عظماء يحلقون في السماء
إب نيوز ١٧ يناير
حوار / أشجان الجرموزي
الأسر العظيمة تجود بكل ماتملك لاتستثنِ أي شي تقدم المال والرجال تقدم الممتلكات ومايعز على النفس البشرية أن تقدمه ، عرفوا الله حق المعرفة فجازاهم خير الجزاء فكانوا نعم من باع وكان الله خير من اشترى، ثبتوا على العهد وسقوا بدماءهم أرضهم التي أجدبها عشاق الحياة وزرعوا فيها ثمار الإيمان ليحصدوا بفضل الله عزاً وكرامة ليذوقوا رغد العيش الأبدي وتزال عن أعينهم غشاوة ملذات الدنيا الفانية ولا تبقى قلوبهم إلا معلقةً بالله وبوعوده التي لا تبلى ولاتتراجع….
اليوم وفي ذكرى الشهيد كان لنا لقاء مع تلك الأسرة العظيمة التي جادت بعظماءها وأطلقت العنان للأمة الإسلامية لتستنشق، عبق الحرية وتتحرر، من قيود الظلم والاستبداد، فكان لقاؤنا مع زوجة الشهيد السيد إبراهيم بدرالدين الحوثي لنبحر معاً في سيرته العطرة وذكريات عبقة تظل تروى جيلاً بعد جيل……
بداية نرحب بك أهلاً ومرحباً بك ونشكرك على إتاحة لنا الفرصة من وقتك؟
أهلاً بكم ونشكركم على هذا اللقاء
حدثينا عن الشهيد إبراهيم الحوثي، ومتى كانت انطلاقته ؟
الشهيد إبراهيم بدرالدين الحوثي ولد في محافظة صعدة في مران عام 1978 م ونشأ في قرية آل الصيفي استشهد وهو في بداية عقده الرابع من العمر
نشأ سلام الله عليه في أسرة علمية جهادية كانت أسرته من أعظم الأسر جهاداً وصبراً وتحملآ للمشاق والمعاناة في سيبل الله والدفاع عن المستضعفين فقد كان والد الشهيد سلام الله عليه مجاهداً عالماً زاهداً فقد علم الأجيال وتربى وتعلم الشهيد في كنفه وعلى يديه العلامة السيد بدر الدين الحوثي، وقد تعلم منه الجهاد والصبر والتضحية، والتحق بحلقات العلم وتعلم على أيدي بعض العلماء الكبار وكذا والده وأخيه الشهيد القائد ، وكان مستقره في آل الصيفي منذ صغره وتعلم فيها ودرس في مدرسة الأمام الشافعي وكان يحبها جداً ولايرغب في مفارقتها.
كانت بدايته مع والده فقد كان رفيق والده السيد بدرالدين وملازماً له وتعلم على يديه كما ذكرت ، فكانا يجتمعان معاً لدراسة الملازم حتى تيقنوا أن هناك ظلم كبير وغفلة كبيرة وأدركوا أين يكمن الحق من الباطل ، كان شجاعاً لايهاب اي شي تتسم شجاعته في حديثه ومواقفه الثابتة، ولأنه عرف الحق أين يكمن انطلق مع أخاه الشهيد القائد السيد حسين بن بدرالدين الحوثي ، وكان معه عندما تحاصر في الجرف وكان متأثراً جداً بجراح أخيه ، بالرغم من أنه انغرزت في جسده العديد من الشضايا إلا أنه كان همه الوحيد سلامة أخيه ، وعندما استشهد تأثر بشهادته كثيراً .
