هل ترحيب الجبيربسعي موسكو لتطبيع العلاقات بين دول الخليج وايران تفويض بالوساطة الروسية؟ومااسباب مرونة السعودية…
إب نيوز 27 مايو
هل ترحيب الجبير بسعي موسكو لدعم تطبيع العلاقات بين دول الخليج وايران هو تفويض بالوساطة الروسية؟ وما هي اسباب هذه المرونة السعودية المفاجئة؟ وما هي انعكاساتها المتوقعة على الملف السوري؟
عبد الباري عطوان
لا تسعى الدول الخليجية هذه الايام الى “تنويع″ مصادر دخلها، بسبب التراجع الكبير في اسعار النفط، وانكماش عوائده فقط، وانما ايضا الى تنويع الحلفاء في ظل “عقوق” الحليف الامريكي الذي فضل رفع الحماية عنها، والذهاب الى طهران، كحليف مستقبلي.
الاجتماع الرابع للحوار الاستراتيجي بين روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي الذي انعقد على مستوى وزراء الخارجية في موسكو اليوم يأتي تطبيقا للتحول الاستراتيجي الخليجي الجديد، فهناك شراكة في ميادين النفط وانتاجه وتصديره، وارضية للتعاون في مجالات الاستثمار، والتسليح، والشؤون السياسية المشتركة ايضا، وفي الملف السوري خاصة.
نقطة الخلاف الرئيسية في الاجتماع كانت محصورة بين الجانبين الروسي والسعودي في الملف السوري، ومستقبل الرئيس بشار الاسد، فالسيد عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي، ما زال متمسكا بضرورة رحيل الرئيس الاسد فور بدء العملية الانتقالية، بينما لا زال نظيره الروسي متصلبا في رأيه بأن هذه المسألة شأن داخلي سوري، ومن حق الشعب السوري وحده ان يبت فيها.
***
موقف السيد الجبير هذا ينطوي على تناقض كبير، ففي الوقت الذي يشتكي فيه من تدخل ايران في شؤون دول عربية وخليجية اخرى، ويطالب موسكو بتأييد هذا الموقف، ينسى في غمرة انشغاله في الملف السوري ان بلاده تفعل الشيء نفسه في سورية واليمن والعراق وليبيا، ويبدو انه وحكومته ينسيان هذه الحقيقة، ويحتاجان الى من يذكرهما بها بين الحين والآخر.
والغريب ان هذا الموقف السعودي حول مصير الرئيس السوري تجاوزته الاحداث والتطورات الجارية حاليا على الصعد كافة في سورية، سواء السياسية منها او العسكرية، فالعملية السياسية التي من المفترض ان تؤسس للمرحلة الانتقالية، وتؤطر الحل السياسي للازمة السورية “مجمدة”، او اسيرة غرفة العناية المركزة، والمشهد العسكري يشهد حاليا هجومين ضد “الدولة الاسلامية”، الاول تنفذه قوات الجيش العراقي، مدعومة بـ”الحشد الشعبي”، وبهدف استعادة الفلوجة تمهيدا للانفضاض على الموصل، والثاني تقوده قوات الجيش الديمقراطي السوري الكردية، لاخراج هذه “الدولة” من عاصمتها في الرقة، ولا علاقة لدول الخليج في هذين الهجومين، لا من قريب او من بعيد، غير البكاء على اطلال هاتين المدينتين اعلاميا، وافساح المجال على شاشاتها لبعض الفتاوى وشيوخها لذرف الدموع.
التطور الاحدث واللافت الذي يمكن استخلاصه من ثنايا لقاءات موسكو، وهو استجابة الوزير لافروف للايحاءات الخليجية بالقيام بدور وساطة لحل الخلافات مع ايران، فالسيد الجبير وبعد ان عبر عن القلق من تدخل ايران في شؤون دول المنطقة، اكد “ترحيب دول الخليج بسعي موسكو لدعم تطبيع العلاقات الايرانية الخليجية”.
الطرف الروسي هو الاكثر تأهيلا لفتح قناة حوار بين طهران والعواصم الخليجية الاخرى، والرياض على وجه الخصوص، بسبب علاقاته التحالفية القوية مع طهران، واذا اقدمت الدبلوماسية الروسية على رعاية مثل هذا الحوار، في السر او العلن، فانها تحقق بذلك اختراقا كبيرا في معظم ملفات المنطقة الملتهبة، ومن بينها الملف السوري.
***
الرغبة السعودية في الحوار مع طهران لم تنعكس في استعداد لافروف للمساعدة في تجاوز الخلاف بين دول الخليج وايران فقط، وانما في المرونة التي طرأت على الموقف السعودي في الايام والاسابيع الاخيرة التي تصب في هذا الاتجاه، فمن تابع الانفراج الكبير في قضية الحجاج الايرانيين، وتوصل السعودية الى اتفاق مع السلطات الايرانية ينهي مقاطعتها وحجاجها لموسم الحج، بفضل تخلي السعودية عن شروطها في هذا الاطار، ومن بينها حصول الحجاج الايرانيين على تأشيرات الحج من دولة ثالثة، يدرك التوجه السعودي الايجابي لتوسيع قنوات الحوار مع ايران.
السيد الجبير قال ان اكثر ما يزعج بلاده هو عدم احترام ايران مبدأ حسن الجوار، ومن المؤكد ان موسكو، لما لها من علاقات طيبة معها، اي ايران، ربما تعمل على تغيير الموقف الايراني في هذا الصدد، او هكذا نعتقد.
نتوقع ان تتحول ايران قريبا الى دولة جارة تحظى بالاحترام في نظر السيد الجبير وحكومته، وان تنتقل من خانة الاعداء الى الاصدقاء، تماما مثلما حدث مع الحوثيين، الذين كانوا قبل بدء الحوار اليمني في الكويت رافضة ومجوس وعملاء للفرس، يجب القضاء عليهم واجتثاثهم ولا حوار معهم، وليس امامهم الا الاستسلام دون شروط، والايام بيننا.