمياً ومعرفياً وأخلاقياً، فصنفٌ لا شغل له سوى تتبع المواقع الرخيصة والساقطة ومشاهدتها وإعادة تدويرها ونشرها، وصنفٌ ثانٍ لا يجيد شيئاً كما يجيد التفنن في انتقاء وتبادل عبارات السب واللعن والتجريح والتخوين وإعادة توجيهها وتصويبها في اتجاهاتٍ مختلفةٍ ومتعددةٍ تماماً وبحسب حالة الطقس والمناخ السياسي المتموج لديهم طبعاً، وصنفٌ ثالثٌ غارقٌ في عالمٍ افتراضيٍ آخر، فتجدهم إما مغرمين بمتابعة كرة القدم آناء الليل وأطراف النهار وإما مولعين بتبادل النكات والضحكات على مدار الساعة وإما مدمنين ألعابٍ إلكترونيةٍ أو متابعين مسلسلات أطفالٍ على كبر سنهم طبعاً، وصنفٌ رابعٌ وخامسٌ .. وهكذا للأسف الشديد أصبحنا نمضي حياتنا ونعيش أوقاتنا !
يكفي أن تلقي نظرة واحدة فقط على أعداد متابعي ومشاهدي فيديو واحد (لمريام) فارس مثلاً أو (أحلام) أو (أليسا) أو أو .. وتقارنه بأعداد متابعي ومشاهدي أحد الفيديوهات لاحد مفكري وعباقرة الأمة كالبردوني مثلاً أو مصطفى محمود أو العقاد أو أو .. وستعرف عندها حجم الكارثة وقدر المأساة !
يعني في إسبوعٍ واحدٍ فقط تحصد (مريام) فارس أو (أحلام) عشرات الملايين من المتابعين والمعجبين وهذا الرقم في ازديادٍ مطرد طبعاً، بينما لا يجد البردوني أو مصطفى محمود أو العقاد أو أو .. من يتابعهم طوال عشرات السنين سوى بضعة آلافٍ فقط ! ثم يأتي بعد ذلك من يحدثنا عن المؤامرة !
عن أي مؤامرةٍ تتحدثون يا هؤلاء ؟
المؤامرة الحقيقية يا محترمين هي أن يأتي فتىً بعمر عبدالملك الحوثي مثلاً يريد أن ينتشلكم من هذا الانحطاط والسقوط فتقفون في وجهه وتقولون : كاهنٌ كذاب !
أعرف أن البعض سيقول عني في هذه اللحظة : صبئ الرجل ! لا .. اطمئنوا أنا ما صبأت ولكني أهتديت إلى الحقيقة من واقع متابعةٍ وترقب عن كثب .
المؤامرة يا حلوين هي أن يأتي مراهق بحجم بن سلمان أو بن زايد يريد أن يكرس فيكم هذا الإنحطاط والسقوط باستحداث المزيد من وسائل وأماكن اللهو والإغواء والإنحلال فتقفون في صفه وتقولون : أمير المؤمنين وواجبٌ طاعته حتى وإن أخذ مالك أو جلد ظهرك !.
يعني رجل جاء يدعو الناس إلى العودة إلى الله ومعرفة العدو الحقيقي للامة فيعرضون عنه ويحاربونه، ورجل جاء يدعوهم إلى أندية القمار وحانات الخمر والبارات والمراقص فيستجيبون له، ثم بعد ذلك نتسائل بين هذا وذاك أين تكمن المؤامرة !
فهل عرفتم أين تكمن المؤامرة ؟!
ألسنا أنفسنا نحن .. المؤامرة ؟!
24/11/2019
#معركة_القواصم