هل شارك في بقية الحروب الست أم أن جراحه أو سبب أخر حال دون مشاركته؟
بعد الحرب الأولى كان متأثراً كثيراً بجراحه فقد اخترقت الشضايا جسده وأصبح الألم لايفارقه لكن عزيمته لازالت قوية جداً ، كان قد أسر في جرف سلمان وتم أخذه إلى الامن السياسي ، ومن ثم تم الافراج عنه بعد مدة وعاد للجهاد ومن ثم تم أسره للمرة الثانية ووضعه تحت الإقامة الجبريةفي صنعاء من قبل الحكومة السابقة حتى يتسنى لهم مراقبة تحركاته أما قبل نشوب الحرب الرابعة كان ألم الشضايا قد فتك بجسده فأراد السفر إلى مصر لاستخراج الشضايا لكن النظام السابق قام باعتقاله في المطار قبل سفره وظل قابعاً في السجن لما بعد انتهاء الحرب السادسة..
أما عن طبيعة عمله فقد كان عمله كله في سبيل الله في الجانب الثقافي والتربوي ثم إشراف عام في غمر وبعد غمر انتقل إلى باقم ومن بعدها إلى ضحيان ومن ثم عدنا إلى آل الصيفي وقبل العدوان بفترة تم نقل عمله إلى العاصمة صنعاء، وكان في طليعة المشاركين في ثورة ال21 من سبتمبر.
ماهي أبرز توجهات السيد إبراهيم سلام الله عليه عند اندلاع ثورات الربيع العربي إلى أن بدأ العدوان الغاشم على اليمن؟
كان الشهيد إبراهيم رجلا متواضعاً ساعياً لخدمة الجميع والإحسان لكل من يعرفه فحاز على محبة وتقدير الجميع وأصبح له صيت ووجاهة عند كل من عرفه ، وعندما بدأ التصعيد الثوري وتجمع الثوار حول صنعاء تحرك بطريقة استثنائية مستغلاً وجاهته في استقطاب الضباط وقادة الألوية والمشائخ والوجاهات القبلية والأفراد والترتيب معهم للخطوات القادمة إذ أنه تطلب الأمر دخول صنعاء لإزالة رموز النظام الفاسد وكان سعيه مثمراً جداً
فعند اقتحام الفرقة في صنعاء في ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر كان لجهده وجهد المخلصين أمثاله الأثر الكبير في تحييد الجيش عن الحرب ضد الثوار مما ساعد في السيطرة السريعة بأقل الخسائر وبزمن قياسي ولم يألوا جهداً في الجلوس مع قادة الجيش والمسؤولين والمشائخ بعد دخول صنعاء لتوحيد الصف والكلمة ، وأيضاً كانت قد أُفشلت محاولة اغتياله في تلك الثورة.
أما مع بدء العدوان الغاشم على اليمن فقد تواجد في جبهات الحدود ونهم، ومن ثم حمل على عاتقه الجانب التثقيفي ، وأيضاً كان يزور العديد من الجبهات ويرفع من معنويات المجاهدين وكان يحاول جاهداً امتلاك وتطوير الأسلحة لصد هذا العدوان ويحث الجميع على الثقة بالله ومزيداً من الانتصارات .
حدثينا عن أهم المواقف التي حدثت مع الشهيد او صادفته سواء داخل السجن أو في ميدان الجهاد ؟
بالنسبة للمواقف فالشهيد سلام الله عليه كان كتوماً لايحب اخبار أحد بما جرى أو يجري معه ، ولكنني أعتقد أنه تعرض للتعذيب في السجن فكلما كنت اسأله كان لايجيب..
وله مواقف شهامة فقد كان قريب من القوي والضعيف ، وكان أكبر همه الفقراء والمحتاجين ومساعدتهم وأسر المرابطين والجرحى والشهداء أيضاً ، رحيله شكل فراغ كبير لمن كان يعتبر بالنسبة لهم المدد، والعون بعد الله فكان يساعد في دفع ايجارات بعض المستضعفين ويدعمهم بمواد، غذائية ومبالغ عينيه الآن وبعد رحيله رأيت تلك الأسر مكلومة بعده، ولا تقدر على مكافحة شحة الامكانيات والظروف القاهرة في ظل هذا العدوان
وهناك موقف حدث معه قبل العدوان هو أنه كان يملك سيارة عادية فمع ثورة سبتمبر تحرك بها من صعدة إلى صنعاء وكان بمفرده وكانت دائمة التعطل فأخبرني آنذاك أنه حمل عليها ركاب ولم يصبها أي عطل لافي الطريق ولا بعده، فقال إن عمل الخير تمنع الابتلاءات والمصاعب
وكان يحرص حرصاً كبيراً على زيارة الجرحى والرفع من معنوياتهم .
كيف كان استشهاده وبماذا كان يوصي سلام الله عليه ؟
كان الشهيد دائم العمل دؤوب لايكل ولايمل حتى أنه لم يكن يجد إلا الوقت القليل للجلوس معنا أنا وأطفاله لكثرة انشغاله وعدم اغلاقه للهاتف نهائياً وكان يقول إذا أخبرته بأن يغلق هاتفه ليرتاح بأنه ليس منطقياً وليس مناسباً أن يعطل أعمال أي أحد بسبب راحته
وفي يوم لقاءه بأمنيته التي لطالما، تمناها وكان يرد على من يعلنون استشهاده بأن الشهادة أمنية يأمل أن تتحقق في القريب العاجل فذهب وبرفقته أخي فقد كان لديهما عمل في العاصمة صنعاء بتاريخ 9/8/ 2019 ولكن فجاءتهما رصاصات الغدر والحقد لتسقط أجسادهم مضرجة بالدماء الزكية الطاهرة ولتسمو أرواحهم في سماوات العلى محلقة في رحاب الله وملتحقة بركب الذين سبقوهم إلى حياة الخلود فهنيئاً هنيئاً لهما فما رحيلهما ولو امتلأالقلب وجعاً إلا أنه فوز كبير ووفاء من الله بعهده للصادقين الصابرين المتوكلين على الله في كل أمورهم ” ومن أوفى بعهده من الله ”
كان يوصيني سلام الله عليه أن نسير على نهج هذه المسيرة القرآنية وأن نكون مجاهدين وأن نحاول بكل جهدنا ان ننصر دين الله وكذلك بشأن أطفاله كان يوصيني دائماً أن أربيهم على نهج هذه المسيرة القرآنية وأن أشجعهم من أجل أن يكونوا شجعان لايهابوا أي شي وكان يوصيني أن أتصدق للفقراء والمساكين.
وكذلك كان دائماً يوصيني بأنه إذا استشهد لا يدفن سوى في آل الصيفي لشدة ماكان يحبها ومتعلق بها…
كلمة أخيرة أو رسالة توجهونها؟
رسالتي للشهداء سلام الله عليكم أيها الشهداء الأبرار سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار هنيئاً لكم هذا المقام الرفيع مع الأنبياء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وإنا إن شاء الله على دربكم ماضون و إن شاء الله بكم لاحقون ونسأل الله الثبات على نهج هذه المسيرة القرآنية فسلام الله عليكم أيها الشهداء صحيح أن فقدكم صعب وفراقكم أصعب لكن كلما افتقدناكم تذكرنا فاجعة كربلاء فأين نحن منهم ومن تحملهم وصبرهم وعطاءهم أسأل الله التوفيق وأسأل الله أن ينصرنا ويحفظ قائد المسيرة القرآنية السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله.
سيظل الشهداء هم وسام الأمة وهم الحرية النابعة من براثن الظلم ، والخالدين التي لا تندثر سيرهم ولا تبلى في أي زمان ومكان…
شهداؤنا بكم عرفنا الحرية بكم حفظنا الكرامة بكم نفخر ويزخر الوطن ، من فيض عطاؤكم تبددت سحابة الاستبداد وسطعت شمس العزة والشموخ وبفضل الله ثم بفضل دماؤكم الزكية استطاع الوطن أن يشرق بالنصر من جديد.
هنيئاً لكم طبتم وطاب مقامكم…..